خواص حسبنا الله ونعم الوكيل

خواص حسبنا الله ونعم الوكيل

الأذكار في حياة المسلم

لقد وردت الكثير من الإشارات القرآنية الدالة على عظيم فضل ذكر الله في حياة المسلم، قال تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:191]، لذلك يحرص المسلم على أن يُبقي لسانه رطبًا بذكر الله، فالذكر من أحب الأعمال وأقربها إلى الله تعالى، كما أن للذكر طمأنينة القلوب وزكاتها، إذ يقول تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28]، كما أن من أعظم فضائل الذكر أن الله يذكر عباده الذاكرين، وفي ذلك يقول تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة:152]، كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَأ ذَكَرْتُهُ في مَلَأ هُمْ خَيْرٌ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا، تَقَرَّبْتُ منه باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً. وفي روايةٍ : بهذا الإسْنادِ، ولَمْ يَذْكُرْ: وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا، تَقَرَّبْتُ منه باعًا) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، لذلك فمن الواجب على المسلم أن يحافظ على الأذكار المأثورة على تنوعها، فلكل ذكرٍ منها فضله العظيم، بما في ذلك قول المسلم حسبنا الله ونعم الوكيل وهو ما سنتحدث عنه في هذا المقال[١].


خواص حسبنا الله ونعم الوكيل

يجب على المسلم أن يعلم أن قول حسبنا الله ونعم الوكيل لم ترد في حديثٍ صحيح بأن لها من الفضل ما يخصها دونًا عن سائر الذكر والأدعية، ولكن رغم ذلك فقد وردت في العديد من الآيات الكريمة التي فسّرها أهل العلم على أوجه الفضل والكرامة لهذه الذكر والدعاء، فقد قال تعالى: { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا } [ الطلاق: 3]، لذا فهي دليل على أن الله وكيل من توكّل عليه حسن التوكل، ففيها كفايةٌ للعبد من جوامع الشرور، وفيه معنى الصدق والإخلاص في النية، والاعتماد على الله وحده، والافتقار له جلّ في علاه عمّا دونه من الخلق، لذا فالعامل بها له من الفضل عند الله شيئًا عظيمًا، فحسبه أن الله حافظه، ومغنيه، وناصره، لذا فالخير في ذكرها، والفضل التام في المحافظة عليها، وقد ورد عن ابن عبّاس -رضي الله عنه- أنه قال: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، حَسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ، قالَهَا إبْرَاهِيمُ عليه السَّلَامُ حِينَ أُلْقِيَ في النَّارِ، وقالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ قالوا: {إنَّ النَّاسَ قدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانًا، وقالوا: حَسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ) [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].[٢][٣][٤].


مواقف مناسبة لقول حسبنا الله ونعم الوكيل

إن قول المسلم حسبنا الله ونعم الوكيل يصلح في كل وقت، وفي كل كرب أو مصيبة تصيب الإنسان من خوفٍ أو فزع، فهي بمكنونها تعني اللجوء إلى القوي الذي لا يُعجزه شيء، إذ ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي يرويه عوف بن مالك الأشجعي أنه قال: ( قضى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم بين رجلين فقال المقضي عليه: حسبي الله ونعم الوكيل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: علي بالرجل يعني نجا، فقال: إن الله يحمد على الكيس ويلوم على العجز فإن غلبك الشيء أو قال الأمر فقل: حسبي الله ونعم الوكيل) [ المصدر: الفتوحات الربانية| خلاصة حكم المحدث: حسن]، كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي يرويه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: (كيف أنعمُ وصاحِبُ القرنِ قد التقمَ القرنَ، واستمعَ الأذنَ متى يُؤمرُ بالنفخِ فينفخَ، فكأن ذلك ثقلَ على أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهُم عندَ ذلكَ: قولوا: حسبنا اللهُ ونعمَ الوكيلُ على الله توكلنا) [ المصدر: شرح السنة| خلاصة حكم المحدث: حسن]، لذا فقد قال بعض العلماء أنها تفيد قائلها إذا خاف قومًا.[٢]


معنى حسبنا الله ونعم الوكيل

يقول علماء التفسير في معنى حسبنا الله ونعم الوكيل، أي أن الله كافينا، فالحسب يُعني الكفاية، والمؤمن يعلم بأن الله جلّ في علاه قادرٌ على أن يفي عبده ما أهمه من أمور حياته، ويذود عنه بعظيم قدرته كل المخاطر والمخاوف التي يمكن أن تعتريه، فيكفيه من المصائب، ومكائد الأعداء، أما الوكيل فتعني أن الله تعالى هو القائم على شؤون عباده، والكفيل عنهم، وأنه كافٍ عباده المتوكلين عليه بجلال قدرته، ومن لاذ به بإخلاص فإنه يكفيه همه وغمه، وكل أمر يشغل باله، وقد فسّرها ابن تيمية رحمه الله بقوله: (أي: الله وحده كافينا كلَّنا) [ من كتاب منهاج السنة النبوية: 7/204].[٢]


هل يجوز الدعاء للحائض

تتساءل بعض النساء في فترة الحيض والنفاس عن إمكانية الدعاء وذكر الله تعالى، وقد أجاب العديد من علماء الشريعة بجواز الذكر والدعاء، وقراءة التفاسير القرآنية من الكتب، إضافةً لإمكانية قراءة القرآن عن ظهر قلب، إذ إنه لم يرد نصًا صحيحًا في منعها من ذلك، وأما عن الحديث الوارد فيمنعها من قراءة القرآن فهو حديث ضعيف لا يُستشهد به، لذا يُمكن أن تقرأ الحائض والنفساء القرآن دون أن تمس المصحف؛ فتقرأ مما تحفظ من كتاب الله، كما يُشرع لها الدعاء والذكر بمختلف ألفاظه بما في ذلك حسبنا الله ونعم الوكيل، كما يجوز لها أن تقرأ الكتب المخلوطة بين الأحاديث النبوية الشريفة، والآيات القرآنية الكريمة، أما المرأة الجنب فلا يجوز لها ان تقرأ ولو آية وكذلك الرجل، حتى يتطهرا، والحكمة من ذلك أن الجنابة وقتها يسير وهي من اختيار الإنسان نفسه فمتى أراد تطهّر، أما الحيض والنفاس فهو من أمر الله، وقد أفتى بذلك الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.[٥]


المراجع

  1. "فضل الذكر"، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "مباحث في شرح "حسبي الله ونعم الوكيل""، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2019. بتصرّف.
  3. "درجة حديث: عندما يمتلئ الوعاء بحسبنا الله ونعم الوكيل"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2019. بتصرّف.
  4. "الموسوعة الحديثية"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2019. بتصرّف.
  5. "حكم الدعاء للحائض"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 7-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :