ماذا تعني العلمانية

ماذا تعني العلمانية

ماذا تعني العلمانية؟

العلمانيّة هو فكر يقوم على إدارة شؤون الدنيا بعيدًا عن الدين، وفصل الدين عن النظام السياسي للدولة[١]، وتقوم العلمانية على أُسس فصل المؤسسات الدينية عن مؤسسات الدولة عن أي مجال يُمكن أنْ يشارك فيه الدين، وعلى حرية ممارسة الأفراد لعقيدتهم مهما كانت، أو تغيير العقيدة، أو حتى الإلحاد، وفقًا لما يراه الشخص[٢].


كيف ظهرت العلمانية؟

يُطلق مصطلح العلمانيّة على أي حركة في المجتمع تتبنّى فكرة ممارسة شؤونهم الدنيويّة بعيدًا عن أي أساس أو مرجع ديني، وقد ظهر الفكر العلماني لأوّل مرة في عصر النهضة خلال العصور الوسطى في أوروبا[٣]، وجاءت العلمانيّة نتيجةً للأوضاع القاسية والمعاناة التي عاشها الأفراد في الغرب المسيحي، بسبب ظلم الكنيسة في ذلك الوقت لهم، وكانت في نفس الوقت مصدرًا للجهل وشيوع الدجل والخرافات، وأصبح رجال الدين يمثّلون كابوسًا مرعبًا للناس؛ إذ كانوا يتفنّنون في عذاب الناس فكريًّا وماليًّا وجسديًّا، كما كانت الكنيسة داعمًا أساسيًّا للإقطاعيّين الذين استعبدوا عامة الشعب، فكانوان يستخدمونهم في العمل قسرًا في أراضيهم دون إظهار أي معاملة إنسانيّة لهم، ممّا جعل الناس يعيشون في جحيم لا يُطاق، فقد كانوا يُحرمون منالعلم هم وأولادهم، وكان يُؤخذ جزء كبير من محصول أراضيهم قسرًا.


وانتقالًا إلى جانب نشر الكنيسة للخرافات، فهذا الأمر كانت تقوم به باسم الدين لغايات استغلال عامة الشعب ماديًّا؛ فكانت الكنيسة تُصدر صكوك غفران ليشتريها العامّة، وقد يُجبرون على ذلك أحيانًا، وتضمن هذه الصكوك لمشتريها على حسْب زعم الكنيسة غفران الذنوب.


أمّا عن تعامل الكنيسة مع من يُشكّك في معتقداتها أو يخالفها الرأي فهو التنكيل والعذاب والاتّهام بالكفر، فعندما ظهرت بعض النظريات التي تخص حركة الأرض وشكلها الكروي من قِبل بعض العلماء، لم تتردّد الكنيسة في تعذيبهم وحرقهم وسجنهم وقتلهم، لتُحافظ على قوّة حكمها القائم على الدجل والخرافة، وكل هذه الدوافع وغيرها الكثير أدّت إلى تمرد الناس على حكم الكنيسة، للتخلّص من ظلمها وجبروتها؛ فقد زرعت في نفوسهم كره الدين والنفور منه، ونتيجةً لذلك ظهر الإلحاد للبعد عن إله الكنيسة، وظهرت بعد العلمانيّة كرد فعل عملي للبعد عن هيمنة الكنيسة.


العلمانيّة هي ترجمة لكلمة (secularism)، وقد كان استخدام هذا المصطلح في البدايات محدود للغاية، فهو كان يدل على نقل ممتلكات وصلاحيات الكنيسة إلى سلطات غير دينيّة، إلى أنْ توسّع هذا المعنى في وقت لاحق على يد "جون هوليوك" الذي عرّف العلمانيّة على أنّها الإيمان بإمكانيّة إصلاح حال الإنسان باستخدام الطرق الماديّة دون النظر لرأي الدين في الرفض أو القبول، ثمّ أصبح مفهوم العلمانيّة عند المُفكرين الآخرين يعني فصل الدين عن الدولة، وهو أكثر تعريف انتشارًا في الشرق والغرب، وهو يعني فصل المؤسسات الدينيّة عن المؤسسات السياسيّة، ثمّ تطوّر هذا المفهوم لاحقًا لتُصبح العلمانيّة مصطلح يدل على البعد عن الدين، واعتباره نشاط روحي يُمارس في المسجد أو الكنيسة فقط، ولا علاقة له بأمور حياة الأفراد الخاصة والعامة[٤].


ما حكم المنتسبين لها في الدين الإسلامي؟

العلماني هو المُنتسب إلى العلمانيّة والتي تعني اللّادين والدعوة إلى ممارسة أمور الدُنيا بمعزل عن الدين تمامًا؛ فمن اعتقد أنّ شرائع الدين الإسلامي لا تتلائم مع الأمور الدنيويّة أو أنّها كانت صالحة في الفترات الماضيّة، ثمّ تغيّرت الظروف وأصبح الدين الإسلامي لا يتناسب مع التقدّم الحضاري، فيجب تعليمه إنْ كان جاهلًا، وإقامة الحجج عليه، فإنْ تاب وعاد إلى رشده، وآمن بصلاحيّة الشريعة الإسلاميّة وأحكامها لكل العصور والظروف فيُعدّ تائب عن المعصية والله غفورٌ رحيم، وأمّا إنْ بقيَ متمسّكًا بأفكاره فقد ثبت كفره وارتداه عن الإسلام حتى وإنْ صلّى وصام وزعم أنّه مسلم؛ فالدين هو نظام حياة في السلوك والعبادات والمعاملات والمعتقدات[٥].


ما الآثار السلبية للعلمانية؟

للعلمانيّة العديد من الآثار السلبيّة على كافة المجالات، ومن أبرزها ما يأتي[٦]:

  • في المجال السياسي: إنّ استخدام نظريّة الغاية تُبرّر الوسيلة من قِبل الحكام تُجرّد السياسة من الأخلاق والدين، وتدفعهم لاستغلال الناس للوصول إلى السلطة عن طريق الديمقراطيّة الوهمية، ثمّ استخدام السلطة في ظلم الناس، كما تؤدي العلمانيّة إلى البعد عن النهج الإسلامي في الوصول إلى السلطة، بل وتحارب أنصاره وتتهمهم بالتطرّف والإرهاب.
  • في المجال الاقتصادي: تروّج العلمانيّة لسلع الغرب ممّا يُضعف الاقتصاد الإسلامي، كما تجعل الثروة حصرًا على فئة مُعيّنة من الأشخاص، وهذا سؤدي إلى انتشار الفقر.
  • في المجال الاجتماعي والأخلاقي: تشجّع العلمانيّة على تحرّرالمرأة من كل القيود التي تُحافظ عليها وتصون كرامتها، كما تُساعد في انتشار انحراف الأطفال وفسادهم، وتفكك الأسر وتشتّت أفرادها، وإضعاف التواصل بين الأقارب والأرحام بسبب اهتمام كل فرد بمصلحته فقط في علاقاته مع الآخرين، كما تنشر العلمانيّة الإنحلال الأخلاقي والأمراض الجنسيّة الفتّاكة.
  • في المجال التربوي والثقافي، تُفسّر العلمانيّة الدين الإسلامي تفسير محدود وغير عادل أو منطقي، كما تفصل بين النظام التعليمي الرسمي عن نظام التعليم الديني في البيت، وتهمل التربية الإسلاميّة واللغة العربيّة، وتُركّز االاهتمام على المواد العلميّة المعاصرة دونهما، وتضع بعض المواد التي التي تطعن بالشريعة الإسلاميّة في المناهج الدراسيّة، وتنشر الترجمات للكتب الغربية في البلاد الإسلامية، وقد تنشرها أحيانًا بلغتها الأصليّة، وكل هذا تحت مُسمّى دراسة الأدب والثقافة، وتفصل العلمانيّة بين المواد الدينيّة وغير الدينيّة في المجلّات والصحف، لذلك ظهرت المجلات والصحف والبرامج والصفحات الدينيّة، كما شجعت العلمانيّة على انتشار الاختلاط بين الجنسين في المؤسسات التعليميّة حتى أصبح أمرًا بديهيًّا، ومن يُطالب بالفصل بين الجنسين يُعد شخصًا رجعيًّا، وجعلت العلمانيّة مفهوم الثقافة حصرًا على الطرب والغناء واللهو.
  1. "تعريف و معنى علماني في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 10/3/2021. بتصرّف.
  2. "What is Secularism?", secularism, Retrieved 26/4/2021. Edited.
  3. "Secularism", britannica, Retrieved 10/3/2021. Edited.
  4. "العلمانية .. تعريفها وظروف نشأتها"، إسلام ويب، 26/7/2003، اطّلع عليه بتاريخ 10/3/2021. بتصرّف.
  5. "حكم العلمانيين"، إسلام ويب، 25/12/1999، اطّلع عليه بتاريخ 10/3/2021. بتصرّف.
  6. د. إسماعيل محمد حنفي، "نبذة عن العلمانية"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 10/3/2021. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :