متى وأين ظهرت الفلسفة

متى وأين ظهرت الفلسفة

أين ظهرت الفلسفة

كلمة الفلسفة في اللغة الإنجليزية مُشتقّة من كلمتين هما فيلو التي تعني الحبَّ، وصوفي التي تعني الحكمة، ومعنى الكلمتين حرفيًّا (حبُّ المعرفة)، أمّا معناها الاصطلاحيّ يعني دراسة أعمق لمسائل الوجود الإنسانيّ، وقد بدأت الفلسفة في الغرب في مستعمرة ميليتوس اليونانيّة على يد الفيلسوف طاليس، ووفقًا لمصادر قديمة كان أوّل من تساءل عن العناصر الأساسيّة للكون الذي يأتي منه كلّ شيء آخر، وبعد ذلك انتَشَرت أعمال المفكّرين والكُتّاب اللّاحقين إلى أن وصلت الفلسفة إلى ذروتها على يد أفلاطون وأرسطو تلميذه، أمّا لقب الفيلسوف فقد كان عالم الرّياضيّات فيثاغورس أوّل من أطلق هذا اللّقب على نفسه، والفقرات التّالية تتحدّث أكثر عن مكان نشأة الفلسفة ووقتها بالتّفصيل[١].


ظهور الفلسفة

بدأ نشاط الفلسفة بالظّهور حوالي عام 585 قبل الميلاد، ويستمر تطور الفلسفة بوجود البشر، وفيما يلي شرح مختصر عن عصور الفلسفة الرّئيسيّة التي تُقسم لثلاثة عصور رئيسيّة، وهي الفلسفة القديمة، وفلسفة القرون الوسطى، والفلسفة الحديثة، ولكنّ هذه التّواريخ مجرَّد أدلّة تقريبيّة، ويوجد تداخل واضح بين فلاسفة هذه الفترات، مثلًا تُعد بداية الفترة الحديثة في بعض الأحيان مع فلاسفة عصر المنطق، وأحيانًا تُعد مع فلاسفة عصر النّهضة[٢].


الفلسفة القديمة

تمتدُّ هذه الفترة من القرن السابع قبل الميلاد، وحتّى القرن الخامس الميلاديّ، وتضمُّ أربع فترات زمنيّة مرّت بها الفلسفة، وهي:

  • مرحلة ما قبل سقراط من القرن السابع إلى القرن الخامس قبل الميلاد.
  • مرحلة سقراط في القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد.
  • المرحلة الهلنستيّة من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث الميلاديّ.
  • المرحلة الرّومانيّة من القرن الأول قبل الميلاد إلى القرن الخامس الميلاديّ.


فلسفة العصور الوسطى

امتدّت هذه المرحلة من القرن السادس وحتّى القرن السادس عشر الميلاديّ، وتنقسم لفترتين، هما:

  • مرحلة العصور الوسطى من القرن السادس وحتّى القرن الرابع عشر للميلاد.
  • مرحلة عصر النّهضة وهي خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر للميلاد.


فلسفة العصر الحديث

امتدّت هذه الفترة بين القرنين السابع عشر والعشرين للميلاد، وتضمُّ المراحل التّالية:

  • مرحلة عصر المنطق في القرن السابع عشر للميلاد.
  • مرحلة عصر التّنوير في القرن الثامن عشر الميلاديّ.
  • مرحلة العصر الحديث، وهي من القرن التاسع عشر إلى القرن العشرين.


أوّل مرحلة في تأسيس الفلسفة

تعدّ الفلسفة موضوعًا واسعًا، ولا يُمكن إجمال جميع تفاصيل نشأته في موضوع واحد، ولكنّ الفقرات التّالية توضّح شرحًا سريعًا للمرحلة الأولى لظهور الفلسفة، وهي مرحلة ما قبل سقراط، وتضمُّ الفلسفة الغربية جميع الآراء الفلسفيّة؛ بمعنى أنّه لا يقتصر على الفلسفة اليونانيّة، بل يضمُّ الفلسفة الصّينيّة والهنديّة واليابانيّة والفارسيّة، وقد بدأت الفلسفة الغربيّة اليونانيّة فعليًّا في القرن السّادس قبل الميلاد، وقد كانت تدور حول الفلسفة الطبيعية التي تعدّ أقرب للعلم، وكانت اهتماماتهم الرّئيسيّة في هذه المرحلة كما يلي[٣]:

  • اهتموا بالميتافيزيقا والتّحقيق في طبيعة الوجود والعالَم.
  • كانوا مادّيين؛ لذلك اعتقدوا أنَّ كلّ الأشياء تتكوّن من المادّة، ولا شيء غير ذلك.
  • لم يلجؤوا إلى تفسيرات خارقة أو أسطوريّة للظّواهر الطّبيعيّة؛ فمثلًا اعتقد طاليس أنَّ الماء أصلُ كلّ شيء، بينما اعتَقَدَ أنكسيمانس أنَّ أصل كلَّ شيء هو الهواء، بينما اعتقد هرقليطس أنّها النّار، وقد وصف أنكسيمانس بعض الموادِّ غير القابلة للتّفسير عادةً بالّلانهائيّة أو التي لا حدود لها.
  • من القضايا التي اهتمّ بها الفلاسفة في مرحلة ما قبل سقراط قضيّة التّغيير، وكيفيّة تحوّل الأشياء من شكل لآخر، وقد كان هرقليطس مؤمنًا بأنَّ التّغيير دائم والتفاعل مستمرٌّ من الأضدّاد، أمّا بارمينيدس فقد أنكر وجود أيّ شيء يتغيّر على الإطلاق، وجادل بأنّ كلَّ شيء موجود دائمًا، وغير قابل للتّدمير ولا يتغيّر، ووافقه على هذا الاستنتاج طالبه زينون الإيلي الذي استنتج أيضًا أنَّ الحركة ليست إلّا وهمًا.


رغم أنّ هذه الأفكار قد تبدو اليوم مبسّطةً وغير مُقنعة إلى حدٍّ ما؛ إلّا أنّه يجب التّذكُّرُ أنَّ ذلك الوقت لم تكن فيه معرفة علميّة على الإطلاق، وحتّى أكثر الظّواهر شيوعًا مثل البرق والرّعد كانت تُعد مُعجزةً، وبالتّالي تُعد هذه المحاولات خطوات أولى مهمّة في تطوير الفكر الفلسفيّ، كما أنَّ هذه الأفكار مهّدت الطّريق لاثنين من الفلاسفة المهمّين قبل سقراط، هما أمبادوقليس الذي دمَجَ الأفكار السّابقة في نظريّة العناصر الأساسية الأربعة (الأرض، والهواء، والنار، والماء)، والتي أصبحت الأساس المعياريّ الذي ارتكزت عليه الفلسفة لألفيّ سنة تالية، والفيلسوف ديموقريطوس الذي طوّر فكرةً مهمةً للغاية في المفهوم الذري، وهي أنَّ كل شيء يتكوّن من أشياء صغيرة غير قابلة للتّجزئة، وغير قابلة للتّدمير، وهذه اللّبِنات معروفة باسمِ الذّرّات.


أسباب ظهور الفلسفة في اليونان

لقد حاول الكثيرون الإجابة عن هذا السّؤال، وكانت أولى هذه الإجابات أنَّ الإغريق كانوا مختلفين، ولديهم نوع من العبقريّة الخاصّة التي مكّنتهم من التّفكير في الأشياء بطرق جديدة ومختلفة، ولكنّ هذه الإجابة غير مُرضية؛ لأنّها لا تُفسِّر شيئًا، وهي أقرب للعنصريّة، ومن ناحية أخرى بيّنَ تفسير آخر أنّه يجب تحديد ما كان مختلفًا، وما الذي فعله اليونانيون بالتّحديد لإنشاء الفلسفة؛ لأنّه لا يُمكن أن يكون بسبب الظّروف الاجتماعيّة والاقتصاديّة المرفّهة التي كانت موجودةً في اليونان، بل يوجد بالتّأكيد عامل في الطّبيعة، وفي الشّؤون الإنسانيّة التي كانت سائدة.


من الأسباب التي جعلت اليونان تتفرّد ببداية الفلسفة أنّ اليونانيين كانوا منتشرين في مساحات واسعة من العالم بسبب التّجارة، وقد تعلّموا الكثير من الأبجديّات، وتمكّنوا من معرفة أدقّ التّفاصيل عن ثقافة السّكّان الأصليين للبلدان التي وصلوها مثل مصر، وبابل، وجميع أنحاء البحر الأبيض المتوسّط، ورغم أنّه ليس بالإمكان تَخيُّل طبيعة العلاقة بين المُدن التجارية الثّرية، والتّحوّل السّياسيّ الواضح، وتأسيس الفلسفة، إلّا أنّ الفلسفة اليونانيّة بدأت في أغنى المُدُن اليونانيّة، وأكثرها نشاطًا، وهي مدينة إيونية التي تقع اليوم على الساحل الغربيّ لتركيا، ولعدّة سنوات لاحقة كانت الفلسفة اليونانيّة تدور حول المحيط الاستعماريّ اليونانيّ، فمن إيونيا ظَهَرَ الفلاسفة طاليس، أناكسيماندر، أنكسيمانس، هرقليطس، كزينوفانيس، ميليسوس، ومن إيطاليا ظَهَرَ الفلاسفة فيثاغورس، بارمينيدس، زينون، ومن صقلية ظَهَرَ الفيلسوف أمبادوقليس، ومن شمال إيجة ظَهَر الفيلسوفان ديموقريطوس، وبروتاغوراس، ثمَّ انتقلت الفلسفة من كلّ اتّجاه إلى أثينا، وقد كانت في ذلك الوقت أغنى مدينة تجاريّة، والأكثر ديمقراطيّة.[٤]


أشهر فلاسفة التاريخ

فيما يأتي ذكر لبعض أشهر فلاسفة التاريخ[٥]:

  • طاليس: الفيلسوف الأول والأب الروحي للعلوم في الحضارة اليونانية، كما يُعدّ أحد حكماء الإغريق السبعة، وقد عاش في الفترة 546-624 قبل الميلاد.
  • أبيقور: فيلسوف يوناني عاش في الفترة 341-270 قبل الميلاد، وهو من أتباع الفيلسوف ديمقريطس ومؤلفه الأساسي "في الطبيعة".
  • أرسطو: فيلسوف يوناني الأصل عاش في فترة 384-322 قبل الميلاد، وقد اشتملت فلسفته على جميع علوم عصره وكان بين مبدأ المادة والمثالية، ومؤلفاته الأساسية "الميتافيزيقا" و"السياسة" و"الأرغانون" و"ما بعد الطبيعة".
  • أفلاطون: من فلاسفة اليونان وعاش في فترة 427-317 قبل الميلاد، ويُعد من فلاسفة المثالية، أما عن مؤلفاته فمن أشهرها "المائدة" و"السفسطائي" و"طيماوس" و"بارمنيدس".


أشهر فلاسفة العرب

برع في الفلسفة كثيرون من علماء العرب المسلمين، والذين كانت لهم بصمة كبيرة في علم الفلسفة، ومن أشهرهم[٦]:

  • الكندي: وهو فيلسوف شهير من مملكة كندى، برع في علوم الشعر والمنطق والفلسفة والرياضيات والفلك والطب، وترجم الكثير من كتب فلاسفة اليونان القدماء، وله 280 كتابًا لم يصلنا منها سوى القليل، وقد عاش في فترة 185-256 هجريًّا.
  • الفارابي: يُلقب بالفيلسوف الثاني بعد أرسطو، وقد برع في العديد من العلوم منها الفلك والرياضيات والمنطق والطب والموسيقى وغيرها، وعاش في الفترة 260-339 للهجرة وله مئات المؤلفات ولم يسلم منها سوى القليل.
  • ابن سينا: فيلسوف وعالم عربي عاش فترة 370-428 للهجرة، وقد لُقّب بالشيخ الرئيس، وولد بالقرب من بخارى، وبدأ رحلة العلوم بحفظ القرآن الكريم والفقه والأدب والفلسفة، وقد بلغت مؤلفاته ما يزيد عن 200 كتاب وصل منها عدد لا بأس به.
  • ابن الهيثم: مفكر وعالم وفيلسوف عربي مسلم عاش في فترة 354-430 للهجرة، وقد تعلّم الكثير من العلوم منها الطب والهندسة والفلسفة، وكانت مؤلفاته الفلسفية والمنطقية تعتمد على الأسس التي وضعها أرسطو، أمّا مؤلّفاته فبلغت 200 كتاب وصل منها ليومنا هذا 50 كتابًا فقط.
  • ابن حزم: من أشهر علماء الأندلس العربي، عاش في فترة 384-456 للهجرة، وكان إمامًا في الفنون حتى أصبح وزيرًا لأبيه لكنه خلع الوزارة ليتفرغ للعلم ونشره، و كان عالمًا في الطب والتاريخ والأدب والفلسفة والمنطق والحديث والفقه، ولديه كثير من المؤلفات بالإضافة لديوان شعري شهير.
  • ابن رشد: يُكنّى بأبي الوليد وهو عالم وفيلسوف عربي عاش في فترة 520-595 للهجرة، وتعلّم العلوم المختلفة من المنطق والفلسفة كما سار على نهج ابن حزم في شرح انتقاداته للمنطق الذي تبعه الفيلسوف اليوناني أرسطو، وله من المؤلفات ما يزيد عن 100 كتاب في العلوم المختلفة مثل الطب والفلك والفيزياء وغيرها، وقد كثر مبغضوه في أواخر عمره وحاربوه حتى نفوه من المغرب العربي.


من حياتكِ لكِ

أشهر نساء مؤثرات في تاريخ الفلسفة

نعرضُ هنا أشهر نساء أثّرنَ في تاريخ الفلسفة:

  • الفيلسوفة ثيانو زوجة الفيلسوف فيثاغورس التي عاشت في القرن السادس قبل الميلاد، إذ اهتمت بفلسفة الأخلاق، والعلاقات الإنسانية بين الرجل والمرأة، كما ركّزت على الفضائل التي يمكن للمرأة أن تنشئها في حياتها وبيتها، ومن أشهر ما قالت:
    • "لأن تكوني فوق ظهر حصان جامح، خيرٌ لك من أن تكوني امرأة لا تفكر".
  • الفيلسوفة ديوتيما التي عاشت بين القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد، وقد كانت معلمة سقراط الذي اكتسب جزءًا من معرفته على يدها، كما ركّزت على الحب والنفس البشرية، وتحدثت عن مفهوم أطلقت عليه الولادة الروحية المتعلق بأن الروح تلد أشياء جميلة وعميقة مثلما تلد المرأة طفلًا وتهبه للحياة، فإنّ الروح أيضًا تهب الوجود الجمال.
  • الفيلسوفة الفرنسية سيمون دي بوفوار التي شاركت في المقاومة الفرنسية ضدّ الاحتلال الألماني أثناء الحرب العالمية الثانية، ومن أشهر أقوالها:
    • "يتخذ مركب النقص لدى المرأة شكل الرفض المخجل لأنوثتها: قد تكون المرأة عاجزة عن تحريك أداة ثقيلة فيبدو عجزها واضحًا بالنسبة إلى الرجل إلا أن التطور الفني لديها قد يلغى الفارق العضلي الذي يميز الرجل عن المرأة وتصبح معادلة له في العمل".
    • "لا يمكننا أن نقارن بين الأنثى والذكر في النوع البشري إلا من الزاوية الإنسانية، ولا يُعرف الإنسان إلا بأنه كائن غير معطٍ وأنه يصنع نفسه بنفسه ويقرر ما هو عليه"
    • "علمتني تجربتي أنه لو اكتفينا بالقليل، لن نحصل على الكثير، لا مصلحة لنا في الحد من طموحاتنا".


المراجع

  1. Joshua J. Mark, "Philosophy"، ancient, Retrieved 6-2-2020. Edited.
  2. "By Historical Period", philosophybasics, Retrieved 6-2-2020. Edited.
  3. " A Quick History of Philosophy", philosophybasics, Retrieved 6-2-2020. Edited.
  4. "The Origin of Philosophy: Why the Greeks?", friesian, Retrieved 6-2-2020. Edited.
  5. " نبذه مختصره عن أشهر الفلاسفه و العلماء و العباقره"، ankawa، 2-9-2019، اطّلع عليه بتاريخ 2-9-2019. بتصرّف.
  6. "10 من أهم فلاسفة المسلمين في التاريخ"، albawaba، 2-9-2019، اطّلع عليه بتاريخ 2-9-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :