فضل سورة سبأ

فضل سورة سبأ

سورة سبأ

تحتل سورة سبأ المرتبة الرابعة والثلاثين وفقًا لتسلسل السور القرآنية وترتيبها في المصحف العثماني، وهي من السور المكية باستثناء الآية رقم 6 منها، إذ يُقال إنها مدنية جاء نزولها بعد سورة لقمان وقبل سورة الزّمر، ويُشار إلى أنّ عدد آياتها يصل 54 آيةً تتمحور حول قدرة الله سبحانه وتعالى وعلمه بالغيب بكل ما بطن وظهر في هذه الأرض، وتقع السورة في الجزء الثاني والعشرين، في الحزبين الثالث والأربعين والرابع والأربعين، واستُهلت السورة بأسلوب الحمد لله، كما أنها تحمل اسم أحد الأقوام الذين سكنوا الأجزاء الجنوبية من الجزيرة العربية وهم قوم سبأ[١].


يعود سبب تسمية هذه السورة الكريمة لمملكة سبأ، إحدى ممالك اليمن، فقوم سبأ كانوا ملوك اليمن وكانوا يعيشون برخاء وسرور، كما أن مساكنهم كانت حدائقَ وجنانًا، إلا أنهم كفروا بنعم الله تعالى وفضله عليهم فأرسل عليهم سيل العرم لجعلهم عبرةً وعظةً لكل من خلفهم من الأقوام[١].


فضل سورة سبأ

من الجدير بالذكر أنه لم يرد في ذكر فضل سورة سبأ في الأحاديث النبوية الشريفة، إذ تضمنت السورة العديد من الموضوعات المتمحورة حول أصول الدين، وبدأت السورة بالثناء على الله تعالى وتمجيده عز وجل كونه المحيط بكل شيء في الكون، كما أشارت لإنكار المشركين ليوم البعث وعدم تصديقهم به، ثم أشارت لبعض قصص الرسل الذين أرسلهم الله تعالى لدعوة البشر وهدايتهم إلى طريق الحق والصواب، ومنهم كما ذكرنا سابقًا سيدنا داوود وسليمان، وفيما يأتي إشارة لفضل تلاوة سورة سبأ[٢][٣]:

  • وجهت الآيات الكريمة تحذيرًا لكفار قريش من كفرهم بالله وعدم تصديقهم لرسوله من خلال ذكر قوم سبأ وما لحق به من جزاء وعذاب، ومن جهة أخرى أبرزت الآيات فضل الله ونعمه على قريش، إذ منّ عليهم بعطايا لم تسبق لأحد من قبلهم، وعلى الرغم من ذلك جحدوا نعمه وكفروا به، ومن هنا يكمن فضل تلاوة السورة على المؤمن بتذكيره بنعم الله عليه دائمًا وضرورة شكر الله على هذه النعم وعدم جحدها لضمان عدم زوالها، فالهدف العام من سورة سبأ تحقيق الحمد العظيم بأكمله لله تعالى وحده لا شريك له من خلال الإيمان به والاعتقاد الصحيح فيه بأنه ربٌ يُعبد وإله واحد مُنعم على البشر أجمعين.
  • بدأت بالحمد والثناء على الله تعالى، فهي من السور الخمسة البادئة في الحمد، قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [سبأ: 1]، وبذلك تكون حافظةً لمن يقرؤها ليلًا ويتوكّل على الله بأمره، كما أن من يقرؤها خلال النهار يمنع الله سبحانه وتعالى عنه المكروه ويدرّ الله عليه الخير في الدنيا والآخرة من كل ما يتمنّى وما لم يتمنَ بعد من الخير، كما يجعله الله تعالى رفيقًا صالحًا يوم القيامة ويُنزل الله عليه الأمن والطمأنينة، إلى جانب أنها تُبعد عن قارئها الدواب وتكفيه شرَّها.


أغراض سورة سبأ

من أغراض هذه السورة الكريمة ما يأتي[٤][٥]:

  • إبطال أعظم قواعد الشرك وهي الإشراك بالله تعالى، إذ بدأت الآيات بإظهار دليل على انفراد الله تعالى بالألوهية ونفي شفاعة الأصنام لأصحابها ومن يعبدها.
  • إبطال إنكار المشركين للبعث، إذ ورد في السلف الصالح قول أبي سفيان لأصحابه بعد سماعه قول الله تعالى: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ} [الأحزاب: 73] أن محمدًا يتوعدهم بالعذاب بعد موتهم، كما أنكر البعث والحساب، فأنزل الله عز وجل: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ} [سبأ: 3].
  • إثبات إحاطة علمه تعالى بكل ما في السماوات والأرض.
  • إثبات صدق الرسول صلى الله عليه وسلم بكل ما قاله وأخبر به.


مواضيع سورة سبأ

تضمّنت السورة عدة مواضيع من أبرزها[٦]:

  • استهلت السّورة آياتها بحمد الله على كلّ شيء منّ الله به على عباده، وبدأت بتمجيده جل وعلا، فهو البديع في خلقه وهو المحكم لجميع شؤون العالمين، وهو المحيط علمًا بكل شيء فلا يغيب عن علمه مثقال ذرة، فعلم الله هو العلم المُطلق الذي لا حدود له، وتلك من أعظم الدلالات على وحدانية الله تعالى، فقال الله تعالى في السورة الكريمة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [سبأ: الآية1]، كذلك تحدثت عن أحد القضايا الهامة وهي إنكار الكفار والمشركين للبعث والآخرة.
  • بدأت السورة بعد ذلك بتصنيف الأفراد والأقوام بناءً على إيمانهم، فيُوجد من أنكر وجود الله تعالى وكذب بيوم الحساب، إلا أن الآيات تُقرُّ فيما بعد بوجود البعث وأنه لا شك به، كما توعد الله تعالى كل من كذب بيوم البعث وما أنزله الله تعالى على رسوله عليه السلام من حجج وبينات، فتضمّنت الآيات تهديدًا شديد اللهجة للمكذِّبين بعذاب الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، ومن جهة أخرى، تناولت السورة عددًا من القصص المتعلقة بأنبياء الله داوود وسليمان عليهما السلام والنعم التي منحها الله إياهما وميزهما بها عن سائر البشر، فكانت تلك القصص إشارةً لحضارات مثالية وراقية شهدت قوةً واستقرارًا كبيرين نظرًا لخضوعهما لله تعالى، الأمر الذي ساهم في انتشارهما كثيرًا، وبفضل ذلك سخَّر الله تعالى الريح للنبي سليمان والجن يعملون بأمره، إذ قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} [سبأ: 10]، أمّا قصة مملكة سبأ الموجودة في اليمن فكانت مثالًا مخالفًا لما سبق، إذ كفرت بالله تعالى فكان مصيرهم الهلاك ليكونوا عبرةً لمن لا يعتبر في هذا السياق.
  • ذكرت الآيات الكريمة قصة سبأ لتكون بمثابة عظة وعبرة لقوم قريش، وتحمل في طيّاتها تحذيرًا لما حل عليهم من مصائب ونكبات ليعتبر قوم قريش منها، ثم تضمنت الآيات ذكر نعم الله تعالى على كفار مكة ليشكروا فضله، وهنا قال تعالى في السورة الكريمة: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ، فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ} ] [سبأ: 15،16].
  • تناولت السورة أمورًا ذات علاقة بالبعث بعد الموت والآخرة.
  • أشارت بعض الآيات في السورة الكريمة إلى أن اغترار الأفراد بقوتهم النابعة من امتلاكهم للمال أو البنين هو سبب للتكذيب، تمامًا كما كذب المشركون الرسول صلى الله عليه وسلم، كما بينت الآيات مصير الكفار والظالمين انتصارًا للحق كنوع من التخفيف عن الرسول عليه الصلاة والسلام، إذ اختُتمت السورة ببيان لمصرع الغابرين، فقال الله تعالى: {وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ، وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ} [سبأ: 54].


المراجع

  1. ^ أ ب "سورة سبأ 34/114"، المصحف الالكتروني، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-28. بتصرّف.
  2. أحمد الجوهري عبد الجواد (2018-6-7)، " مقاصد سورة سبأ"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-29. بتصرّف.
  3. "السور المبدوءة بالحمد خمس "، إسلام ويب، 2003-11-10، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-28. بتصرّف.
  4. "فصل: سورة سبأ"، نداء الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-29. بتصرّف.
  5. "سورة سبأ- أغراضها"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-29. بتصرّف.
  6. "سورة سبأ"، المصحف الالكتروني، اطّلع عليه بتاريخ 2019-11-28. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :