ظاهرة العولمة

ظاهرة العولمة

العولمة

يشير مصطلح العولمة إلى الماهية التي تتحقق بها التكاملية العالمية في مجال التجارة الحرة وتكنولوجيا المعلومات والثقافات الوطنية والأعمال، ويكون تطبيقها بواسطة السياسات المرسومة لتحقيق انفتاح الاقتصاد محليًّا وعالميًّا بهدف رفد عملية التنمية في الدول الفقيرة ورفع المستوى المعيشي لمواطنيها، ومع ذلك فإن السوق الحرة الدولية التي نشأت نتيجة لهذه السياسات أفادت الشركات متعددة الجنسيات في الغرب على حساب الشركات والمشاريع التجارية الصغيرة، وعلى حساب التنوع الثقافي والمواطنين من الطبقة الوسطى ومحدودي الدخل، ويمكن للشركات بواسطة العولمة أن تستفيد من انخفاض تكاليف التشغيل والقدرة على الوصول إلى المواد الخام وإلى أسواق جديدة، ناهيك عن أن الشركات متعددة الجنسيات يمكنها تصنيع المنتوجات وشراؤها وبيعها في جميع أنحاء العالم، فمثلًا يمكن لصانع سيارات في اليابان أن يصنع قطع سيارات في عدة دول نامية ثم يشحنها إلى دولة أخرى منخفضة تكاليف التشغيل لتجميعها فيها ثم تباع السيارة الناتجة في أي دولة حول العالم.[١]


بدأت ظاهرة العولمة بالظهور بالتزامنِ مع بدءِ التجمعات البشرية الأولى فوق سطح الأرض من خلال التفاعل والتواصل فيما بينها، إذ تعدّ عملية تكاملية واعتمادية ما بين الحضارات والمجتمعات والأمم التي نشأت على مر التاريخ، وفي الواقع قد أصبح غياب العولمة أمرًا مستحيلًا وصعبًا للغاية نظرًا للاعتماد الكامل على التكنولوجيا الحديثة والنقل، وخير مثال يضرب على العولمة هو تأثر الولايات المتحدة مباشرة بما يطرأ على سوق الأوراق المالية في الصين، كما يمكن أن تترك الحروب في بلدٍ ما أثرًا واضحًا على بلد آخر آمن من خلال الهجرات الجماعية وغيرها الكثير من الأمثلة في السياق ذاته[٢].


إيجابيات ظاهرة العولمة

يرى مناصرو العولمة أنها تتيح الفرصة للدول النامية للحاق بالدول المتقدمة من خلال زيادة التصنيع والتنوع والتوسع الاقتصادي وتحسين المستوى المعيشي، وتعد الصين مثالًا حيًّا على اقتصاد وطني استفاد بنسبة كبيرة من العولمة، إذ يساعد التمويل الخارجي القادم من شركات عالمية على توفير فرص العمل والتكنولوجيا الحديثة للدول النامية، كما أن المشاريع التجارية تزيد التجارة العابرة للحدود من خلال إلغاء القيود المتعلقة بتزويد البضائع والتجارة، فمثلًا ساهمت اتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة في تشجيع مصنعي السيارات الأمريكيين على نقل عمليات التصنيع إلى المكسيك حيث تقل تكاليف الأيدي العاملة، في حين أن العديد من الشركات الأمريكية نقلت مراكز الاتصال الخاصة بها إلى الهند، وهكذا نجد أن العولمة ساهمت في تطور العدالة الاجتماعية على المستوى الدولي وساهمت في نشر ثقافة احترام حقوق الإنسان حول العالم[١]، بالإضافةِ إلى ما تقدم؛ تظهر إيجابيات ظاهرة العولمة على النحو الآتي[٣]:

  • التشجيع على التجارة الحرة، إذ يساعد ذلك على تسهيل الشراء من أي مكانٍ في الأرض بتكاليفٍ منخفضة ودون حواجز.
  • خلق المزيد من فرص العمل واستحداثها.
  • تبديد مشكلة التلاعب بالعملة وأسعارها.
  • فتح الأفق أمام الدول الفقيرة والنامية نحو التطور.
  • تلاشي كابوس الضرائب تقريبًا، وعلى نحو أدق فإنها تؤدي إلى اختفاء الملاذات الضريبية.
  • منح الحرية الكاملة للأفراد والجماعات بالتواصل فيما بينهم، وبالتالي التعرف على ثقافات الشعوب والاختلاط فيما بينهم.
  • التخلص من الأسواق السوداء والقضاء على مشكلات استغلال الأيدي العاملة.
  • تحقيق الديمقراطية في مختلف أنواع الإدارات والتخلص من الديكتاتورية والظلم فيها.
  • الاستغلال الأمثل للموارد المتوفرة في إنتاج ما يفيد المجتمعات.


سلبيات ظاهرة العولمة

من ناحية أخرى للعولمة سلبيات يشدد عليها معارضوها، إذ إن تدهور الأوضاع الاقتصادية في دولة ما سيؤثر على اقتصادات دول أخرى فيما يعرف بتأثير الدومينو، ومن الأمثلة على ذلك أن اليونان والبرتغال وإسبانيا وإيرلندا عندما عانت من أزمة في الديون العامة في عام 2008 للميلاد، استدعى الأمر تدخل دول الاتحاد الأوروبي الأخرى لإنقاذ الأمر[١]، هذا وتشتمل ظاهرة العولمة على سلبيات أخرى منها[٣]:

  • المساهمة في زيادة الثراء لدى الأغنياء وتفاقم مشكلة الفقر في الطبقات الفقيرة، ويأتي ذلك من خلال لجوء بعض الدول إلى فرض ضرائب على القيمة المضافة بنسبةٍ تتعدى 20%، فيجعل ذلك الأفراد عاجزين عن الوصولِ للمنتجات المستوردة؛ فيقتصر ذلك على الأغنياء منهم.
  • تقديم رواتب وأجور متدنية بالرغم من الوظائف وفرص العمل التي تخلقها، إذ تكون الأجور أقل بكثير في منطقة ما تمارس الأعمال التجارية مقارنةً بمناطق أخرى لها السمات نفسها، مما يدفع بالشركات للانتقالِ إلى المناطق ذات الأجور المنخفضة لتحقق نجاحًا ماديًّا أفضل، وفي هذا السياق ستكون المنافسة إما نحو القاع وإما نحو القمة.
  • تفاقم الخوف من المضي قدمًا بالتجارة والعمل ضمن علاقات تجارية واسعة.
  • خلق سياسات تجعل النفوذ للأغنى على حساب الطبقات الفقيرة، ويتمثل ذلك من خلال مساهمة الأثرياء وأصحاب النفوذ في سن القوانين التي تناسبهم.
  • استنزاف أكبر نسبة من الموارد لصالحِ الدول المتقدمة والغنية، وما يؤكد على ذلك استحواذ دول مجموعة العشرين على ما نسبته 86% من الموارد الموجودة في هذا العالم الفسيح، بينما لا تتعدى النسبة المتوفرة للدول الفقيرة 14%.
  • ازدياد احتمالية انتشار الأمراض حول العالم، إذ تشير المعلومات إلى أن الحدود المفتوحة تساهم في تزايد انتشار الأمراض المعدية والسارية في غضونِ 14 يومًا فقط، وبالتالي تزايد المخاوف من تفشي الأمراض المميتة.


أنواع العولمة

تنقسم العولمة لعدةِ أنواع، منها ما يأتي[٤]:

  • العولمة الاقتصادية (Economic globalisation): العولمة الاقتصادية نوع من أنواع العولمة يهدف لتحقيق التواصل والترابط الوثيق بين اقتصادات دول العالم بواسطة التجارة وتبادل الموارد، وفي الحقيقة لا يمكن لأي اقتصادٍ وطني أن يعتمد على نفسه بالعمل منعزلًا عن بقية الاقتصادات الوطنية، إذ تعتمد جميع الدول على بعضها في الاستيراد والتصدير، ومن الجدير بالذكر أن هذا المفهوم تجلّى من خلال أزمة الركود العالمي التي حلت في سنة 2007 للميلاد.
  • العولمة الاجتماعية (Social globalisation): تعمل العولمة في هذا السياقِ على إجراءِ تبادل واضح وعميق بالأفكار والمعلومات والثقافات بين الشعوب، وتعد شبكة الإنترنت من أهم الوسائل الفعالة في تحقيق التواصل بين الشعوب، وساهم ظهور وسائل التواصل الاجتماعي في تحقيق تبادل الثقافات أيضًا، كما يمكن أن يُدرج تحت هذا البند كل من المسلسلات التلفزيونية العالمية والأفلام والكتب، ومن الأمثلة على ذلك ما حققته كتب وأفلام هاري بوتر من نجاحٍ ساحق في مختلف أرجاء العالم؛ فأصبحت الشخصيات البارزة مشهورة على مستوى العالم، كما أنّ العولمة الاجتماعية قد تُنتقد نتيجة التغاضي عن بعض الاختلافات الثقافية.
  • العولمة السياسية (Political globalisation): تتجسد العولمة السياسية من خلال إقامة علاقات التعاون السياسية بين دولِ العالم، وتأتي المنظمات العالمية لتوضح بدقة المقصود بذلك من خلال سن قوانين وتشريعات تلتزم بها الدول جميعًا، ومن أهم المنظمات التي ساهمت في رفع مستوى انتشار العولمة السياسية هي المنظمات الإقليمية والأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية.


المرأة والعولمة

لقد أصبح العالم أكثر تكاملًا، مما زاد من الانفتاح التجاري وأدى إلى تزايد التكامل الاقتصادي العالمي والترابط، كما أن التطورات التكنولوجية تتغير بسرعة، وعلى مدار السنين واجهت النساء العديد من المشكلات، وقد ساهمت العولمة في تحقيق المساواة بين الجنسين، وقد أدت الموجة الحالية من العولمة إلى تحسن كبير في حياة النساء في جميع أنحاء العالم، ولا سيما النساء في العالم النامي، ومع ذلك لا تزال المرأة محرومة في العديد من مجالات الحياة، بما في ذلك التعليم والتوظيف والصحة والحقوق المدنية ورعاية المرأة أثناء الأمومة إذ تموت حوالي 529000 امرأة سنويًّا أثناء الحمل والولادة[٥].


المراجع

  1. ^ أ ب ت BEVERLY BIRD AND, CAROL KOPP (9-5-2019), "investopedia"، investopedia, Retrieved 30-11-2019. Edited.
  2. Anam Ahmed (18-10-2018), "What Are the Different Types of Globalization?"، bizfluent, Retrieved 30-11-2019. Edited.
  3. ^ أ ب "22 Globalization Pros and Cons", vittana, Retrieved 30-11-2019. Edited.
  4. "Types of globalisation", tutor2u, Retrieved 30-11-2019. Edited.
  5. "IMPACT OF GLOBALIZATION ON WOMEN", longdom, Retrieved 5-4-2020. Edited.

فيديو ذو صلة :