حكم صبغ الشعر بالسواد

حكم صبغ الشعر بالسواد

هل صبغ الشعر حلال أم حرام؟

يُحرّم صبغ الشعر بالسواد في مذهب الشافعية، وقد اختاره جماعة منهم، ورجحه النووي، وهو مكروه لغير حرب في مذهب الحنفية والمالكية والشافعية، ومشهور في مذهب الحنابلة، وهو جائزُ بلا كراهةٍ في قولٍ في مذهب الحنفيّة، واختاره أًبو يوسف، ومحمّد بن الحسن، ومذهب بعضِ الصحابة، كما اختاره بعضُ التابعين منهم ابن سيرين، وأبو سلمة، ونافع بن جبير، وموسى بن طلحة، وإبراهيم النخعي، وغيرهم، ويجوزُ للمرأة ولا يجوزُ للرجل وهو قول إسحاق واختاره الحليمي[١].


أمّا صبغ الشعر بأي صبغ آخر مائل للحمرة أو الصفرة فلا حرج في ذلك، مثل: الحناء والكتم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أحسنَ ما غُيِّر به هذا الشَّيبُ؛ الحِنَّاءُ، والكتْمُ)[ صحيح أبي داود | خلاصة حكم المحدث: صحيح]، والأصل في استعمال الأصباغ الإباحة، ما لم يكن الصبغ بالسواد أو كان فيه تشبّه بالكفار، أو ثبت ضرره على صحة المرأة، ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الأصل في الأشياء غير العبادات الحل، وعلى هذا، فيجوز للمرأة أن تصبغ رأسها بما شاءت من الصبغ، إلا إذا كان سواداً تخفي به شيبها، فإن ذلك لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أَمَر بتغيير الشيب، وقال: (وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، أو إذا كانت هَذه الأصباغ مما تختصُّ به النساء الكافرات، بحيث إذا شوهدت هذه المرأة، قيل هذه امرأةٌ كافرةٌ؛ إذ لا تصبغ هذا الصّبغ إلا امرأةٌ كافرة، فحينئذٍ يحرم على المرأة أن تصبغ به؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من تشبَّه بقومٍ فهو منهم) [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح ] ، فإذا خلا هذا الصبغ من هذين العنصرين: أعني السواد لإخفاء الشيب أو الصبغ الذي تختص به النساء الكافرات فإن الأصل الإباحة، فلتصبغ المرأة بما شاءت"[١][٢][٣].


ما هو حكم صبغ الشعر بالسواد؟

اختلف الفقهاء في حكمِ الصّبغِ بالسواد الخالص للمرأة والرجل، فحرّم بعضهم ذلك واختار آخرون ‏الكراهة، والأدلة واحدة عند الفريقين، وكان الاختلاف في دلالة النهي، وتفسير المُخالف له؛ لذا كان أقل ‏حكم له الكراهة، وقد حرّمه الإمام النووي، وقال: "والصحيح بل والصواب أنه حرام"، ومن الأدلة على منعه حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَكونُ قَومٌ في آخِرِ الزَّمانِ يَخضِبونَ بالسَّوادِ كحَواصِلِ الحَمامِ، لا يَريحونَ رائحةَ الجنَّةِ)[تخريج مشكل الآثار| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى لا يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].


عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه: أُتِيَ بأَبِي قُحَافَةَ يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: (غَيِّرُوا هذا بشيءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وهذا الحكم خاص بالصبغ بالسواد الخالص، أمّا ما يميل إلى السّواد من الألوان فلا حرج في الصبغ بِه، سُئِلَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ عن خِضَابِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؟ فَقالَ: (لو شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتٍ كُنَّ في رَأْسِهِ فَعَلْتُ، وَقالَ: لَمْ يَخْتَضِبْ، وَقَدِ اخْتَضَبَ أَبُو بَكْرٍ بالحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، وَاخْتَضَبَ عُمَرُ بالحِنَّاءِ بَحْتًا) [صحيح مسلم | خلاصة حكم المحدث: صحيح] أي منفردًا، وهذا يوضح أن أبا بكر كان يجمع بينهما دائمًا، والكتم نباتٌ في اليمن يخرج الصبغ الأسود المال للحمرة، أما صبغ الحناء فلونه أحمر، والصبغ بهما معًا يكون بين السواد والحمرة، وقد أجاز بعض الفقهاء خضاب المرأة لزوجها، وأجابوا عن أحاديث النهي بأجوبة لا تنهض مقابل الأدلة الأخرى وهي أدلة صريحة وصحيحة لم تستثن حالةً، والله تعالى أعلم[٤].


ما هو حكم صبغ الشعر بالحناء السوداء؟

أما الحكم في صبغ الشعر بالحناء الأسود الذي يشبه الحناء العادي إلّا أنه يعطي للشعر لونًا أسود بدلًا عن الأحمر، ويستخدم في صبغ الشيب خاصةً إذا ظهر في وقت مبكر من العمر فهو محرم، أما إذا كان اللون يقع بين الحُمرة والسواد فلا حرج في ذلك؛ لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم منع من تغيير الشيب بالسواد، وقال: (غَيِّرُوا هذا بشيءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح] وورد ذلك في عدة أحاديث، فلا يجوز تغيير الشيب بالصبغ الأسود، ويُمكن تغطية الشيب للرجل أو المرأة بغير السواد بل بالصُّفرة أو الحمرة[٥].


أحكام تتعلّق بشعر المرأة

الشَعر نعمةٌ من الله، ولم يخلقه عبثًا دون حكمة أو فائدة، بل له حكم وفوائد صحيّة وتجميلية كثيرة، وتتعلّق به أحكام شرعية خاصة عند المرأة، وهذا يدلّ على شموليّة الإسلام، وفيما يأتي بعض منها[٢]:

  • إكرام الشعر: بالتنظيف، والعناية، والتسريح، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى اله عليه وسلم قال: (منْ كان له شعرٌ فليُكْرمهُ) [المجموع| خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن]، وعن جابر بن عبد الله قال: (أما كان يجدُ هذا ما يُسكنُ به شعرَه؟ ورأى رجلًا آخرَ وعليه ثيابٌ وَسِخةٌ فقال: أما كان هذا يجدُ ماءً يغسلُ به ثوبَه) [صحيح أبي داود| خلاصة حكم المحدث: صحيح ]، ويستحب تسريح شعر الرأس باليد اليمنى، وأن يُبدَأ بترجيله من الجهة اليمنى للرأس؛ للتجميل والتحسين؛ وقد ناسب معه استعمال اليد اليمنى، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ، في تَنَعُّلِهِ، وتَرَجُّلِهِ، وطُهُورِهِ، وفي شَأْنِهِ كُلِّهِ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • التقصير: ويكون في الحج والعمرة للمرأة المحرمة بأن تقصر من شعر رأسها قدرَ أُنملة.
  • عدم جواز نتف الشيب: لأنه خداع وتدليس؛ وقد نهى عنهما النبي الله صلى الله عليه وسلم، وقال: (لا تنتِفوا الشَّيبَ فإنَّه ما من مسلمٍ يشيبُ شَيْبةً في الإسلامِ إلَّا كانت له نورًا يومَ القيامةِ) [الترغيب والترهيب| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما].
  • تحريم وصل الشعر: وهو أن تصل المرأة بشعرها شعراً آخر لآدمي، سواء أكَان ذلك الشعر الآخر من شعرها أم من شعر غيرها، أو تلبس (الباروكة)، و قد تستخدمها بعض النساء للتزين، وإخفاء الشيب، لكنّه تغيير لخلق الله تعالى، وفيه خداع وكذب وتدليس؛ ويُعد من كبائر الذنوب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَعَنَ اللَّهُ الواصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَةَ، والواشِمَةَ والمُسْتَوْشِمَةَ) وقالَ نافِعٌ: الوَشْمُ في اللِّثَةِ، [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ جارِيَةً مِنَ الأنْصارِ تَزَوَّجَتْ، وأنَّها مَرِضَتْ فَتَمَعَّطَ شَعَرُها، فأرادُوا أنْ يَصِلُوها، فَسَأَلُوا النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: (لَعَنَ اللَّهُ الواصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَةَ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وتستثنى من ذلك الحكم من خُلقت بلا شعر.
  • جواز زرع الشعر: وهو نقل بصيلات الشعر من منطقة إلى أخرى في رأس المرأة نفسها؛ وليس فيه تغيير خلق الله سبحانه، بل هو إزالة عيب، كما يرى بعض العلماء.
  • تمشيط شعر المرأة الميتة: وضفره ثلاث ضفائر، تلقى خلف ظهرها، كما جاء عن أم عطية رضي الله عنها حين غُسلت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاتها، فقالت: "وَجَعَلْنَا رَأْسَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ" [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].


المراجع

  1. ^ أ ب دبيان محمد الدبيان (8-10-2012)، "تغيير الشيب بالسواد"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 12-6-2020. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عبدالله بن عبده نعمان العواضي (14-11-2016)، "أحكام شعر الإنسان"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 12-6-2020. بتصرّف.
  3. فريق الإسلام سؤال وجواب (20-3-2017)، "حكم صبغ الشعر بالأصباغ الحديثة"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 12-6-2020. بتصرّف.
  4. فريق الإسلام ويب (18-2-2001)، " حكم صبغ الشعر بالسواد الخالص"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 12-6-2020. بتصرّف.
  5. الإمام بن باز، "حكم صبغ الشعر بالحناء الأسود أو غيره"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 12-6-2020. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :