محتويات
حكم صيام القضاء
أوجبَ الله صوم شهر رمضان على كل مسلمٍ بالغٍ عاقل، وقد شرَّع أحكامًا لمن فاته صيام أيامٍ منه بعذر كالمرض أو السفر، وأحكامًا لمن أفطر بغير عذرِ، لقول الله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 18]، وقد وضعتْ هذه الآية قضاء رمضان في مستوى أدائه في وقته بالنظر للمريض والمسافر، وبذلك أخذ القضاء حكم الأداء، وإذا كان الله قد أوجب القضاء على من أباح له الفطر في رمضان بالأعذار المذكورة في الآية، لذا وجِب القضاء من باب أولى على من أفطر بغير عذر، ويبدأ وقت القضاء بعد انتهاء شهر رمضان[١].
حكم من أفطر في صيام القضاء بعذر
قد يتعرّض الصائم أثناء شروعه في قضاء أيام رمضان التي أفطر فيها بعذر أو بغير عذر، لأحوال يعذر الصائم فيها وتبيح الشريعة الفطر فيها، كالتي يعذر فيها في أيام رمضان، مثل المرض الشديد والسفر والحيض والنفاس، فإن أفطر وقضى الأيام الفائتة من رمضان، والتي أفطرها بعذرٍ شرعي؛ فلا إثم عليه، ولا كفارة، بل فقط عليه أن يعيد قضاء أيام الصيام التي أفطر فيها، وعلى المسلم مراقبة نفسه فإن مرض مثلًا وعلِمَ أنّه إذا شرع في قضاء الواجب فلن يستطيع الإتمام فالأفضل ألّا يصوم حتى لا يقطع صومه[٢].
حكم من أفطر في صيام القضاء بدون عذر
إذا شرع المسلم في الصيام لقضاء يوم فاته من أيام رمضان، فإنّ القضاء يأخذ حكم الوجوب، من حكم أصله وهو يوم من أيام شهر رمضان، فلا يجوز له أن يفطر بلا عذرٍ مقبولٍ شرعًا، فإن فعل ذلك فإنه يأثم لقطعه للعبادة الواجبة، وتلاعبه بها، ممّا يدل على تهاونه فيها، واستخفافه بها، وعدم تعظيم شعائر الله، والدليل على ذلك في السنة النبوية، لقوله صلى الله عليه وسلم لأمّ هانئ رضي الله عنها، وكانت صائمة فأفطرت: (أكنت تقضين شيئاً" فقالت: لا. قال: "فلا يضركِ إن كان تطوعًا) [الألباني| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، فدل قوله عليه الصلاة والسلام (فلا يضركِ إن كان تطوعًا)؛ أنه إن كان الصيام واجبًا، فضر ذلك على صحته، أي يأثم فاعله وعليه التوبة والاستغفار، ويجب عليه قضاء هذا اليوم، وعليه عدم تكرار هذا الفعل[٣][٢].
الأعذار المبيحة للفطر في الصيام
قد يَسَّر الله تعالى على عباده ومنَّ عليهم برحمته، بأنه لم يفرض صيام شهر رمضان إلا على من يقدر عليه، وأباح فطره لمن لم يستطع الصوم لأعذارٍ شرعية، تقدر بقدرها، فالفطر في رمضان بعذر، يُعدّ كرخصة تصدقَ الله بها على عبادة لرفع الحرج عنهم حال المشقة، والقاعدة الشرعية تقول: المشقة تجلب التيسر، ومن الأعذار الشرعية التي تبيح الإفطار في الصيام[٤][٥]:
- المرض؛ وهو جميع العلل التي تصيب الإنسان، فإن صام وزاد أو اشتدّ مرضه، أو خاف أن تزيد مدة المرض عليه، أو أنه قد تأثر عضو في جسمه لا قدر الله، بمعرفته أو برأي الطبيب، فهنا يفطر ولا يجب الصيام عليه، وإذا أراد صوم القضاء بعد ذلك يُسن له ذلك، وإن شرع في الصيام وبقي صائمًا وزاد عليه المرض فيكره إتمامه للصيام، لأنه قد يؤدي لهلاكه، أما الإنسان الصحيح إذا خاف الشدة والتعب، فلا يجوز له الفطر، لأنه تعب يصيب الصائمين.
- السفر؛ ويشترط في السفر المرخص في الفطر، أن يكون السفر طويلًا، الذي يباح فيه قصر الصلاة الرباعية، كالظهر والعصر، وتقدر بـ83 كيلومترًا تقريبًا، وألّا يكون قد نوى أو عزم غلى الإقامة في أي مكان خارج بلده وهو مسافر، فمتى نوى الإقامة، ينقطع عنه حكم المسافر، ويصبح كالمقيم، ولا يباح له الفطر، وشرط الحكم أيضًا ألّا ينشأ السفر لمصعية، كالقتل والسرقة، لأنّ الفطر رخصة وتخفيف، فلا يستحقها العاصي بسفره، فبهذه الشروط، يباح له الفطر.
- للمرضع والحامل؛ بشرط أن تخافا على أنفسهما، أو على ولديهما من المرض، أو الضرر والهلاك، والدليل من السنة النبوية؛ عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ رضي الله تعالى عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ, وَعَنْ الْحَامِلِ أَوْ الْمُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوْ الصِّيَامَ) [صحيح الترمذي| خلاصة حكم المحدث: حسن]، وعليهما القضاء والفدية بناءًا على الحكم الراجح.
- كبار السن من الرجال والنساء؛ اللذين لا يستطيعون الصوم لهرمهم، ويطعمون عن كل يوم طعام مسكين، بدل الصوم وهذه هي الفدية، ويدخل في هذا الحكم أيضًا؛ من كان مريضًا بأمراضٍ مزمنةٍ، كالفشل الكلوي، وبعض أنواع السكري، ولحاجته الضرورية لتناول الدواء في أزقاتٍ معينةٍ ممن اليوم، ويباح الفطر لمن أشرف على الهلاك بسبب الصوم، فيفطر ويشرب بقدر ما يقيم به نفسه، ويمسك باقي اليوم ويقضيه بعد ذلك، ويباح للمكره الفطر، إن أجبره أحد وإلا فقد حياته، ومنها من رأى إنسانًا يغرق واحتاج للفطر ليقوي بدنه وينقذه.
أسئلة تجيب عنها حياتكِ
هل يجوز التصدق بدل صيام القضاء؟
عندما شرع الله القضاء لقضاء ما فات من الصيام الواجب، انقسم الحكم على المفطر لأقسام حسب حالة الفطر؛ من أفطرَ لشيءٍ عارض، أو بلا عذر، أو لمرضٍ يرجى برؤه، فلا يجزئ التصدق أو الإطعام عن القضاء، ما دام يستطيع الصوم، وأما من أفطر لكبر سنه، أو لمرضٍ لا يرجى برؤه عادة كالأمراض المزمنة، ولا يستطيع الشخص في أغلب الأوقات الصوم، فيطعم، وأجاز الحنفية إخراج القيمة بدل من الإطعام، لأنّ الهدف دفع حاجة المساكين، وتحصل الفائدة بالقيمة[٦][٧].
هل يجوز صيام القضاء متقطّعًا؟
نعم يجوز لمن أفطر عدة أيام في رمضان أن يقضيها متفرقة، ولا يشترط تتابعها، فمتى صام يصحّ ذلك، فالمهم أن يصوم المرء ما عليه قبل دخول رمضان القادم، ولكن الأفضل أن يباشر بالصيام والتتابع به، مسارعًا لإسقاط الفرض، فقد يموت الإنسان وعليه صيام لم يتمّه، فيبقى عالقًا في ذمته، أما من عليه قضاء بسبب الكفارة، فلا بد من تتابعها[٨][٩].
المراجع
- ↑ " صوم القضاء : حكمه وكيفيته"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-26. بتصرّف.
- ^ أ ب " حكم الإفطار في قضاء الصوم الواجب"، الإسلام سؤال وجواب، 2003-11-11، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-26. بتصرّف.
- ↑ "حكم الفطر في صوم القضاء ، بلا عذر"، إسلام ويب، 2020-01-21، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-26. بتصرّف.
- ↑ "الأعذار المبيحة للفطر "، إسلام ويب، 2002-12-23، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-26. بتصرّف.
- ↑ " الأعذار التي تبيح الفطر في رمضان"، الإسلاو سؤال وجواب، 2001-11-20، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-26. بتصرّف.
- ↑ د. محمد رفيق مؤمن الشوبكي (2015-06-28)، " فدية الإفطار للمريض مرضا لا يرجى شفاؤه"، شبكة الألوكة الشرعية ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-26. بتصرّف.
- ↑ "حكم إخراج فدية بدل القضاء لمن أفطرت بسبب الحيض "، إسلام ويب، 2007-10-29، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-26. بتصرّف.
- ↑ "يجوز التفريق في قضاء الصيام والتتابع أفضل "، إسلام ويب، 2003-04-04، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-26. بتصرّف.
- ↑ " حكم قضاء صيام رمضان مفرقًا "، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 2020-10-26. بتصرّف.