محتويات
الدعاء في حياة المسلم
يُعدُّ الدّعاء من أشكال العبادات التي يتقرّب بها المُسلم من مولاه، إذ يلجأ إليه المسلم في مختلف ظروف الحياة، فهو من سُبل قضاء الحوائج، ورد البلاء، كما أنّه كما قال عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مخ العبادة ، إذ يروي أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ رسول الله قال: (الدعاءُ مخُّ العبادةِ) [النوافح العطرة| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، علاوةً على ذلك فقد ذكر الله تعالى الدعاء في الكثير من الآيات الكريمة، إذ يقول: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55]، ولمّا كان الدُّعاء من أكثر ما يُنجي العبد من الكُربات، ويحفظهُ من الشُّرور والآفات، كان لزامًا على المسلم أن يلجأ إليه في مُختلف ظروف حياته، بما في ذلك الدّعاء لحماية الجنين وهو ما سنتحدث عنه في هذا المقال[١].
دعاء لحماية الجنين
عند الحديث عن الدّعاء فلا بأس أن يدعو المسلم والمسلمة بما أراد ما لم يكن فيه أمر محرّم، لذلك فإنّ المرأة تستطيعُ أن تدعو بما شاءت لحماية جنينها، أمّا فيما يتعلق بالأدعية المأثورة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم ترد عنه أدعية خاصة بهذا الشأن، ولكن من الممكن أن تلجأ المرأة إلى جوامع الدّعاء، أو ما يقرّب هذا الغرض، وقد وردت في القرآن الكريم بعض الأدعية التي يمكن أن تمت لهذا الأمر بصلةٍ وثيقة، إذ قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان: 74]، كما ورد قوله تعالى من دعاء أم مريم عليها السلام: {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: 36]، وهي من الأدعية التي يُمكن للمرأة أن تدعو بها لحفظ جنينها وأطفالها[٢].
كيف تكون مستجاب الدعوة
توجد العديد من الأمور التي يجب أن تؤخذ بالحسبان ليصبح المرء مستجاب الدعوة، وفيما يأتي توضيح ذلك[٣]:
قبل الدعاء
قبل أن يشرع المسلم في دعائه عليه أن يراعي بعض الأمور، وهي كما يأتي:
- اختيار الوقت الذي تكون فيه إجابة الدعاء أقرب من غيرها، كيوم عرفة من كل عام، أو في شهر رمضان المبارك، وفي العشر الأواخر على وجه الخصوص، إضافةً لتحري ليلة القدر، كما أنّ يوم الجمعة من الأوقات التي يمكن للمسلم أن يوافقها بالدعاء المستجاب، بالإضافة للثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وعند نزول المطر، وصياح الديكة، وغيرها من الأوقات الواردة في إجابة الدعاء.
- استغلال حالات الضرورة التي يمر بها المسلم؛ كالمرض، والسفر، والشدائد، ووقوع الظلم، ففيها يكون المسلم أكثر تذللًا وافتقارًا إلى الله وإحساسًا بعجزه، فالله تعالى يستجيبُ للمريض والمضطّر، وللمظلوم وإن كان فاجرًا أو حتّى لو كان كافرًا، كما يستجيبُ للوالدين، وللمسافر، وللصائم حين فطره.
أثناء الدعاء
ينبغي للمسلم أن يراعي بعض الأمور أثناء دعائه ليكون مستجابًا، وفيما يأتي ذكرها:
- الإخلاص في الدعاء، وأن لا يلجأ المسلم في دعائه إلا لله وحده، إذ يقول تعالى: {وَأَنَّ ٱلْمَسَـٰجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً} [الجن: 18]، كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كنتُ رديفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فقال لي: يا غلامُ -أو يا بنيَّ- ألا أُعلِّمُك كلماتٍ ينفعُك اللهُ بهنَّ؟. فقلتُ: بلى، فقال: احفظِ اللهَ يحفظْك، احفظِ اللهَ تجدْه أمامَك، تعرَّفْ إلى اللهِ في الرخاءِ يعرفُك في الشدَّةِ، إذا سألتَ فاسْألِ اللهَ، وإذا استعنتَ فاسْتعنْ باللهِ، فقد جفَّ القلمُ بما هو كائنٌ، فلو أنَّ الخلقَ كلَّهم جميعًا أرادوا أن ينفعوك بشيءٍ لم يقسمْه اللهُ لك؛ لم يقدروا عليه، وإن أرادوا أن يضرُّوك بشيءٍ لم يقضِه اللهُ عليك؛ لم يقدروا عليه، واعمل للهِ بالشكرِ واليقينِ، واعلم أنَّ في الصبرِ على ما تكرَه خيرًا كثيرًا ، وأنَّ النصرَ مع الصبرِ ، وأنَّ الفرجَ مع الكربِ، وأنَّ مع العسرِ يُسرًا) [تفسير القرطبي| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- اليقين بالإجابة، وحسن الظن بالله تعالى، إذ ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي، واللَّهِ لَلَّهُ أفْرَحُ بتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِن أحَدِكُمْ يَجِدُ ضالَّتَهُ بالفَلاةِ، ومَن تَقَرَّبَ إلَيَّ شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، ومَن تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا، تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإذا أقْبَلَ إلَيَّ يَمْشِي، أقْبَلْتُ إلَيْهِ أُهَرْوِلُ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- استحضار القلب عند الدعاء وتدبر القول، والخشوع، كما يجب أن يبدأ المسلم دعاءه بالثناء على الله تعالى والصلاة على سيدنا محمد وينهي بذلك، وأن يسأل العبد ما يحل فلا يطلب أمرًا محرّمًا، وأن يكون مستقبلًا القبلة رافعًا يديه إلى السماء، كما يجب أن يسأل الله بأسمائه الحسنى ويتوسل إليه بها في حاجته، إضافةً لخفض الصوت فلا يكون الدعاء بصوتٍ مرتفع.
- الإلحاح بالدعاء والتضرع للمولى عزّ وجل، وتكرار ذكر الربوبية، إذ إن الإلحاح بالدعاء دليل على صدق التذلل والافتقار إلى الله والرغبة بالإجابة، كما يجب أن يتوسل المسلم بالأعمال الصالحة التي عملها خالصةً لوجه الله تعالى فهي من أسباب الإجابة، إضافة للجزم بالطلب، والعزم على المسألة، إذ يقول عليه الصلاة والسلام: (إذا دَعا أحَدُكُمْ فلا يَقُلْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي إنْ شِئْتَ، ولَكِنْ لِيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ ولْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ، فإنَّ اللَّهَ لا يَتَعاظَمُهُ شيءٌ أعْطاهُ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
بعد الدعاء
من الأمور التي يجب على المسلم الأخذ بها ليكون مستجاب الدعوة، بعض الأعمال المترتبة على ما بعد الدعاء، وهي كما يأتي:
- الصبر وعدم استعجال الإجابة، إذ يقول عليه السلام: (يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- التوبة النصوحة الصادقة، وصدق الإنابة إلى الله تعالى والبعد عمّا يُغضبه، ومن بين ذلك أن يَعفّ المسلم نفسه عن مطعم الحرام ومشربه وملبسه، بالإضافة إلى أن يكون المسلم آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، مطيعًا لربه، إذ يقول عليه السلام: (والذي نفسي بيدِه لتَأمرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عن المنكرِ أو ليُوشِكَنَّ اللهُ أن يَبعثَ عليكمْ عقابًا منهُ فتدعونهُ فلا يَستجيبُ لكمْ) [سنن الترمذي| خلاصة حكم المحدث: حسن].
- تقديم الأعمال الصالحة بين يدي الدعاء؛ كالصلاة، والصدقات، ونوافل الصوم، فالدعاء بعد عملٍ صالح يكون أرجى للإجابة، إذ يقول ربّ العزة: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر: 10].
المراجع
- ↑ "الدعاء: أهميته وآدابه وآثاره"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 2-1-2020. بتصرّف.
- ↑ "أدعية الجنين"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 2-1-2020. بتصرّف.
- ↑ "كيف تكون مستجاب الدعوة"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 2-1-2020. بتصرّف.