خواص اسم الله اللطيف

خواص اسم الله اللطيف

معنى اسم الله اللطيف

اللطيف جل جلاله اسم من أسماء الله الحسنى ويعني: العالم بدقائق الأمور، وما خفي منها، وفي اللغة: لطَفَ به: رفَق به، واسم الله اللطيف من أجمل أسماء الله الحسنى الذي يشعر العبد بمعية ربِّ لا يخفى على علمه شيء رغم دقته وصغره، فيعلم مصالح العبد وما خفي منها من أول عمره إلى آخر أيامه، بل ويعلم خفايا ومصالح جميع ما خلق من إنس وجنٍّ وجماد وحيوان وطير ونبات، ثم يقدرها وويسرها لخلقه بأبسط الطرق وأرفق السبل، ويحسن لعباده من حيث لا يعلمون؛ فإما أن يدفع عنهم مكروهًا وسوءًا، وإما أن يعينهم على فعل خير، وإما أن يهديهم إلى علم نافع، وإما أن ييسر لهم عبادة، وكل ذلك بلطف وخفاء ويسر[١].


ثمرات الإيمان باسم الله اللطيف

الإيمان بأسماء الله الحسنى ركن من أركان الإيمان، ويزيد الإيمان بها كلما زاد تفكر العبد بمعانيها، وتوجد الكثير من الآثار والثمار التي تعود على المسلم عند الإيمان بها، ونجمل فيما يلي طائفة من ثمار الإيمان باسم الله اللطيف:

  • بمعرفة العبد لمعنى اسم الله اللطيف يدرك أن الله لا يفوته من العلوم على اختلافها شيء، وإن صغر ودق حجمه، وإن خفي وبعد مكانه، يقول الله تعالى في سورة الأنعام: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [الأنعام: 59]، ويقول سبحانه في سورة لقمان: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) [لقمان: 16]، كما ذكر حبة الخردل المتناهية في الصغر وتكاد تكون عديمة الوزن لصغر حجمها، وإن كانت فى السموات أو في باطن الأرض أو في صخرة صماء يأتي بها الله إن شاء لعلمه المطلق بها، وكذلك علمه سبحانه فى سائر المخلوقات، يقول سبحانه في سورة هود: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [هود: 6]، أما المخلوقات المكلفة بالعبادة كالجن والإنس؛ فالله يعلم حركاتهم وسكناتهم وما تخفي قلوبهم، يقول تعالى في سورة غافر: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر: 19]، ويقول أيضًا في سورة يونس: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [يونس:61].
  • ومن آثار اسم الله اللطيف وثمراته على العبد أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الله على كل صغيرة وكبيرة، فهو يعلم أن الله يحصي أفعال العباد وحركاتهم وسكناتهم، ويجازي المحسن إحسانًا، ويجازي السيئة بمثلها، يقول تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة: 7-8]، فكل عمل وإن كان مثقال ذرة، من خيرأو شر يجده العبد يوم القيامة، وتحصى الأعمال في صحيفة العبد بدقة متناهية؛ فإن عاش العبد بمعاني اسم الله اللطيف لا يصبه الندم يوم القيامة؛ يقول الله تعالى: (وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) [الكهف: 49]، ويقول أيضًا: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا) [طه: 112].
  • ومن ثمرات لطف الله بعباده المومنين أن الأجر مضاعف أضعافًا كثيرة، ويجازي على السيئة سيئة مثلها،يقول تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) [الأنعام: 160].
  • من ثمرات الإيمان باسم الله اللطيف علم العبد أن الله يستره يوم القيامة؛ فلا يحاسبه كما يحاسب المنافقين والكفار أمام جميع الخلق، يروي عبد الله بن عمر فيقول: (سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عليه كَنَفَهُ ويَسْتُرُهُ، فيَقولُ: أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فيَقولُ: نَعَمْ أيْ رَبِّ، حتَّى إذَا قَرَّرَهُ بذُنُوبِهِ، ورَأَى في نَفْسِهِ أنَّه هَلَكَ، قالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيَا، وأَنَا أغْفِرُهَا لكَ اليَومَ، فيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وأَمَّا الكَافِرُ والمُنَافِقُونَ، فيَقولُ الأشْهَادُ: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا علَى رَبِّهِمْ ألَا لَعْنَةُ اللَّهِ علَى الظَّالِمِينَ}) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح][٢].


صور من لطف الله سبحانه مع الأنبياء

  • لطف الله سبحانه وتعالى في قصة يوسف عليه السلام، يقدر الله سبحانه ليوسف عليه السلام النبوة وملك مصر، ولكن المتتبع لقصة يوسف يجد سلسلة من الابتلاءات والمحن منها: محنة كيد الأخوة وما فيها من آثار الغيرة على الطفل يوسف، ثم محنة البئر وما فيها من خوف ووحدة، وبعد أن نجى من البئر كانت محنة الرق والعبودية، ثم ما إن خطى على أعتاب الشباب حتى كانت محنة كيد نساء مصر بقيادة امرأة العزيز، ثم محنة السجن وحبس الحرية وقسوة العيش بعد حياة النعيم المادي في قصر العزيز، ويتنقل يوسف من بلاء يسلمه إلى بلاء آخر، ولكن حسابات البشر تختلف عن ألطاف الله سبحانه؛ فبعد كل هذه المحن يتوج سيدنا يوسف ملك مصر ويجمعه الله بأبيه وإخوته وتنتهي قصة يوسف بأجمل النهايات؛ فيقول الله تعالى على لسان يوسف: (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ) [يوسف: 100][٣].
  • لطف الله سبحانه وتعالى في قصة سيدنا موسى عليه السلام؛ ففي قصة موسى سلسلة من ألطاف الله يصنع فيها رسوله ليحمل مسؤولية الدعوة والنبوة، تلقيه أمه فى اليم لتحميه من الموت فينقذه من أراد قتله، ويحرم عليه المراضع ليعيده إلى حضن أمه، هكذا يقدر الله ويدبر الأمر؛ فيكون لطف الله بعبده في أبهى صورة، وينشأ في بيت فرعون ويعتلم خفايا القصر، وما فيه من مكر ثم إذا وكز الرجل وقتله علم أنه لا عودة إلى القصر؛ فهو يعرف مكر أهله، وبعد رحلة الهرب الشاقة يسوق الله لطفًا جديدًا بمنفعة قدمها لفتاتان سقى لهما ورحم ضعفهما، فكان الزواج والسكن، ثم إذا أرسله رسولًا إلى فرعون كان لطف الله به أن أرسل معه أخوه هارون نبيًا ليحمل معه أعباء الدعوة إلى الله، فحياة يوسف سلسلة من الألطاف على شكل محن صنعت نبيًا ملك، وحياة موسى سلسلة من الألطاف صنعت نبيًا واجه فرعون مصر وقاد بني إسرائيل[٤].


مظاهر لطف الله بعباده المومنين

توجد العديد من مظاهر لطف الله تعالى بعباده ومنها[٤]:

  • من لطف الله بالعباده أنهم لا يرونه في الدنيا، بل يشعرون بوجوده ورحمته وإحسانه، ويصلون أعلى من صفات الملائكة مراتب الإيمان إذا عبدوه كأنهم يرونه يقول الله تعالى: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الأنعام:103].
  • من لطف الله بعباده أنهم لا يشعرون بالملائكة الموكلين بهم من كتبة وحفظة، ولو شعر البشر بهم لقيد ذلك حريتهم.
  • من لطف الله بعباده أن أخفى عنهم مصيرهم يوم القيامة؛ فلو عرف العبد أن نهايته يوم القيامة إلى النار لشعر باليأس، ولنشر كل أنواع الفساد في الأرض.
  • من لطف الله بعباده أن يصرف عنهم ما يحبون من الولد والجاه والمال لعلمه أن ذلك خير لهم، فعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ تعالى لَيحمي عبدَه المؤمنَ من الدنيا، وهو يُحبُّه، كما تحمون مريضَكم الطعامَ و الشرابَ تخافون عليه) [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • من لطف الله بعباده أنه إذا ابتلاهم بمصيبة أنزل عليهم الصبر؛ فيثبت لهم الأجر، ويخف آثار المصيبة عليهم.
  • من دقيق ألطاف الله بالعباد أنهم لا يسمعون أصوات الأجهزة التي تعمل طوال اليوم في أجسامهم، كصوت الأنفاس في الرئتين، أو صوت ضربات القلب وتدفق الدم في الشريين والأوردة، ولو سمعها العبد لعاش في توتر شديد.
  • من لطف الله بعباده أن يسر لهم الطاعة في مواقف تغيب فيها كل الأسباب المعينة عليها، ويرزقهم قوة في مقاومة المعصية مع وجود كل الأسباب المعينة عليها.
  • من لطف الله بعباده أنه يقدر لهم أرزاقهم بما فيه مصالحهم، والخير لهم في الدنيا والآخرة، فد تكون مصلحة العبد بقلة المال وتكون رغبته بالكثير منه فيقدر له القليل، وقد تكون مصلحة العبد بالمرض في وقت معين، وتكون رغبة بالصحة لحاجة في نفسه فيقدر الله اللطيف المرض لعبده، وقد تكون مصلحة العبد بالعقم وهو يتمنى الولد فيقدر الله له العقم، يقول الله تعالى: (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيز) [الشورى: 19]، ويقول:(وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) [الشورى: 27].


المراجع

  1. "معاني اسم الله " اللطيف""، الإسلام سؤال وجواب ، اطّلع عليه بتاريخ 24-12-2019. بتصرّف.
  2. "شرح اسم الله تعالى اللطيف"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2019. بتصرّف.
  3. د. إبراهيم بن محمد الحقيل،"لطف الله تعالى بالمؤمنين"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "اللطيف جل جلاله"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 27-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :