محتويات
لغة الضحك
قد يبدو الضحك أكثر التجارب العاطفية التي يمارسها الأشخاص معًا، كما أنّه تعاون كامل بين الدماغ والجسم، على الرغم من أنّ الضحك أحد السّمات المميزة للبشر، غير أنّه لا يُعرف إلّا القليل عن الآليات التي تقف وراءه، ويُعرِّف العلماء الضحك بأنّه نظام إشارات اجتماعية متطورة للغاية يساعد الناس في الارتباط والتفاوض، ومن المثير للاهتمام أنّ معظم الضحك الاجتماعي لا ينتج من أيّ مزحة واضحة بل من تصرفات عفوية، وسببها أيضًا الحرج والمضايقات الاجتماعية الأخرى.
يسهّل الضحك الترابط بين مجموعات كبيرة من الناس، إذ يستطيعون التواصل بسرعة وسهولة في مجتمع كبير، ويُفكّر معظم الناس أنّ الضحك ردّ فعل بسيط على الكوميديا، غير أنّ الدراسات أثبتت بعد 10 سنوات من البحث في هذا الموضوع أنّ الضحك في المقام الأول غناء اجتماعي يربط الناس معًا، إذ إنّها لغة خفية يتحدث الأشخاص جميعهم عنها، وليس ردّ فعل جماعيًّا متعلمًا بل سلوكًا غريزيًّا مبرمجًا بواسطة جيناتنا[١].
نوعان من الضحك
تشرح عالمة الأعصاب صوفي سكوت نوعين مختلفين من الضحك يمرّ بهما الإنسان؛ هما: ضحك حقيقي (لا إرادي)، وضحك مزيف، وقدّمت في مناقشتها إلى الحاضرين ضحكات مسجلة، وطلبت منهم محاولة التمييز بين الضحكات الحقيقية والضحكات المزيفة، والمهمة سهلة بالنسبة لمعظم الناس، إذ يستطيعون التمييز بوضوح بين الضحك الحقيقي والضحك المزيّف.
بيّنت دراسة حديثة لصوفي سكوت تُظهر فيها كيف يستجيب الدماغ لهذين النوعين المختلفين من الضحك، إذ أحضرت تسجيلات لكلٍّ من الضحك الحقيقي والضحك المزيف، وطلبت من المشاركين الاستلقاء، والاستماع الى الضحكات، واستخدمت التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لفحص أدمغتهم أثناء سماعهم تسجيلات الضحكات.
أشارت النتائج إلى أنّ أدمغة الذين سمعوا ضحكًا حقيقيًّا وضحكوا استجابت بشكل مختلف تمامًا، إذ مارسوا نشاطًا في قشرتهم السمعية، ويعزى ذلك على الأرجح إلى سماع أصوات رواية فريدة من نوعها لا لبس فيها وسهلة الفهم، وأولئك الذين استمعوا إلى الضحك المزيف مرّوا أيضًا بنشاط في مناطق من الدماغ مرتبطة بالتفكير في ما كان يفكر فيه الشخص الآخر، فعندما يتعرّض الشخص لموقف يُظهِر فيه شخصًا آخر ضحكًا مزيفًا فإنّه يستجيب ببذل جهود معرفية لفهم المعنى والغرض من الضحك، وتخطط صوفي سكوت في المستقبل لدراسة الأطفال المصابين بالتوحد، والذين يُظهِرون ضحكًا حقيقيًا، لكنّهم يجدون صعوبة في فهم الضحك المزيّف الاجتماعي[٢].
من الواضح أنّ الضحك استجابة غريزية، واستجابة متعلمة، ويجد الناس أشياء مضحكة بشكل طبيعي، ويضحكون ضحكًا حقيقيًا مندفعًا، لكن يمكنهم أيضًا صنع ضحكات مزيفة لإظهار الرغبة والتفهم والتشابه مع الآخرين، علاوة على ذلك، طوّر الإنسان ضحكات ليست حقيقية ومندفعة بل مزيّفة واستراتيجية، وتُستخدَم لإظهار الأعراف الاجتماعية والثقافية وإدارة الحالات العاطفية والتعبير عن النفس بشكل جيد خلال التفاعلات الاجتماعية[٢].
آثار الضحك
الضحك دواء قوي؛ فهو يجمع الناس معًا بطرق تؤدي إلى حدوث تغييرات بدنية وعاطفية صحية في الجسم، ويُقوّي جهاز المناعة، ويُحسّن الحالة المزاجية، كما أنّه يقلّل الألم، ويحمي من الآثار الضارة الناجمة عن الإجهاد، ويعيد دماغ الإنسان وجسمه إلى التوازن، مع وجود الكثير من القوة للشفاء والتجديد، وتُعدّ القدرة على الضحك بسهولة وبشكل متكرر موردًا هائلًا للتغلب على المشكلات، وتعزيز العلاقات مع الآخرين، ودعم كلٍّ من الصحة الجسدية والعاطفية، وأفضل ما في الأمر أنّ هذا الدواء الذي لا يُقدّر بثمن ممتع ومجاني وسهل الاستخدام[٣].
عندما يبدو الشخص طفلًا يضحك مئات المرات في اليوم، لكن عندما يصبح شابًا تميل حياته إلى أن تصبح أكثر جدية ولا يعود يضحك كثيرًا، لكن من خلال البحث عن المزيد من الفرص للفكاهة والضحك تُحسّن الصحة العاطفية، وتُقوّى العلاقات مع الآخرين، ويوجد المزيد من السعادة[٣]. وفي ما يأتي بعض آثار الضحك الإيجابية في حياة الإنسان وصحته[٣]:
- دعم صحة جسم الإنسان، إنّ الضحك يريح الجسم كله، ويخفّف من التوتر الجسدي والإجهاد، مما يترك العضلات مسترخية لمدة تصل إلى 45 دقيقة بعد الضحك.
- الضحك يعزز جهاز المناعة، إذ إنّه يقلل من هرمونات التوتر، ويزيد من الخلايا المناعية والأجسام المضادة لمكافحة العدوى، وبالتالي تحسين مقاومة للأمراض.
- إطلاق الإندورفين، إذ يعزز الاندورفين شعورًا عامًا بالراحة، ويخفّف من الألم بشكل مؤقت.
- حماية صحة القلب، الضحك يحسّن أداء وظيفة الأوعية الدموية، ويزيد من تدفق الدم، الذي يساعد في الحماية من النوبة القلبية وغيرها من مشاكل القلب والأوعية الدموية.
- حرق السعرات الحرارية، وجدت إحدى الدراسات أنّ الضحك لمدة 10 إلى 15 دقيقة يوميًا يحرق 40 سعرة حرارية، وهو ما يكفي لخسارة ثلاثة أرطال أو أربعة على مدار عام.
- التخفيف من الغضب، إنّ النظر إلى الجانب المضحك يضع المشاكل في منظورها الصحيح، ويُمكّن الشخص من الانتقال من المواجهات دون التمسك بالمرارة أو الاستياء.
- العيش بصحة جيدة لمدة أطول، وجدت دراسة أجريت في النرويج أنّ الأشخاص الذين يضحكون أكثر عاشوا بصحة جيدة لمدة أطول من الذين لا يضحكون بالقدر نفسه، وبدا الفرق ملحوظًا بشكل خاص بالنسبة لأولئك الذين يحاربون إصابتهم بالسرطان.
الاختلاف بين الجنسين في الضحك
وصفت اللغوية ديبورا تانين الاختلافات بين الجنسين في الضحك، فوجدت من خلال الدراسة التي أجرتها مع زملائها البالغ عددها 1200 دراسة، أنّه بينما يضحك كلا الجنسين كثيرًا تضحك الإناث أكثر، ففي المحادثات بين الجنسين تضحك الإناث أكثر بنسبة 126٪ من نظرائهن من الرجال؛ مما يعني أنّ النساء يضحكن أكثر بينما يميل الذكور إلى إضحاك النساء من خلال تنفيذ تصرفات فكاهية وسرد النكات، ويبدو أنّ الرجال هم المحرّضون الرئيسيون للفكاهة عبر الثقافات، وتبيّن أنّ النساء يبحثن عن الرجال الذين يجعلونهن يضحكن، والرجال حريصون على الامتثال لهذا الطلب.
عندما درست كارل غرامر وإيريناوس إيبسفيلدت المحادثات التلقائية بين شاب وفتاة يلتقون للمرة الأولى لاحظوا أنّه كلما ضحكت المرأة بصوت عالٍ خلال هذه اللقاءات زاد اهتمامها بالرجل الذي كانت تتحدث معه، كما أنّ الرجال يزيد اهتمامهم بالنساء اللواتي ضحكن بشدة في وجودهن[٤].
كيفية جذب المزيد من الضحك
الضحك حق الإنسان الطبيعي، وجزء طبيعي من الحياة الفطرية، ويبدأ الأطفال الابتسام خلال الأسابيع الأولى من حياتهم، ويضحكون بصوت عالٍ في غضون أشهر من الولادة، فيجب على كلّ شخص تخصيص أوقات خاصة للبحث عن الفكاهة والضحك، إذ إنّ الإنسان يحتاج إلى دمج الفكاهة بالضحك في نسيج حياته، وإيجادها بشكل طبيعي في كل شيء[٣]. وفي ما يأتي بعض الطرق لجذب المزيد من الضحك[٣]:
- الابتسامة؛ هي بداية الضحك، ومُعدِية مثله أيضًا، فعند النظر إلى شخص ما أو رؤية شيء لطيف فعلى الشخص الابتسام بدلًا من النظر إلى الهاتف، فالابتسام في وجوه الأشخاص في الشارع، أو الشخص الذي يقدّم القهوة، أو زملاء العمل له أثر كبير في الشخص نفسه والآخرين أيضًا.
- إحصاء النعم؛ كتابة قائمة بالنعم التي يتمتع بها الشخص والأمور الجيدة التي يملكها تجعله يفكّر في الأمور الإيجابية لحياته، بالتالي سوف يبتعد عن الأفكار السلبية التي تمنع الفكاهة والضحك.
- مشاركة الضحك؛ أحيانًا تبدو الفكاهة والضحك مزحة مشتركة بين مجموعة صغيرة، لكن في كثير من الأحيان يبدو الناس سعداء للغاية بمشاركة شيء مضحك؛ لأنّها تمنحهم فرصة للضحك مرة أخرى، فعندما يسمع الشخص أناسًا يضحكون عليه مشاركتهم وسؤالهم عن سبب الضحك.
- الإحاطة بأشخاص فكاهيين، هؤلاء الأشخاص الذين يضحكون بسهولة سواء على أنفسهم أو على مواقف الحياة، والذين يجدون روح الدعابة بشكل روتيني في الأحداث اليومية على الشخص البحث عنهم ومصاحبتهم والجلوس معهم.
اقتباسات عن الضحك
مع الضحك والإبتسام ستصبح الأيام أخفّ وزنا وأكثر سعادة وأكثر تحملًا، ويبدو وجه الشخص المبتسم أكثر جاذبية وجمالًا أيضًا، وفي ما يأتي بعض الاقتباسات الجميلة عن الضحك والإبتسام[٥].
- "من المستحيل أن تغضب وتضحك في الوقت نفسه، والغضب والضحك يستبعد كلٌّ منهما الآخر، ولديك اللغز المحيّر لاختيارهما"- واين داير
- "الإبتسامة هي وسيلة غير مكلفة لتغيير مظهرك". - تشارلز جوردي
- "في ذروة الضحك يتدفق الكون إلى مشهد من الاحتمالات الجديدة".- جان هيوستن
- "احمل الضحك معك أينما ذهبت".- هيو سيدي
- "أضحك دائمًا عندما تستطيع، إنّه دواء رخيص".- اللورد بايرون
- "في ذروة الضحك يتدفق الكون إلى مشهد من الاحتمالات الجديدة". - جان هيوستن
- "الابتسامة هي الضوء الموجود في نافذة وجهك لإخبار الناس أنّك في المنزل".- القائل مجهول
- "الابتسامة هي الترحيب العالمي".- ماكس ايستمان
- "حتى لو لم يكن هناك ما تضحك عليه، اضحك على الائتمان".
- "تذكّر دائمًا أن تكون سعيدًا لأنّك لا تعرف أبدًا من يقع في حب ابتسامتك".
المراجع
- ↑ "Laughter", psychologytoday, Retrieved 30-12-2019. Edited.
- ^ أ ب psychneuro (6-3-2016), "DISSECTING THE MEANING OF LAUGHTER"، psych-neuro, Retrieved 30-12-2019. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج Lawrence Robinson, Melinda Smith, M.A., and others (11-2019), [Laughter is the Best Medicine "https://www.helpguide.org/articles/mental-health/laughter-is-the-best-medicine.htm"]، helpguide, Retrieved 30-12-2019. Edited.
- ↑ Robert Provine (9-6-2016), "The Science of Laughter"، Robert Provine, Retrieved 30-12-2019. Edited.
- ↑ "Happy Smile and Laughter Quotes", great-inspirational-quotes, Retrieved 23-12-2019. Edited.
