التربية عند ابن خلدون

ابن خلدون

أحد الفلاسفة المميزين ذوي البصمة الواضحة والجلية في العلوم كافة، ويُعد ذا مساهمة كبيرة وفعالة في مجال علم التربية على الرغم من أن علم التربية آنذاك لم يكن علمًا أكاديميًّا مستقلًا بذاته مثل وقتنا الحالي.


درس ابن خلدون العلوم اللغوية والنحو وتعلمها، وتعلم القرآن الكريم بقراءاته السبعة، كما تعلم الفلسفة والمنطق على يد مجموعة من كبار العلماء في تونس كأبي عبدالله الأبلي، وتوفي ابن خلدون في عام 1406م مخلّفًا وراءه العديد من المؤلفات الغنية كمقدمته وكتاب "شفاء السائل" وغيرها من المؤلفات العديدة التي لم تصل إلينا.[١]


أُجريت العديد من الدراسات والأبحاث حول فكر ابن خلدون التربوي، إذ يمكن تلخيص أفكاره في مجال التربية في التالي: "العلم بالنسبة إلى ابن خلدون ينقسم إلى علمين؛ العلم العقلي والعلم النقلي، إلى جانب ضرورة التدرج في العملية التعليمية بدءًا من المحسوسات، ثم التدرج إلى الملموسات، تعليم الصبي يكون ببعض السور القرآنية وبعض الأشعار لحين تقويه ملكة الحفظ لديه.[٢]


معايير المعلم بالنسبة لابن خلدون

خلال تحديد ابن خلدون للمنهج التربوي أورد العديد من الشروط الدينية والدنيوية التي ينبغي على أطراف العلمية التربوية من معلم ومتعلمين التحلي بها لضمان نجاح العملية التربوية، ومن الشروط الواجب على المربي أو المعلم التحلي بها ما يلي:[٣]

  • الإلمام بالمبادئ العلمية وتجنب الشدة على الأفراد المتعلمين: يُعد المعلم عنصر العملية التربوية الأساسي، إذ إنه المخلص للنفس من جهلها بالعلوم، فالمعلم كما يراه "الغزالي" ذو مهنة أصعب من مهنة الطبيب نظرًا لأن المعلم يتصرف بعقول الأفراد وقلوبهم وليس في أجسامهم فحسب، كما يجب على المعلم امتلاك القدرة والكفاءة على التعليم مع تجنب الاستبداد أو الغلظة المنفرة للمتعلمين، كما يجب على المربي امتلاك الثقافة العامة التي تمكّنه من إفادة الأطراف المتعلمين في شتّى المجالات الحياتية، ولا يجب تجاهل أهمية الإلمام بطرق التعليم ومهاراته التي توجب عليه التوقف عند مسائله واستنباط فروعه من أصوله ليكون بإمكانه تحقيق الأهداف التعليمية والازدهار بالعلم، ويشير ابن خلدون إلى أن العملية التعلمية صناعة كسائر الصناعات، إذ إن نجاحها أو فشلها مرتبط بالقائمين عليها، لذا المعلم هو سند تلك الصناعة، ومن الجدير بالذكر هنا أن هذا المبدأ يُعد واحدًا من أبرز الاهتمامات والأولويات بالنسبة للمشرفين على قطاع التربية والتعليم في أيامنا الحالية، إذ عهدت وزارة التربية والتعليم إلى توسيع وتجديد المعلومات والثقافة الخاصة بالمربيين وشرعت إلى تدريبهم على كيفية استخدام الوسائل التكنولوجية وتضمنيها في العملية التعليمية.
  • الانتقاء والإيجاز الحسن والمفيد الذي يصب في صالح العملية التربوية: أشار ابن خلدون إلى ضرورة الإيجاز وعدم الاستكثار من العلوم الآلية كعلم النحو على سبيل المثال، إذ لا يُفضل التوسع فيه لأن التعمق في بعض المسائل المقفلة يخرجها عن المقصود، إذ إن الهدف وراء علم النحو اكتساب المقدرة على تحديد صواب الكلام من أخطائه وإصلاح ألسنة الأفراد وتخليصهم من الأخطاء.
  • مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين: دعا ابن خلدون المربيين إلى ضرورة مراعاة فوارق المتعلمين الفردية، فيوجد عدد من العوامل التي تلعب دورًا كبيرًا في تحديد حجم التعلم كالعوامل البيئية والنفسية والجسدية، الأمر الذي يؤدي إلى اختلاف حجم التعلم ما بين فرد وآخر، إذ إن الإفراد يتفاوتون في معدّل الذكاء وفي القدرة على الفهم والاستيعاب.

المراجع

  1. جورج أبو الدنين (2008-9-2)، "الفكر التربوي وابن خلدون"، دنيا الوطن، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-27. بتصرّف.
  2. بهاء أبو شقة (2019-2-2)، " التربية عند ابن خلدون "، الوفد، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-27. بتصرّف.
  3. فاتح زيوان (2006-5-12)، "المنهــج التربـوي عنـد ابن خــلدون "، ديوان العربي، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-27. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :