هل يجوز دخول الكافر المسجد

هل يجوز دخول الكافر المسجد

فضل المساجد

إن المساجد هي بيوت الله في أرضه، وهي الأماكن المخصصة لتوحيد الله تعالى، إذ يقول عز وجل في محكم التنزيل: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [ الجن: 18-19]، كما أنها أحب الأماكن إلى الله، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقهَا) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، لذا فإن للمساجد مكانتها العظيمة في الدين الإسلامي، فقد كان المسجد أول ما اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ببنائه، ثم إن صحابة رسول الله أعطوا للمساجد اهتمامًا كبيرًا في حياتهم، فقد أوصى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى ولاته ببناء المساجد، والاهتمام بها، وإعطائها مكانتها في البلاد الإسلامية، كذلك فقد وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة آيات وأحاديث كثيرة تحثّ المسلمين على العناية بالمساجد وعمارتها، إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ بَنَى للهِ مسجِدًا، ولَوْ كَمِفْحَصِ قِطَاةٍ لبيْضِها، بنى اللهُ لَهُ بيتًا في الجنَّةِ) [المصدر: صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، إضافةً لذلك فإن للمساجد آدابًا وأحكامًا يجب التقيّد بها، ولعل من الأمور التي يتساءل البعض عنها حكم دخول الكفار إليها، وهذا ما سنوضحه في هذا المقال.[١]


هل يجوز دخول الكافر إلى المسجد

يقول الله تعالى في محكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 28]، ومن هنا كان تحريم دخول الكفار إلى المسجد الحرام، على اختلافهم، بما في ذلك أهل الكتاب من نصارى ويهود، وغيرهم من أصحاب الديانات المختلفة، وكل من لا ينتمي للدين الإسلامي القويم، إذ إن هذا البيت خاصٌّ بالمسلمين وحدهم، ولا يُسمح لغيرهم بدخوله على الإطلاق، أما عن بقية المساجد المتواجدة في العالم الإسلامي، والبلاد الأخرى فلا بأس أن يدخلها غير المسلمين لحاجة أو مصلحة معينة، بما في ذلك مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، إذ ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ربط فيها أحد الكفار، وهو ثمامة بن أثال، كما ورد أنه أقرّ وفد بني ثقيف الذين دخلوا المسجد قبل إسلامهم، كذلك الأمر بالنسبة لوفد النصارى، لذا فقد دلت هذه الحوادث على جواز دخول الكافر المساجد باستثناء المسجد الحرام في مكة المكرمة، وذلك لبعض الأغراض منها أن يكونوا سائلين عن الدين الإسلامي، أو الاستماع لبعض الخطب والدروس الدينية، إذ إن المصلحة تقضي بعدم منعهم من ذلك، ولكن إذا خُشي أن يكون الكافر داخلًا إلى المسجد لأهدافٍ سيئة، كإدخال بعض النجاسة، أو العبث بمحتويات المسجد، فالواجب منعه من الدخول، هذا والله أعلى وأعلم.[٢]


آداب دخول المسجد

لقد أوصى أهل العلم بأن للمساجد آدابًا يجب التأدب بها، ومن أهمها ما يأتي:[٣]

  • من آداب دخول المساجد لبس الثياب الجميلة، والتزين بالمباحات، فقد قال تعالى في ذلك: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]، فالواجب أن يتزين المسلم لدخول المسجد وأن لا يتكاسل عن لبس الثياب النظيفة والجميلة.
  • من آداب دخول المساجد عدم أكل البصل أو الثوم قبل التوجه إليها، وفيما إذا أكلهما فالواجب أن لا يدخل المسجد، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَن أكَلَ مِن هذِه البَقْلَةِ، الثُّومِ، وقالَ مَرَّةً: مَن أكَلَ البَصَلَ والثُّومَ والْكُرَّاثَ فلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنا، فإنَّ المَلائِكَةَ تَتَأَذَّى ممَّا يَتَأَذَّى منه بَنُو آدَمَ) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • من آداب المساجد أن يسير المصلي إليها على الأقدام فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من غسَّلَ يومَ الجمعةِ واغتسلَ ثمَّ بَكَّرَ وابتَكرَ ومشى ولم يرْكب ودنا منَ الإمامِ فاستمعَ ولم يلغُ كانَ لَهُ بِكلِّ خطوةٍ عملُ سنةٍ أجرُ صيامِها وقيامِها) [المصدر:صحيح أبي داود| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • من آداب المساجد أن يُبكر المسلم بالذهاب إلى الصلاة، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النِّدَاءِ والصَّفِّ الأوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أنْ يَسْتَهِمُوا عليه لَاسْتَهَمُوا، ولو يَعْلَمُونَ ما في التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إلَيْهِ، ولو يَعْلَمُونَ ما في العَتَمَةِ والصُّبْحِ، لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا) [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]
  • من آداب المساجد أن يسير إليها المصلي بخشوع وسكينة، إذ قال عليه الصلاة والسلام في ذلك (إِذَا سَمِعْتُمُ الإقَامَةَ، فَامْشُوا إلى الصَّلَاةِ وعلَيْكُم بالسَّكِينَةِ والوَقَارِ، ولَا تُسْرِعُوا، فَما أدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وما فَاتَكُمْ فأتِمُّوا) [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]
  • من آداب المساجد ذكر الدعاء الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو: (اللَّهُمَّ اجْعَلْ في قَلْبِي نُورًا، وفي لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ في سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ في بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِن خَلْفِي نُورًا، وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِن فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتي نُورًا، اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]
  • من آداب المساجد أن لا يُشبّك المصلي أصابعه في المسجد فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا تَوضَّأَ أحدُكُم فأحسنَ وُضوءَه ، ثمَّ خرج عامِدًا إلى المسجدِ فلا يُشبِّكَنَّ بين أصابعِه فإنَّهُ في صلاةٍ) [المصدر: صحيح الترمذي| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • من آداب المساجد أن يقرأ المصلي دعاء دخول المسجد، إذ يقول عليه السلام: (إذا دخلَ أحدُكُمُ المسجِدَ، فليسلِّم علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، ثمَّ ليقُلْ: اللَّهمَّ افتَح لي أبوابَ رحمتِكَ، وإذا خرجَ فليقُلْ: اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ مِن فضلِكَ) [المصدر: صحيح ابن ماجه| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • من آداب المساجد الإكثار من ذكر الله تعالى، بما في ذلك التسبيح والتهليل والتكبير، وما إلى ذلك من أذكار، وفي ذلك يقول رب العزة: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّـهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴿٣٦﴾ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 36].
  • من آداب المساجد صلاة ركعتين تحية المسجد عند دخوله، إذ يقول عليه الصلاة والسلام: (إذا دخلَ أحدُكُمُ المسجِدَ فلا يجلِسْ حتَّى يركعَ رَكْعتينِ) [المصدر: صحيح ابن ماجه| خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره].
  • من آداب المساجد أن لا تُتخذ للبيع والشراء، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضالَّةً في المَسْجِدِ فَلْيَقُلْ لا رَدَّها اللَّهُ عَلَيْكَ فإنَّ المَساجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهذا) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].


المراجع

  1. "تنبيه العابد إلى فضل المساجد"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  2. "حكم دخول الكافر المسجد "، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
  3. "من آداب المساجد"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :