دعاء عن مريض

دعاء عن مريض

عيادة المريض

الإسلامُ دين العبادة والمعاملة، ودين الصّبر والرحمة، وحقَّ الإسلام زيارة المريض نتيجة ما يُصيبه من داء يُنهكُ جَسَدُه، ويُضعف قوَّته، فيَفرح بالزِّيارة ويأنس بها، ويَشتاقُ لمَن غابَ، ويَحزنُ لرؤية إخوته غافلين عنه، ومن جرَّب البلاء يومًا عرف قيمة العافية، ومن رقَد على سرير المرض ثمَّن قَدر الزّيارة؛ لذا اهتم الإسلام بهذا الجانب، وجعلهُ من حق المسلم على المسلم، وله الأجر والثواب، إذ قال -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (حقُّ المسلمِ على المسلمِ خمسٌ: ردُّ السَّلامِ وعيادةُ المريضِ واتِّباعُ الجنائزِ وإجابةُ الدَّعوةِ وتشميتُ العاطسِ) [تخريج صحيح ابن حبان| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وقال: (مَن عادَ مريضًا، أو زارَ أخًا لَهُ في اللَّهِ ناداهُ مُنادٍ: أن طِبتَ وطابَ مَمشاكَ وتبوَّأتَ مِنَ الجنَّةِ منزلًا) [صحيح الترمذي| خلاصة حكم المحدث: حسن ]، وقَد عادَ رَسولُ اللهِ يَهوديًّا لمَّا مَرِضَ[١].

وكان النبيّ يعود المريض، كما قال عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صحبهم في السفر والحضر، وكان يعود المريض ويتبع الجنائز، ويغزو مع الصحابة، ويواسيهم بالقليل والكثير، فكان إذا سمع بمريض أسرع لعيادته في بيته، وكان يُبشِّر المريض بالأجر والثواب التي يلحق به نتيجة المرض، فيهوِّن بذلك عليه الأمر، ويرضيه به[٢].


فوائد زيارة المريض

لزيارة المريض فوائد كثير منها[٣]: [٤]

  • إرادة خير للمؤمن: إذ يقول النبيّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (مَن يُرِد الله به خيرًا، يُصِبْ منه) [تخريج صحيح ابن حبان| حكم المحدث: صحيح]
  • تكفير الذُّنوب: كما يقول النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (ما يُصيب المسلمَ مِن نصَبٍ، ولا وصَب، ولا هم، ولا حَزن، ولا أذىً، ولا غم، حتَّى الشوكة يُشاكها، إلاَّ كفَّر الله بها مِن خَطاياه)[صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وقوله: (ما يزال البلاءُ بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتَّى يلقى الله وما عليه خطيئة). [سنن الترمذي| خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح]
  • رفع الدرجات: إذ يقول -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الرجل ليَكون له عند الله المنْزِلة فما يَبْلغها بعمل، فما يزال الله يبتليه بما يَكْره حتَّى يُبلِّغه إياها) [الزواجر|خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وقوله: (إنَّ العبد إذا سبقَتْ له من الله منْزِلة لم يبلغها بعمله، ابتلاه الله في جسده، أو في ماله، أو في ولده، ثم صَبَّره على ذلك؛ حتَّى يُبلِّغه المنْزلة التي سبقَتْ له من الله تعالى) [صحيح أبي داود| خلاصة حكم المحدث: صحيح]
  • الصبر: ويعني ذلك وجوب العبودية في الضرَّاء والسرَّاء، ولا يمكن للعبد أن يحقِّق ذلك إلا إذا أصيب بالضراء، وبالمرض تتحقَّق هذه العبودية من الصبر والرِّضا والتسليم.
  • اليقظة من الغفلة: فالمرض يوقِظُ صاحبه من غفلته التي يعيش فيها، إذ يقول ابن تيمية رحمه الله: (مصيبةٌ تُقْبِل بها على الله، خيرٌ لك من نعمة تنسيك ذِكْر الله).
  • تطهير القلب والرُّوح: وفي هذا يقول ابن القيِّم رحمه الله: (انتفاع القلب والرُّوح بالآلام والأمراض أمرٌ لا يحسُّ به إلاَّ مَن فيه حياة، فصحَّة القلوب والأرواح موقوفةٌ على الآمِ الأبدان ومشاقِّها"، والله سبحانه يُداوي عباده بالابتلاء، فإذا أراد بعبدٍ خيرًا، سَقاه دواءً من الابتلاء والامتحان، حتى إذا هذَّبه ونقَّاه وصفاه، أهَّله لأشرَفِ مراتب الدُّنيا، وهي: عبوديته، وأرفع ثواب الآخرة، وهو: رؤيته وقربه).
  • انتظار الفرج: وهو من أفضل العبادات؛ إذ يجعل العبد يتعلق بالله وحده، وهذا ملموس وملاحظ على أهل المرض أو المصائب، لا سيما إذا يئس المريض من الشفاء، وهذا من لطائف أسرار اقتران الفرج بالشدة، فإن العبد إذا يئس من الخلق وتعلق بالله جاءه الفرج، يقول سبحانه: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا}، [يوسف: 110].
  • تخويف العبد: إذ يقول تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ}[المؤمنون : 76]، ويقول:{ وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: 48] فما ابتلاه الله إلا ليجعل الخوف يرجعه إلى ربه.
  • الشكر: فإن العبد إذا ابتلي بعد الصحة بالمرض اشتاقت نفسه إلى العافية، وإذا منح الله العبد العافية وردّها عليه عرف قدر تلك النعمة، فيشكره صادقًا، لأن شكر من عرف المرض وذاق الألم ونجا منه، ليس كشكر من لم يعرفه.


الدعاء للمريض في القرآن الكريم والسُّنة الشريفة

ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- العديد من الأحاديث التي يدعو بها للمريض ومنها[٥][٦]:

  • قول النبيّ للمريض: (لا بَأْسَ، طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ له: لا بَأْسَ طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ: قُلتُ: طَهُورٌ؟ كَلَّا، بَلْ هي حُمَّى تَفُورُ، أوْ تَثُورُ، علَى شيخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ القُبُورَ، فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَنَعَمْ إذًا)[صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • قول النبي عن ابن عباس - رضي الله عنهما: (من عاد مريضًا لم يحضُرْ أجلُه فقال عنده سبعَ مرَّاتٍ: أسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أن يشفيَك إلَّا عافاه اللهُ من ذلك المرضِ) [الترغيب والترهيب| خلاصة حكم المحدث: صحيح أو حسن].
  • قول النبيّ عن عائشة - رضي الله عنها- إذا أتى مريضًا أو أُتِي به إليه: (أَذْهِبِ البَاسَ، رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا. وفي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: فَدَعَا له، وَقالَ: وَأَنْتَ الشَّافِي) [صحيح مسلم|خلاصة حكم المحدث: صحيح]
  • دعاء النبيّ لسعد بن أبي وقاص لَمَّا عادَه بالشفاء.
  • قول عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِن أَهْلِهِ، نَفَثَ عليه بالمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الذي مَاتَ فِيهِ، جَعَلْتُ أَنْفُثُ عليه وَأَمْسَحُهُ بيَدِ نَفْسِهِ، لأنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِن يَدِي. وفي رِوَايَةِ يَحْيَى بنِ أَيُّوبَ: بمُعَوِّذَاتٍ) [صحيح مسلم |خلاصة حكم المحدث: صحيح]
  • قول النبي حين شكا عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه- له وجَعًا يجده في جسده، فقال: (قَدِمْتُ على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، وبي وجَعٌ، قد كادَ يُبطِلُني، فقالَ لي النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: اجعل يدَكَ اليُمنى عليهِ، وقُلْ بسمِ اللَّهِ أعوذُ بعزَّةِ اللَّهِ، وقدرتِهِ من شرِّ ما أجدُ، وأحاذرُ، سبعَ مرَّاتٍ، فقلتُ ذلِكَ، فَشفانيَ اللَّهُ) [صحيح ابن ماجه| خلاصة حكم المحدث: صحيح ]
  • قول النبي عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما-: (إذا جاء الرجل يعود مريضًا، فليقل: اللهمَّ اشفِ عبدك؛ يَنكَأ لك عدوًّا، أو يمشي لك إلى صلاة)، [السلسلة الصحيحة| خلاصة حكم المحدث: حسن]
  • قول عائشة -رضي الله عنها- أنَّ النبي كان إذا اشتكى الإنسان الشيءَ منه، أو كانت به قُرحة أو جُرح، قال النبي -صلى الله عليه وسلم - بإصبعه هكذا - ووضَع سفيان بن عُيينة الراوي سبَّابته بالأرض، ثم رفَعها، وقال: (بسم الله، تُربةُ أرضنا، بريقة بعضنا، يُشفى سقيمُنا، بإذن ربِّنا)، [صحيح ابن حبان| خلاصة حكم المحدث: صحيح]
  • قول الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}، [الإسراء: 82]، ويقول:{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} [فصّلت: 44]، أي شفاء لأمراض القلوب والأبدان.
  • الأحاديث الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بإثبات فضيلة زائدة لبعض سور القرآن الكريم، وتأثيرها في حصول الشفاء من الأمراض كسورة الفاتحة أعظم سورة في القرآن الكريم، وسورة الإخلاص، التي تعدل ثلث القرآن الكريم، وسورة الفلق وسورة الناس.


المراجع

  1. الشيخ عبدالله بن محمد البصري (26-3-2010)، "عيادة المريض"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 8-12-2019. بتصرّف.
  2. أ.د.راغب السرجاني (13-12-2011)، "رحمة النبي بالمرضى"، islamstory، اطّلع عليه بتاريخ 8-12-2019. بتصرّف.
  3. الشيخ عادل يوسف العزازي (9-1-2012)، "آداب المريض وزيارته (2/ 15)"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 8-12-2019. بتصرّف.
  4. عبدالرحمن اليحيى، "رسـالـة إلى مريض"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 8-12-2019. بتصرّف.
  5. لشيخ عادل يوسف العزازي (28-5-2013)، "الأدعية والرُّقى للمريض"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 8-12-2019. بتصرّف.
  6. فريق الإسلام سؤال وجواب (31-3-2015)، "هل ثبت أن الاستماع إلى " سورة الرحمن " يعالج الكثير من الأمراض"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 8-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :