هل يجوز العمل في البنوك

هل يجوز العمل في البنوك

العمل في البنك

تُوجد الكثير من التساؤلات المتكررة حول العمل في البنوك بغض النظر عما إذا كانت إسلاميةً أم ربويةً، وعامةً إنَّ الأسئلة المطروحة ترتبط بالبنوك الربوية لأنها من المنظومات الاقتصادية المعمول بها في الدول والنظام الاقتصادي العالمي، وتُوجد مجموعة من القوانين المفروضة عليها من البنك المركزي الذي يتبع للدولة التي يلزمها تعاملًا ربويًا، ومن هذا المنطلق فإننا سنقدم في المقال تفصيلًا موسعًا عن حكم العمل في البنوك الإسلامية أو الربوية[١].


حكم العمل في البنوك الربوية

يُجمع مجموعة من الأشخاص أنه لا يجوز العمل في البنوك الربوية إطلاقًا لما لذلك الأمر من أكل للربا أو الكتابة أو الشهادة عليه أو الإعانة، لكن أفتى مجموعة من كبار أهل العلم بحرمة العمل في البنوك الربوية حتى لو كان العمل بعيدًا عن المعاملات الربوية مثل النظافة أو الحراسة أو الخدمة، وعامةً يُمكن نقل بعض الفتاوى للشخص والتنبيه بحرمة العمل في الربا إطلاقًا، وهنا تجدر الإشارة أنَّ غالبية المعاملات المصرفية الحالية تحتوي على الربا، وحسب ما يرد في آيات القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع الأمة فهو من الأمور الحرام، وفيما يتعلق بالذين يعملون في البنوك المصرفية فهم أعوان لأرباب البنوك من ناحية إدارة أعمالهم الخاصة بالكتابة والتقييد والشهادة ونقل الأوراق أو تسليم النقود، إذ يُعد ذلك إعانةً للمرابين، وعلى هذا فإنَّ عمل الإنسان في المصارف الموجودة في الوقت الحاضر حرام قطعًا، أي إنه على المسلم تجنب الأمر كليًّا، والكسب من الطرق التي أحلها الله عز وجل، وهي كثيرة للغاية[٢].


تجدر الإشارة إلى أنَّ العمل في البنوك التي تعتمد على الربا حرام كليًّا سواء أكان ذلك في الدول الإسلامية أو الدول الكافرة لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، ولا يُوجد في أقسام البنك الربوي أي استثناء فيما يظهر عن الشرع المطهر، لأنَّ التعاون على العدوان والبغضاء يحصل من قِبَل جميع موظفي البنك، ووفقًا لوجهة نظر أخرى من قبل العلماء فإنَّ العمل في البنوك الربوية فيه تفصيل تابع لصفة العمل المقصود منه، وعامةً بيّنت بعض لجان الإفتاء أنّ الموظف إذا عمل في بنك ربوي بعيدًا مباشرةً عن جميع الفوائد الربوية والإعانات المباشرة عليه فإنه لا حرج ولا بأس في العمل به، لكن إذا عمل الموظف في البنك الربوي مباشرةً وحصل على الفوائد الربوية وكانت فيه إعانة فلا يجوز له ذلك الأمر، وتجدر الإشارة إلى أنَّ الاعتذار عن العمل الحرام بنية تجميع المال أو الانتقال لعمل آخر مباح اعتذار مردود، لأنَّ الأموال المحرمة لا يُباركها الله عز وجل، والنية لا تقلب العمل الحرام إلى عمل حلال، كما أنَّ اللعن الموجود في الحديث لكل شخص يعاون على الربا يوجب على المسلم التفكير والتأني في الأمر فيما إذا أراد أن يُحشَر مع الملعونين أو التائبين العابدين[٢][٣].


حكم التعامل مع البنوك الإسلامية

تتجنب البنوك الإسلامية المعاملات الربوية، والتعامل معها لا يُوجد له أي مثيل مقارنةً بالحال في البنوك الربوية، كما أنَّ التعامل مع البنوك الإسلامية لا حرج فيه، والتعامل مع البنوك الربوية فيه حرج من ناحية المعاملات التي تضمّ التعامل مع الربا، أمَّا بالنسبة للمعاملات التي لا تضمّ المعاملات الربوية مثل الحوالات فلا بأس بها، والمعاملة الربوية مع أي شخص بغض النظر عما إذا كانت من البنك الربوي أو غيره فإنها لا تجوز، ويُمكن الاقتراض بربح مقداره 5% أو 10% أو أكثر أو أقل، وذلك يُشبه الربا بغض النظر عما إذا كان مسمى البنك ربويًا أم إسلاميًا أم إذا كانت المعاملة مع التاجر[٤].


بالإضافة لذلك فإنَّ البنوك الإسلامية تعتمد على شرع الله عز وجل، والتعامل معها جيد وفيه إعانة على سيرها في السبيل، كما أنَّ التعاون مع البنوك الربوية بالربا من الأمور غير الجائزة، وهذا هو الأمر مع غير البنوك مثل التجار أو الأفراد، أمَّا فيما يتعلق بالبنوك الإسلامية فإنَّ الواجب التشجيع والاهتمام بها، لكن يجب الحذر من جميع الأمور المتعلقة بالربا، والتحقق مما إذا كانت معاملاتها إسلاميةً وجائزةً من الناحية الشرعية أم لا[٤].


حكم العائد من البنك الربوي

يُوجد خطأ كبير في اعتقاد الناس، يكمن في الخلط بين العائد المالي الذي يستفيد منه الإنسان من البنك الإسلامي والعائد المالي الذي يستفيد منه من البنك الربوي، وسبب ذلك أنَّ العقد الذي يقع بين العميل والبنك الإسلامي في الحقيقة هو عقد مضاربة، إذ يدفع العميل مبلغًا ماليًا للبنك على أن يستثمر البنك الأموال، ومقابل ذلك فإنَّه يحصل على نسبة من الربح ليتفق كل منهما عليها سلفًا، ولا يضر أن تتغير من عام لآخر، وقد تكون ثابتةً، والمضاربة التي يُنَص على حلالها من قبل العلماء تختلف كليًّا عما هو في البنوك الربوية، إذ يودع العميل مبلغًا ماليًا في البنك فيُعطى نسبةً مئويةً تقدَّر قيمتها بحوالي 5%، وقد تزيد أو تقل، لكن لا يُعطى عليها أي نصيب من الخسارة، وهو في الحقيقة يُقرض البنك مبلغًا ماديًا بهدف الحصول على فائدة معينة، وهذا هو ما يقصده الشرع بمصطلح الربا[٥].


تجدر الإشارة إلى أنَّ وقوع الذين يعملون في بعض البنوك الإسلامية يكمن في ارتكابهم بعض المخالفات الشرعية، ومع ذلك فإنَّه لا يُساوي ولا يُقارب ما يوجد في البنوك الربوية، لأنَّ البنك الإسلامي قائم على أساس إيجاد البديل الذي أباحه الشرع في الأعمال المصرفية، وفيما يتعلق بالبنوك الربوية فإنها تقوم على أساس التعامل الربوي، كما أنَّ غالبية الأخطاء التي تقع في البنوك الإسلامية تنتج بسبب أخذ الأقوال الضعيفة التي ترد في كتب بعض العلماء فيما يتعلق بخصوص بعض المعاملات، ولا شكَّ أنَّ الواجب هو ضرورة الأخذ بالدليل، والنهج الصحيح أو الصراط المستقيم هو ما تقوم به بعض اللجان الخاصة بالمراقبة في البنوك الإسلامية بهدف التيسير على الناس في حياتهم، وعامةً إنَّ التيسير يُضبَط بمجموعة من الضوابط الشرعية، وينسجم مع قواعدها وأصولها، وهو لا يُناقض ما ثبت عن النصوص، كما أنَّ التيسير مطلوب من الناحية الشرعية، وإذا خرج عن ذلك الأمر فإنه من المسالك الخاطئة، لذا يُطلَق عليه اسم تيسير[٥].


المراجع

  1. "حكم العمل في البنوك الربوية وأهمية إصلاحها"، إسلام ويب، 5-11-2007، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "العمل في البنوك الموجودة بالدول الإسلامية"، الاسلام سؤال وجواب، 21-1-2003، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
  3. "حكم العمل في البنوك الربوية فيه تفصيل"، دار الافتاء، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "حكم التعامل مع البنوك الإسلامية"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "لا وجه للمقارنة بين أرباح البنوك الإسلامية وفوائد البنوك الربوية"، islamweb، 17-5-2001، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :