الفرق بين الكفر والشرك
لا بد من التمييز بين الكُفر والشرك، لأنّ تجاهل ذلك يُؤدي إلى لبس لدى الكثير من الناس؛ إذ يُعرّف الكفر على أنه عدم الاعتراف وإنكار الحق وإخفاؤه، فيعد من ضروب الكفر أن يجحد الإنسان أداء فرائض الإسلام المّسلَّم بها، مثل إنكار وجوب أداء الصلاة، أو الزكاة، أو صيام رمضان، أو وجوب أداء فريضة الحج العظيمة إذا ما كان الإنسان المُكلّف ذو استطاعة، أو بر الوالدين، كما يُضاف إلى ذلك إنكار حُرمة الزنا، أو شرب الخمر والمُسكرات، وما إلى ذلك من الأمور التي نهى عنها الإسلام الحنيف والشرع العظيم[١].
ويُعرف الشرك بأنّه قيام الإنسان بأداء بعض الفرائض والعبادات فيكون متوجهاً بها لغير الله سبحانه وتعالى، مثل؛ الاستغاثة بالأرواح والأموات، أو الجن، أو النجوم، أو أداء النُذر والذبائح لهم، وما إلى ذلك، هذا ويُطلق على الكافر أنه مُشرك، كما يُطلق على المشرك أنه كافر، وقد سُمي دعاء الناس لغير الله شركًا في مواقع مُعينة من القرآن الكريم، كما سُمي كُفراً في مواقع ومواقف أُخرى، والآيات والأحاديث التي تتحدث في ذلك كثيرة[١].
ويعني الكُفر أيضاً إنكار وجود الله سبحانه وتعالى، أو حتى إنكار ذاته، أو صفاته أو سماته، أو أسماءه، أو أفعاله، أو دلائل قدرته، ويُطلق على من ينكرون وجود الله عز وجل الملحدين، أمّا من يُنكر أحد أصول الدين الإسلامي الحنيف، فيُعدون من الكفار والمشركين وأهل الكتاب، وأنواع الكُفر كثيرة، وجميعها تندرج ضمن التكذيب والإنكار لما تحتويه من شك، ونفاق، وتكذيب، واستكبار، كما أنّ الشرك يحتمل في معناه أيضًا مساواة الله سبحانه وتعالى -وهو الخالق- ببعض المخلوقات، فتكون هذه المساواة في أحد خصائص الله سبحانه وتعالى، مثل؛ الألوهية، أو الأسماء أو حتى الصفات، فكل من وصف مخلوق من مخلوقات الله بصفة لا تليق إلا بالله سبحانه وتعالى فقد أشرك [٢].
ومعنى الكُفر في المدلول الخاص؛ تكذيب الإنسان وإنكاره لما يجب عليه الإيمان به، مثل؛ الإيمان بذات الله ومقتضياته، والشرك يدل على عبادة الإنسان والتقرب لغير الله سبحانه وتعالى، وبذلك، يُعدّ المشرك كافراً، بسبب إنكاره لحقوق اختص بها الله عز وجل، وصرفها لغيره، والكافر قد يكون مشركاً، وقد لا يكون مشركاً، مثل الملحد الذي يُنكر وجود الله سبحانه وتعالى، بل لا يعبد أيّ إله آخر، لذلك، يمكن القول بأن الكُفر عمومًا؛ خروج الإنسان عن الإيمان الصحيح، وبذلك فإنّ الشرك نوع يقعُ ضمنه[٢].
أقسام الكفر والشرك
وقد قسّم العلماء وفقهاء الدين الكُفر إلى ما يأتي[٢]:
- الكُفرٌ الأكبر: وهو أن يكُفر الإنسان ويُكذّب بوجود الله تعالى.
- الكُفر الأصغر: وهو الكُفر بنعم الله عز وجل والتي لا حصر لها.
أما الشرك، فقد قسّمه العلماء وفقهاء الدين إلى ما يأتي[٢]:
- الشرك الأكبر: وفيه يقوم الإنسان بتوجيه عبادته لغير الله سبحانه وتعالى.
- الشرك الأصغر: وهو ما يُوصف بالشرك، ولكنه لم يصل إلى درجة الشرك الأكبر، أو ما كان وسيلة أو ذريعة للوصول إلى الشرك الأكبر.
التوحيد
توحيد الله سبحانه وتعالى هو عكس الكُفر والإشراك به، والتوحيد لغةً جعل الشيء وحدة واحدة، مثل؛ توحيد البلاد وجعلها تحت حُكم حاكم واحد، أمّا التوحيد من ناحية الاصطلاح، فإنّه يعني إفراد الله سبحانه وتعالى في العبادة والألوهية، والربوبية، والأسماء والصفات، ويقول أكثر علماء وفقهاء الدين الإسلامي الحنيف، أنّ التوحيد يقسم إلى ثلاثة أقسام؛ توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات؛ إذ إنّ توحيد الربوبية موجود في فطرة الإنسان، ولا يكفي أن يُقِرَّ الإنسان به حتى يدخل الدين الإسلامي، أضف إلى ذلك أنه لا يعصم الدم والمال، إذ إنّ النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، كان قد قاتل المشركين، بالرغم من أنهم كانوا يؤمنون بهذا النوع من التوحيد، وهذا التقسيم، لم يرد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أو عن الصحابة رضي الله عنهم، إنّما هو تقسيم استقرائي فقط، أكّده وأشار إليه الفقهاء والعلماء، فلا يجوز أن يُفصل أحد هذه الأنواع عن الأنواع الأُخرى من أنواع التوحيد [٣].
أهل الكتاب
من المتفق عليه أن رُسُل الله عليهم الصلاة والسلام، لم يُوصفوا بإنزالهم بصورة مطلقة، إنّما وُصفوا بالبعث والإرسال، والمُنَزّل هي كُتُب الله سبحانه وتعالى، مثل؛ التوراة، والإنجيل، والزبور، وغيرها من الكتب السماوية المباركة التي كان آخرها القرآن الكريم، وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى، بغض النظر عن نسبهم أو أصلهم، فخصوص دعوة نبي من الأنبياء، لا يمنع أن يُؤمن به ناسٌ من غير قومه وأصله، ويجري عليهم ما يجري على من آمن به من أبناء قومه وأصله، ومثل ذلك، أنّ نبي الله عيسى وموسى عليهما السلام، كانا من بني إسرائيل، وقد كانت دعوتهم موجهة لبني إسرائيل، إلّا أنّ كثيرٌ من النصارى والروم والأقباط آمنو بهم، وهم ليسوا من بني إسرائيل، وإسرائيل هو يعقوب عليه الصلاة والسلام، كما يُقال أيضًا أنّ كل من آمن بصحف إبراهيم عليه الصلاة والسلام وبالزبور، يُعد من أهل الكتاب، إلّا أنّ هذا الحديث ضعيف[٤]، وقد يجتمع الكُفر والشرك في أحد الأشخاص، أو عدد معين من الناس، أو حتى لدى طائفة معينة، ومنهم أهل الكتاب، الذين يُجمعون بكُفرهم وإنكارهم لرسالة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، كما أنّهم أشركوا أساساً، بعبادتهم لنبي الله عيسى عليه السلام ووصفه بالألوهية.[٢].
وفي حين أنّه لا توجد الكثير من الفروق بين الكُفر والشرك فيما يتعلق بالأحكام، مثل؛ الهجران، والولاية، والبراءة، وما إلى ذلك، إلّا أنّ الله سبحانه وتعالى خصّ أهل الكتاب من النصارى واليهود ببعض الأحكام التي تختلف عن باقي الكفار والمشركين، ومنها؛ إباحة الأكل من طعامهم، والزواج بنسائهم، ورد السلام عليهم، وغير ذلك ممّا يُشكل الفروق التي يتميز بها أهل الكتاب عن باقي الكفار والمشركين؛ إذ إنّهم يدينون بأصل الكتاب - حتى وإن تعرض للتحريف، بل يُعدون أقلّ درجة من الكفار والمشركين الآخرين، ولهذا فقد خفّف الله سبحانه وتعالى من الأحكام والقواعد في التعامل معهم[٢].
المراجع
- ^ أ ب " الفرق بين الكُفر والشرك"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 4-12-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح خالد البليهد، "الفرق بين الكُفر والشرك "، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 4-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "تعريف التوحيد وأقسامه"، alukah، 21-3-2015، اطّلع عليه بتاريخ 4-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "من هم اهل الكتاب"، islamweb، 4-8-2013، اطّلع عليه بتاريخ 4-12-2019. بتصرّف.