الغدة الدرقية والحمل

الغدة الدرقية

تُعد الغدة الدرقية جزءًا من جهاز الغدد الصماء في الجسم، وهي غدة على شكل فراشة تقع في قاعدة العنق، وتفرز الغدة الدرقية هرمونات مسؤولة عن التحكم في عملية الأيض والتي تمثل الطريقة التي يستخدم بها الجسم الطاقة، كما تقوم هرمونات الغدة الدرقية بتنظيم وظائف حيوية في الجسم، وتتضمن هذه الوظائف التنفس ومعدل ضربات القلب والجهاز العصبي المركزي والمحيطي ووزن الجسم والدورة الشهرية لدى النساء ودرجة حرارة الجسم ومستويات الكوليسترول والعديد من الوظائف الأخرى.

وبما أن الغدة الدرقية جزء من جهاز الغدد الصماء فإنها تنتج وتخزن وتطلق الهرمونات في مجرى الدم حتى يتسنى لها الوصول إلى خلايا الجسم المختلفة للقيام بوظائفها، وتستخدم الغدة الدرقية اليود الموجود في الطعام لإنتاج هرمونين رئيسين؛ هما هرمون الثيروكسين وهرمون ثلاثي يود الثيرونين، ومن المهم الحفاظ على مستويات هرمونات الغدة الدرقية ضمن حدودها الطبيعية دون زيادة أو نقصان، ويقوم الجسم بالحفاظ على التوازن في مستويات هرمونات الغدة الدرقية من خلال غدتين في الدماغ الغدة النخامية وتحت المهاد، إذ يفرز الهرمون المطلِق لموجهة الدرقية من تحت المهاد والذي يرسل بدوره إشارات إلى الغدة النخامية لتأمر الغدة الدرقية بزيادة أو تقليل إنتاجها لهرموني الثيروكسين وثلاثي يود الثيرونين من خلال زيادة أو تقليل إفراز الهرمون المنشط للغدة الدرقية^[١].

الغدة الدرقية والحمل

تُعد هرمونات الغدة الدرقية ضرورية لتطور الجنين الطبيعي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عمر الحمل، وبسبب وجود احتمالية الإصابة بأحد أمراض الغدة الدرقية مثل فرط نشاط الغدة أو قصوره أثناء الحمل فمن الضروري مراقبة مستويات هرموناتها قبل وطوال فترة الحمل، وتُعد هرمونات الغدة الدرقية مهمةً لضمان تطور سليم لدماغ وجهاز الجنين العصبي لا سيما خلال أشهر الحمل الثلاثة الأولى؛ إذ إن الجنين يعتمد على هرمونات الأم الحامل التي توصل إليه من خلال المشيمة، وتقريبًا خلال الأسبوع 12 من عمر الحمل تبدأ الغدة الدرقية لدى الجنين بإنتاج هرموناتها الخاصة بها.

ومن الهرمونات المرتبطة بالحمل والتي يمكن أن تتسبب بارتفاع مستويات هرمونات الغدة الدرقية هرمون الإستروجين وهرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشرِيّة، ويمكن لهذا الأمر أن يجعل تشخيص أمراض الغدة الدرقية التي تحدث أثناء الحمل أمرًا صعبًا ولكن الطبيب سيراقب ظهور علامات تستدعي إجراء فحوصات إضافية للكشف عن وجود أمراض الغدة الدرقية، ويجدر الانتباه في حال الإصابة بأحد أمراض الغدة الدرقية قبل الحمل فإن المرأة تحتاج إلى المزيد من العناية الطبية لتجنب حدوث مضاعفات؛ إذ إن ترك أمراض الغدة الدرقية خلال الحمل دون علاج يمكن أن يؤدي إلى حدوث ولادة مبكرة أو إجهاض أو انخفاض وزن الجنين عند ولادته أو مقدمات الارتعاج؛ وهي حالة تتمثل بارتفاع شديد في ضغط الدم لدى المرأة الحامل، فضلًا عن العديد من المضاعفات الأخرى؛ لذلك من الضروري إخبار الطبيب المسؤول عن المعاناة من مثل هذه الحالات ليراقب المرأة الحامل قبل وأثناء فترة الحمل ولضمان جرعات الأدوية التي تتناولها^[٢].

فرط نشاط الغدة الدرقية أثناء الحمل

تتضمن أعراض فرط نشاط الغدة الدرقية الأعراض التي تحدث عادة خلال الحمل الطبيعي ومن الأعراض التي قد تقترح إصابة المرأة الحامل بفرط نشاط الغدة الدرقية ما يأتي^[٣]:

• تسارع معدل ضربات القلب.
• مشاكل في التعامل مع الحرارة.
• الشعور بالتعب.
• ارتجاف اليدين.
• وجود خسارة وزن غير مبررة أو فشل في الحفاظ على زيادة وزن طبيعية أثناء الحمل.

وينتج فرط نشاط الغدة الدرقية أثناء الولادة غالبًا من الإصابة بمرض جريفز، وهو مرض مناعي ذاتي يقوم فيه جسم الإنسان بإنتاج أجسام مضادة تتسبب في زيادة إنتاج هرمونات الغدة الدرقية، وفي حالات نادرة يرتبط فرط نشاط الغدة الدرقية بالقيء المفرط الحملي والتي تُعد حالة شديدة من الغثيان والتقيؤ الذي يمكن أن يؤدي إلى خسارة الوزن والإصابة بالجفاف، ويعتقد الخبراء أن مثل هذه الحالة من الغثيان والتقيؤ الشديد ناتجة عن ارتفاع هرمون الحمل في بداياته؛ إذ يمكن للمستويات العالية من هرمون الحمل التسبب بزيادة إنتاج هرمونات الغدة الدرقية بشكل مفرط.

قصور نشاط الغدة الدرقية أثناء الحمل

تتماثل أعراض قصور الغدة الدرقية لدى النساء الحوامل والأشخاص العاديين الذين يعانون من القصور، وتتضمن أعراض وعلامات الإصابة بقصور نشاط الغدة الدرقية ما يلي^[٣]:

• الشعور بالتعب الشديد.
• مشاكل في التعامل مع البرد.
• تشنجات العضلات.
• الإصابة بالإمساك المزمن.
• وجود مشاكل في الذاكرة أو التركيز.

عادة ما ينتج قصور نشاط الغدة الدرقية أثناء الحمل بسبب الإصابة بمرض هاشيموتو ويحدث في كل 2-3 من أصل 100 حمل، ويُعد مرض هاشيموتو مرضًا مناعيًا ذاتيًا؛إذ يقوم جهاز المناعة عند الأفراد المصابين بهذا المرض بتكوين أجسام مضادة تهاجم الغدة الدرقية وتتسبب في التهابها وحدوث تلف يؤدي إلى جعلها أقل قدرة على إنتاج هرموناتها.

الأعراض المصاحبة لاضطراب الغدة الدرقية

تصاحب اضطرابات الغدة الدرقية سواء أكان فرطًا في النشاط أو نقصًا العديد من الأعراض والعلامات ومن بينها ما يأتي^[٤][٥]:

• أعراض فرط نشاط الغدة الدرقية: تتضمن أعراض فرط النشاط نفس أعراض الحمل الطبيعية مثل زيادة ضربات القلب، التعب، والتحسس من درجات الحرارة الساخنة، وتتمثل الأعراض الأخرى على الآتي:
  • زيادة العصبية.
  • ملاحظة مشاكل في النوم.
  • الغثيان الشديد أو القيء.
  • عدم انتظام ضربات القلب.
  • زيادة وزن الحامل أو نقصانه أقل من المتوقّع في الحمل.
  • رعشة خفيفة في اليد.
• قصور وكسل الغدة الدرقية: يتم الخلط بين أعراض قصور الغدة الدرقية مع أعراض الحمل الطبيعية، من بينها: زيادة الوزن والتعب الشديد، وتتضمّن الأعراض الأخرى:
  • الإمساك.
  • تشنّج العضلات.
  • مواجهة صعوبة في التركيز أو وجود مشاكل في الذاكرة.
  • التحسس من درجة الحرارة الباردة.
  • مشاكل في البشرة.
  • تساقط الشعر.
  • التورّم لا سيما تورّم اليدين والقدمين.

تشخيص أمراض الغدة الدرقية خلال الحمل

تشخص أمراض الغدة الدرقية خلال الحمل بناءً على الأعراض الظاهرة والفحص السريري الذي يجريه الطبيب، فضلًا عن فحوصات الدم المخبرية والتي تقيس نسب الهرمون المنشط للغدة الدرقية وهرمونات الغدة الدرقية، وهرمون الثيروكسين وهرمون ثلاثي يود الثيرونين^[٢].

علاج اضطراب الغدة الدرقية أثناء الحمل

يمكن معالجة مشاكل الغدة الدرقية بما يأتي^[٤]:

• علاج فرط نشاط الغدة الدرقية: خلال الأشهر الثلاثة الأولى يزداد وضع فرط النشاط سوءًا وقد يحتاج الطبيب المُعالج لزيادة جرعة الدواء، وبالنسبة للنساء المصابات بفرط نشاط الغدة الدرقية فإنهن يحتجن إلى العلاج عن طريق استخدام دواء البروبيل ثيوراسيل الذي يمنع إنتاج هرمونات الغدة الدرقية، ويعطى هذا الدواء بالعادة خلال أول ثلاث أشهر ويمكن استخدام الميثمازول بعد اقضاء الثلاث أشهر الأولى، وفي بعض الحالات لا تتجاوب النساء لهذه الأدوية أو قد يكون لها العديد من الآثار الجانبية، وفي هذه الحالة يجب أن تُجري الأم عملية جراحية وتزيل جزء من الغدة الدرقية.
• علاج قصور الغدة الدرقية: يمكن معالجة قصور الغدة الدرقية بهرمون اصطناعي يُدعى الليفوثيروكسين وهو مشابه لهرمون الثيروكسين المصنّع في الغدة الدرقية، فعند تشخيص المرأة على أنها حامل يجب إخبار الطبيب فورًا لتعديل جرعة الليفوثيروكسين، كما يجب أن يراقب الطبيب الفحوصات المتعلّقة بالغدّة الدرقية أثناء الحمل كل أربعة أو ستة أسابيع، وكما أسلفنا بالذكر بأن الحديد والكالسيوم الموجود بالفيتامينات يقلّلان من امتصاص هرمونات الغدة الدرقية في الجسم، فيجب تجنب أخذ الفيتامينات هذه في غضون ثلاث إلى أربع ساعات من تناول الليفوثيروكسين.

من حياتكِ لكِ

للحفاظ على صحتكِ وصحة طفلكِ والمحافظة على عمل الغدة الدرقية جيّدًا يجب الانتباه إلى الأكل، ولأن الغدة الدرقية تستخدم اليود لتصنيع هرمون الغدة الدرقية، فيجب الإكثار منه؛ إذ إنه من المعادن المهمة أثناء الحمل، فالطفل يحصل على اليود من نظام الأم الغذائي، ويُمكن أن يزداد احتياجكِ لليود خلال الحمل، كما يمكنكِ الحصول عليه من المصادر الغذائية مثل: منتجات الألبان، والبيض، واللحوم، والمنتجات البحرية، والدواجن، والمأكولات البحرية، والملح المعالج باليود، فيجب تناول حوالي 150 ميكروغرامًا من اليود للتأكد من تغطية الاحتياج اليومي، فضلًا عن أنه أثناء الرضاعة الطبيعية يجب تناول المزيد من اليود لأن الطفل يحصل عليه من حليب الأم، ورغم فوائد اليود أثناء الحمل؛ إلا أن كثرة تناوله من المكملات الغذائية تتبعه مشاكل في الغدة الدرقية^[٦].

المراجع

1. ↑ "Thyroid Gland: Overview", endocrineweb, Retrieved 8-1-2020. Edited.
2. ^ ^{أ ب} "Thyroid Disease in Pregnancy: What to Know", endocrineweb, Retrieved 8-1-2020. Edited.
3. ^ ^{أ ب} "Thyroid Disease & Pregnancy", nih, Retrieved 8-1-2020. Edited.
4. ^ ^{أ ب} "What's to know about hyperthyroidism", Retrieved 14-11-2019. Edited.
5. ↑ "What is hypothyroidism?", Retrieved 14-11-2019. Edited.
6. ↑ "Thyroid Disease & Pregnancy", Retrieved 14-11-2019. Edited.