العلم والعمل
قال تعالى في محكم التنزيل ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر:9]، يتبين لنا من هذه الآية الكريمة المكانة العظيمة التي أولاها الله للعلم وحامله، فالعلم هو ميراث الأنبياء والرسل وهذا لمكانته العظيمة، فبالعلم يَسهل الصعب ويلين الحديد وتصعد الأمم وتزدهر الحضارات فما من أمةٍ أخذت بالعلم إلّا وصعدت وما من أمةٍ تركت العلم إلّا نُكِسَت لذا فليس من الغريب أن يكثر في القرآن الكريم ذكر فضل العلم والعلماء مع الحض على العمل به والمثابرة والصبر في طلبه.[١]
فضل العلم والعمل في بناء الحضارة
لم يكن اهتمام القرآن الكريم بالعلم والعمل وفضلهما مصادفة بل هو ترسيخ لركيزتين أساسيتين لا تسود الأمم إلا بهما وهما العلم والعمل ليس العلم والعمل الشرعي فقط والمتمثل في صور العبادات المختلفة بل يشمل كل العلوم النافعة وهذا مما لا يجب تجاهله إذ من المفترض أن تُعطى جميع المجالات العلمية الاهتمام اللازم للوصول بالمجتمعات لمرحلة الريادة والتطور الحضاري الكبير لا سيّما وأن الله تعالى يسّر لنا سُبل العلم والتعليم فخلق لنا كل ما يلزم لهذا الأمر العظيم من بصر وسمع وقلوب وعقول وتوجهات فكرية فنجد من يتجه للهندسة ومنهم من يهتم بالطب ومنهم من يعشق الكيمياء والفيزياء وغيرها وكل هذه الأمور لم تأت بمحض الصدفة بل هي من حكمة الله تعالى في خلقه.
كان الرسول عليه الصلاة والسلام يحثّ أصحابه دائمًا على العلم والعمل وأولاهما الكثير من الاهتمام في بدء تكوين الدولة الإسلامية، كما سار صحابته الكرام وعظماء هذه الأمة على نهجه، ولنا في بلاد الأندلس خير عبرة فقد كانت المنارة العلمية والحضارية والتي أخذت بركيزتي العلم والعمل به في شؤون حياتها حتى وصلت للمكانة العظمى في شتى المجالات، ولا عجب أنها الحضارة التي استقى منها الأوروبيون علومهم التي صعدوا بها أولى مراحل حضارتهم الحالية فهذا خير البراهين على فضل العلم والعمل، كما يجب عدم نسيان فضل العلماء فهم ورثة الأنبياء وفيهم نزلت الكثير من آيات الله المحكمة التي تزيدهم تكريمًا وتشريفًا وهذا ليس لشيء في أجسامهم وأنسابهم بل هي للعلم الذي حوته قلوبهم وعقولهم وعملوا به لمصلحة الأمة ورفعتها ولبناء مستقبل مشرق وحضارة عريقة تتوافق مع عمارة الأرض والسعي في صلاحها.[٢]
العلم بلا عمل كالعمل بلا علم
مما لا شك فيه أن العلم بلا عمل لن يغير من واقع البشرية شيئًا، فما فائدة تلك العلوم الحبيسة في صدور أهلها إذا لم تتترجم لعمل يفيد الفرد والمجتمع، فعلى سبيل المثال ما فائدة تلك الخطب الرنانة والندوات والمؤتمرات التي تُعقد في أنحاء العالم المختلف دون ترجمة القرارات لخطط عمل تُترجم على أرض الواقع لمشاريع عملية تساعد في رفعة المجتمعات وتقدمها وحل المشكلات التي تواجه المسيرة التقدمية كذلك الأمر على المستوى الفردي فلا طائل من اكتساب العلوم والمعارف المختلفة إذا لم يرافقها العمل الجاد والدؤوب لتحقيق الذات ورفعة النفس.[٣]
المراجع
- ↑ "الحث على العلم والعمل به"، alukah، 1-9-2019، اطّلع عليه بتاريخ 1-9-2019. بتصرّف.
- ↑ "العلم والعمل ركيزتا التحرر من التخلف"، msn، 1-9-2019، اطّلع عليه بتاريخ 1-9-2019. بتصرّف.
- ↑ "العلم بلا عمل.. كالعمل بلا علم"، aljazeera، 1-9-2019، اطّلع عليه بتاريخ 1-9-2019. بتصرّف.