كيف نحارب الرشوة

كيف نحارب الرشوة

الرشوة

تُعرَّف الرشوة بأنها ما يُعطى بهدف إبطال الحق أو إحقاق الباطل، وهي من الناحية الشرعية محرمة، كما أنها من الكبائر التي يُعاقب عليها الإنسان يوم القيامة، ومما لا شكَّ فيه أنَّ أخذ الرشوة هي أكل الحرام، وذم الله عز وجل ذلك الصنف من الناس الذين يتعاملون بالرشوة، كما قبَّح تصرفاتهم أشد قبح، والرشوة في عموم الأمر سبب للعنة خاصة إذا شاعت في المجتمعات، لأنها تُضيع حقوق الناس، وتنشر الظلم والباطل والفساد في المجتمع، ووفقًا لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنَّ المرتشي يلقى عقوبة، ويلحقه الإثم، لذا فإنها من الأفعال المحرمة، وبالنسبة للدافع فإنَّ فيها تفصيل، وهي حرام في حقه بغض النظر عما إذا كانت مدفوعة لاقتطاع حق له أو لغيره أو لظلم شخص ما[١]، وهي قد تكون في الأموال أو الممتلكات أو الامتيازات أو الأجور أو التصويت، لذا فإنَّ كثير من المؤسسات والأشخاص يبحثون عن أفضل الطرق المتبعة لمحاربتها، ولمعرفة ذلك إليكم هذا الموضوع[٢].


محاربة الرشوة

يُمكن محاربة الرشوة من خلال مجموعة أمور، وهي كما يلي[٣]:

الوقاية من الرشوة

تُعد الوقاية من الرشوة من العلاجات الناجحة للغاية، وعامةً فإنَّ تلك الوقاية تقضي على جميع الجرائم والأمراض قبل وقوعها، ويكون ذلك من خلال الطرق التالية:

  • نشر الوعي الديني بين أفراد المجتمع: إنَّ تعليم الناس جميع الأحكام الدينية وترسيخ الاعتقاد بأنَّ الله عزوجل يضمن الأرزاق لمخلوقاته من أهم الطرق التي تقي المجتمع من الوقوع في الرشوة.
  • التوعية الكاملة بأضرار الرشوة لأفراد المجتمع من خلال وسائل الإعلام: فإنَّ تبصير الناس وتوعيتهم من وقت لآخر بالأضرار التي تعود على الفرد والمجتمع من الرشوة من المسائل المهمة جدًا فيما يتعلق بالوسائل الإعلامية المرئية والسمعية والمقروءة والمساجد والمدارس والجامعات، لذا يتوجب تحذير الناس من جريمة الرشوة من خلال عرض النماذج المدمرة التي كان سببها الرشوة سواءً في المنازل التي انهارت على أصحابها نتيجة المخالفة لما قررته الدولة أو من خلال نماذج الأفراد الذين أصابتهم الأمراض بسبب تناول مواد غذائية فاسدة أو أدوية ذات صلاحية منتهية.
  • الاهتمام بتعيين الموظف المناسب في المكان المناسب: إنَّ حسن اختيار الموظف الجيد والكفؤ وكونه تقيًا وورعًا من أهم طرق الوقاية من الرشوة، وإذا كان الموظف على عقيدة سليمة ومعروف بالصلاح والأمانة والعفة والعلم ومشاورة أهل الرأي ولديه خبرة في مجاله العملي الذي يقوم به فإنَّ المجتمع سيشعر بالرفاهية والعمل الاجتماعي.
  • العمل على تحقيق التوازن الاقتصادي وعدالة توزيع الثروات بين أفراد المجتمع: إنَّ وصول الحقوق لأهلها دون محاباة أي فرد من الأفراد على حساب الآخرين والتزام ولاة الأمر بالعدل في توزيع الثروات الخاصة بالبلاد من الطرق الوقائية لمحاربة الرشوة.

الطرق العلاجية للرشوة

تُعد جريمة الرشوة من الأشياء التي لا يوجد لها أي عقوبة في الشريعة الإسلامية، ويعود سبب ذلك إلى أنها من العقوبات التعزيرية التي يختار لها الحاكم عقوبة تتوافق معها مع ضرورة مراعاة الأحوال التي تقضي على التشديد في العقوبة أو التخفيف عنها والظروف التي حصلت فيها والدوافع منها، وعامةً يُمكن جمع وسائل التعزير من خلال الطرق التالية:

  • التعزير بالمال: إنَّه من المعلوم أنَّ الإنسان يحب الأموال ويبذل قصارى جهده في الحصول عليه، والمرتشي لا يقبل بها إلا للحصول على المال، لذا يتوجب فرض عقوبة مالية عليه تتناسب مع حجم الرشوة، وهذا يكون من العلاجات الحاسمة بهدف القضاء على الجريمة.
  • التعزير بالحبس: إذا رأى الحاكم أنَّ الحبس فيه عقوبة تعزيرية رادعة للمرتشي فإنه يجوز له الحبس، لأنَّ عقوبة الحبس من الأشياء المشروعة في الديانة الإسلامية.
  • العزل من الوظيفة: يُمكن لولي الأمر عزل الموظف الذي ارتكب جريمة الرشوة واستغلال الوظيفة بهدف الحصول على المال حتى يكون المرتشي عبرةً لغيره من الموظفين الذين يتبعون طريق الضلال بهدف الحصول على الأموال من طريق ضلال وبهتان، وقد عزل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واتبعه الخلفاء الراشدين.
  • التشهير: يُقصد بالتشهير إعلام الناس بالجريمة التي يقوم بها المتهم، وإذا لم يزجر من ارتكب جريمة الرشوة ولم يستمع للنصيحة فمن الممكن لولي الأمر التشهير بالمرتشي أمام الناس زجرًا له ولأمثاله، ويكون ذلك من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، والإنسان بطبعه يخاف من التشهير أمام الناس خاصة إذا كان له زوجة وأولاد أو كان من أبناء العائلات المعروفة في المجتمع، وفي عقوبة التشهير عقوبة معنوية رادعة على جريمة الرشوة.


أسباب الرشوة

توجد الكثير من الأسباب التي تؤدي للرشوة، وأهم تلك الأسباب ما يلي[٣]:

  • ضعف الشعور الديني لدى كل من الراشي والمرتشي: إنَّ الذي يُقبل على تلك الجريمة إذا فكَّر فيها لو للحظة واحدة فإنه يدخل في الباطل، لأنه لو كان راضيًا ومؤمنًا بالله عزوجل ودينه ونبيه لما أخذ الرشوة نهائيًا.
  • انخفاض مستوى المعيشة: يلجأ العديد من الأشخاص ذوي الدخل القليل للرشوة خاصةً إذا كان لدى بعض الأشخاص صلاحيات في وظائفهم، فقد يعرض بعض الأشخاص ذوي الدخل الكبير أو أصحاب المشاريع الكبيرة الرشوة على إنسان دخله قليل، مما يؤدي ذلك لقبول الشخص الفقير بهدف تعويض النقص المادي الموجود لديه، ومن الطبيعي أن يتفاوت الناس في دخلهم بين فقراء وأغنياء ومتوسطي الدخل، ولكن يلجأ بعض الفقراء للرشوة كوسيلة للثراء مثل شراء سيارة أو بناء منزل أو الزواج، ولكن في هذه الحالة يقع في الحرام الذي يمحق البركة.
  • الجشع والأنانية وضعف الشعور الاجتماعي: يُعد المرتشي من الأشخاص الأنانيين، وهو يُحب نفسه، ولا يوجد لديه أي انتماء في المجتمع الذي يعيش فيه، لذا قد يقبل الرشوة دون التفكير في مصير إخوته الذين يعيشون معه في جميع الأوقات، كما يعلم أنَّ تلك الأموال التي أخذها على وجه ظالم كانت سبب من الأسباب الأساسية لضياع أموال الدولة وضياع حقوق نسبة كبيرة من الأشخاص.


أضرار الرشوة

يُوجد العديد من الأضرار التي تعود على الفرد من الرشوة، وأهم تلك الأضرار ما يلي[٤]:

  • زرع المصائب والملمّات وهدم المجتمعات وبث النزاعات وإشاعة الحقد والكره والعداء والبغض بين الناس.
  • نهب الأرزاق وفساد الأخلاق وهدر الحقوق وتعطيل المصالح وتقديم وتطوير الإنسان الخامل على العامل المجتهد النشيط.
  • تعليق الناس بحب الدنيا، كما أنّها تسوق المجتمع للهاوية والخراب والدمار.
  • طعن في مروءة الإنسان، وخدش في حيائه، وإنسانيته، ونقص في دينه، واستهزاء بالله عزوجل.
  • قلب الباطل حق والخيانة أمانة وتصوير الظلم عدلًا، وهكذا تكون النتيجة أن ينتشر الظلم في الأرض.


المراجع

  1. ماهر محمود (9-4-2002)، "الـرشــوة"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 12-11-2019. بتصرّف.
  2. "Bribery", newworldencyclopedia, Retrieved 12-11-2019. Edited.
  3. ^ أ ب صلاح نجيب الدق (20-6-2016)، "الرشوة: أسبابها وعلاجها"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 12-11-2019. بتصرّف.
  4. حسين بن سعيد الحسنية، "آثار الرشوة على الفرد والمجتمع ( خطبة جمعة )"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 12-11-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :