كيف يتم زواج المسيار

كيف يتم زواج المسيار

الزواج

شرع الله الزواج بين الذكر والأنثى ليكون كلُّ واحدٍ منهما سكنًا ومودةً للآخر، فالزواج من أهم محطات الحياة التي يمرُّ بها الإنسان وينتقل من مرحلة الطيش لمرحلة الاستقرار والاطمئنان والمودّة والعفّة، وباسم الزواج يصبح كلٌّ من الزوجة والزوج شريكًا للآخر، يشدُّ من أزره ويحفظ أسراره ويراعي أمواله وشؤونه ويحفظ غيبته[١].


فللزواج العديد من الأهداف الساميّة والإيجابيّة التي تؤثر في الأفراد خاصةً والمجتمع عامةً، ومنها أّنه يُنظّم غريزة الإنسان ويحفظ البشرية من الزوال ويُنجب الذريّة وينشر ثقافة الحبّ والمشاركة بين النّاس، ويُحقق العفّة والصون عن المُحرمات والفواحش التي من الممكن ان يقع فيها الأفراد، ويُربي الأولاد في أجواء وظروف تسودها المحبّة والود، لكن توجد أنواعٌ كثيرةٌ للزواج غير ذلك الاعتيادي الذي نعرفه جميعنا، وأحد هذه الأنواع زواج المسيار الذي سنتعرَّف لكيفية إتمامه وما له وما عليه في المقال التالي[٢].


زواج المسيار

زواج المسيار لغةً: يأتي مصطلح المسيار من سارَ سيرًا وسيرةً ومسيرةً، ويأتي بمعنى المشي والسير، فيُقال: المثل السائر، أي المثل المُنتشر والشائع بين الأشخاص، ويُقال سايره أي سَارَ معه وجاراه[٣]، أمّا زواج المسيار اصطلاحًا فهو يعني طلب الرجل المرأة للزواج بعقدٍ شرعيٍّ كاملٍ يستوفي جميع أركان الزواج الصحيح وشروطه، لكن بشرط أن تتنازل وتتخلّى فيه المرأة عن بعض حقوقها كالمطالبة بالنفقة أو بالمسكن[٤].


توجد علاقة بين معنى زواج المسيار لغةً واصلاحًا؛ إذ يأتي المعنى الأول بالسير والسير هو السفر، وإحدى صور هذا الزواج أن يُقيم كل من الزوج والزوجة في بلدين مُختلفين، فيُسافر الزوج من أجل الزواج، ويأتي أيضًا بمعنى التيسير فتُساير الزوجة زوجها وتُخفف عنه، وذلك من خلال التنازل عن بعض الحقوق المشروعة لها، مثل حق المهر أو المسكن، أو كلاهما[٣].


أمّا بالنسبة لكيفية إتمام زواج المسيار فيحتاج هذا الزواج مثله مثل أيِّ زواجٍ آخر لوجود زوجين وشهود، ويُعقد برضى الزوجين ويوثَّق في المحكمة عند القاضي لكن بشروط أن تتنازل المرأة عن حقها بوجود مسكن أو مهر أو نفقة أو أن يحدَّد لها وقت معين كأن يكون لها النهار دون الليل أو وقت واحد من السنة وكل ذلك بموافقة الطرفين[٥].


أسباب زواج المسيار

توجد العديد من الأسباب المُتعددة والمُختلفة التي أدّت لانتشار زواج المسيار في المجتمعات، سواء أكانت هذه الأسباب تعود للرجل أو المرأة، ومنها ما يأتي[٤]:

  • غالبًا ما لا يكون زواج المسيار زواجًا أولَ بالنسبة للرجل لذا يلجأ له بسبب عدم قدرته على تحمل تكاليف الزواج وفتح بيت ثانٍ، أو يلجأ له حتى يُبقي الأمر سريًّا ويُحافظ على زواجه الأول من الفشل أو الطلاق لو علمت به زوجته الأولى.
  • أصبح بعض الشباب اليوم يتجهون لزواج المسيار بسبب غلاء المهور وغلاء المعيشة عمومًا وكثرة مصاريف الزواج ممّا يساهم في انتشار العنوسة أو اللجوء لهذا النوع من الزواج.
  • أحيانًا تطلب بعض النساء هذا النوع من الزواج بسبب عدم قدرتهن على ترك بيت أهلهن أو ترك أولادهن.
  • رغبة الزوج أحيانًا بإعفاف نفسه والحصول على متعته حلالًا بعيدًا عن الحرام، أو رغبته بتلبيّة حاجة المرأة وإعفافها حلالًا وصونها عن الحرام في حال تأخر زواجها مثلًا.
  • ارتفاع نسبة الطلاق والعنوسة والترمّل في المجتمعات، لذلك تلجأ بعض النساء للزواج بهذه الطريقة.


الحكم الشرعي لزواج المسيار

رأي علماء المسلمين

اختلف العلماء في الحكم الشرعي لزواج المسيار، وقد ورد عنهم الأحكام الآتية[٤]:

  • إباحته، فقد سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن هذا النكاح، فأجاب بأنّه لا حرج في ذلك إذا استوفى عقد الزواج كافة الشروط الشرعيّة للزواج، وهي رضا الزوجين ووجود الولي وحضور شاهدين عدلين وعدم وجود موانع عند الزوجين، بشرط إعلان الزواج وعدم إخفائه أبدًا.
  • منعه، فقد ورد عن الشيخ الألباني رحمه الله بأنّ هذا الزواج ممنوع لسببين؛ أولهما الهدف من الزواج هو السكن ولا يُحققه زواج المسيار، وثانيهما بأنّه في حال إنجاب أبناء من هذا الزواج، قد يؤثر سلبًا على تربيتهم لبعد الزوج عن البيت وقلّة مكوثه معهم.
  • جوازه ثم توقفه كما ورد عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، فقد توقف فيه لخلل في تطبيقه الصحيح من بعض الأشخاص المُسيئين.


رأي مجمع الفقه الإسلامي

زواج المسيار جائز شرعًا بما صدر من قرار مجمع الفقه الإسلامي عند انعقاد دورته الثامنة عشر في مكة المكرّمة بأنَّ جميع عقود الزواج مهما اختلفت تسمياتها أو شروطها أو صفاتها تكون مشروعةً إذا كانت تخضع لقواعد الشريعة الإسلامية وتتوفر فيها أركان وشروط عقد الزواج الفعلي ولا تُخالف تعاليم الشريعة، ولا يُبتغى فيها الضرّر لأيّ إنسان وعليه فإنَّ زواج المسيار مشروع حتى إن تنازلت فيه المرأة عن السكن والنفقة ولو حُدد وقت معيَّن للزيارة أو مكان معيّن كبيت أهل الفتاة أو بلد معيّن يلتقيان فيه كل فترة، لكن إذا كان لهذا العقد تاريخ انتهاء فهو يُعد باطلًا شرعًا[٦].


سيئات زواج المسيار

تُوجد العديد من الأسباب التي تجعل علماء الدين تمنع أو تُكرِه زواج المسيار، ومنها ما يأتي[٢]:

  • قد يتحوّل هذا الزواج لاحقًا لباب للمتعة عند بعض الرّجال فينتقلون من امرأةٍ لأخرى، وكذلك قد يسبب الضرر للمرأة ممّا يجعلها تنتقل من رجلٍ لآخر هي الأخرى.
  • الإخلال بمفهوم الأسرة السليم التي يجب أن تكون سكنًا ورحمة ومودةً بين الزوجين ليتشاركا به جميع تفاصيل الحياة.
  • لن تشعر المرأة في هذا الزواج بقوامة الرجل عليها، لذلك فقد تلجأ بعض النساء لارتكاب بعض التصرفات السلبيّة والخاطئة التي بالتأكيد ستؤثر عليها وعلى عائلتها والمجتمع.
  • لن يشعر الأولاد بوجود أبٍ يحترمونه ويُراقب تصرفاتهم ممّا يُساهم في عدم إحكام تربية الأولاد تربيةً سليمةً، وهذا بدوره يؤدي للتأثير سلبًا على تكون شخصيات الأبناء.
  • يُعد زواج المسيار في كثيرٍ من الحالات إهانةٌ للمرأة من حيث سلبها حقوقها مقابل الزواج[٢].


الفرق بين زواج المسيار وزواج المتعة

في جميع الحالات يجب التفريق بين زواج المسيار وزواج المتعة الذي يكون مؤقتًا ومشروطًا بزمنٍ، إذ ينتهي العقد بانتهاء هذه المدّة الزمنية ودون الحاجة للطلاق، فقط تحدث تفرقة بينهما عند انتهاء المدّة، وبأنّه لا يشترط وجود ولي أو شهود، وأنّه يأتي للتمتع بأي عدد يُريده الرجل من النساء، وهذا الزواج محرَّم بإجماع الفقهاء والعلماء[٥].


المراجع

  1. عبدالله بن عبده نعمان العواضي (14-10-2017)، "الزواج طريق إلى العفاف"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "حكم زواج المسيار"، islamqa info، 2-1-2007، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أ. د. علي أبو البصل (31-5-2015)، "تعريف زواج المسيار في اللغة والاصطلاح"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت "زواج المسيار ، تعريفه ، وحكمه"، islamqa info، 31-1-2008، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "الفرق بين : زواج المسيار ..وزواج المتعة .. والزواج العرفي"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2019. بتصرّف.
  6. فريق الموقع، "قرار المجمع الفقهي في أبرز الأنكحة المستحدثة"، fatwa islamonline، اطّلع عليه بتاريخ 14-10-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :