محتويات
الفتح العثماني لمصر
تاريخ مصر مليء بالأحداث التي يصعب على أي كاتب أو مؤرخ حصرها وتدوينها كاملةً، فقد شهدت بدايات العقد الثاني من القرن السادس عشر -تحديدًا في العام 923هـ/1517م- سيطرة الدولة العثمانية على مصر، بدأ الأمر عندما أرسل السلطان سليم الأول رسالةً إلى القائد طومان باي قائد المماليك في مصر آنذاك، تُخبره بضرورة التسليم للدولة العثمانية، تلك الدولة التي توسعت في المنطقة حتى باتت تضم العديد من المدن تحت رايتها كحلب والشام وغزة، وبما أنّ مصر تعد أحد أهم ولايات الشرق العربي أتى دورها، بيد أنّ الحاكم المملوكي رفض ذلك، ولكن الأمر انتهى باستسلامه في معركة الريدانية التي شُنِق خلالها من قِبل السلطان وعُلقت جثته على باب زويلة عندها انتهى حكم المماليك في مصر، والذي استمر قرابة 267 عامًا[١].
مظاهر الحكم العثماني في مصر
بعد استيلاء السلطان سليم الأول على مصر وضمها لأملاك الدولة العثمانية، قضت مصر فترةً طويلةً لم يكن لها أي شأن سياسي، كما عانت كثيرًا من الفتن والمشكلات التي وقعت بين مختلف الطوائف والطبقات الاجتماعية، وفيما يلي نذكر أبرز المظاهر التي ميزت فترة الحكم العثماني لمصر[٢]:
نظام الحكومة
- تغيرت أساليب الحكم التى عرفها المصريون في عهد المماليك، فقد اعتاد سلاطين الدولة العثمانية تغيير الولاة باستمرار، وتبعًا لذلك فإنّ فترة ولاية القائمين على مصر قصيرة، وهو ما أثر سلبًا على واجبهم في رعاية مصالح الناس والبلاد.
- كثرت الضرائب التي أثقلت كاهل المصريين، بحيث كان يفرضها الولاة العثمانيون على المواطنين ويجمعوا أموالها بكل السبل الممكنة، وكان يهدف أولئك الولاة من زيادة الضرائب نيل رضا السلطان العثماني وتمديد ولايتهم لمصر، بالإضافة إلى تأمين مستقبلهم من خلال جمع المال الذي لا بد وأن ينفعهم بعد عزلهم من منصبهم في ولاية مصر.
- تعامل المصريين بما يسمى بقانون الالتزام، وهو القانون الذي تَسلم السلطان سليم الأول بموجبه صكًا يخوله جباية ضرائب على كافة الأراضي والعقارات الموجودة في مصر، وبالتالي كل من كان ينتفع منها يضطر إلى دفع مبلغ من المال سنويًا يُجمع في خزينة السلطان لقاء استخدام الشخص لدكانه أو أرضه أو بيته وما إلى ذلك.
- عزل مصر خصوصًا والدول العربية عمومًا عن العالم بغية حمايتها من الاستعمار الأوروبي الصليبي، لكن وبالمقابل التسهيلات التي قدمها الحكم العثماني للدول الأوروبية -والتي أصبحت بمثابة امتيازات- سهلت الطريق أمام الهجوم الاستعماري التي جرى على الدول العربية فيما بعد.
- اعتماد النظام القضائي الذي جرى العمل به أثناء حكم المماليك لمصر، والذي كان يقتضي بتعيين أربعة قضاة على المذاهب الأربعة، مع منح منصب قاضي القضاة لقاضي المذهب الحنفي، لأنّ المذهب الحنفي كان يعد المذهب الرسمي في الدولة العثمانية، لكن تم إلغاء هذا النظام عندما مُنح السلطان سليمان القانوني ولاية مصر، فعَيَّن قاضيًا تركيًا واحدًا يطلق عليه اسم قاضي مصر كما عيَّن نواب من المذاهب المالكية والشافعية والحنابلة.
- حصر نظام الحكم في مصر على ثلاث سلطات رئيسية:
- الوالي (نائب السلطان): يُعرف بالباشا مقره القلعة وينوب عن السلطان المتواجد في إسطنبول، سلطات الوالي محدودة إذ يقتصر دوره على تنفيذ أوامر السلطان، كما تمتاز فترة ولايته بأنها عام واحد فقط في حال لم يصدر فرمان يقتضي بتجديدها.
- رؤساء الجند: معظمهم من الانكشارية وهم عسكر الجيش العثماني.
- المماليك: الأمراء الذين أعلنوا طاعتهم للسلطان سليم الأول لحظة دخوله مصر بشرط ألا يتخذ بحقهم أي قرار مجحف، كما يطلق عليهم اسم الأمراء المصرلية.
الضرائب
فرض العثمانيون على مصر ضرائب سنوية تُرسل إلى السلطان، وكانت تلك الضرائب تسمى الميري أيّ الأموال الأميرية، والشخص الذي يقوم بدفعها كان يجري إعفاءه من دفع أي ضرائب أخرى، كما كان هناك جزءًا كبيرًا من الأرض موقوفًا لبناء المساجد والمدارس والأربطة في حين يُزرع جزء منها بنظام التسخير، وبالمقابل يُعفى صاحب تلك الأراضي من الضرائب، ومن الجدير بالذكر أنّ السلطان سليم الأول أنشأ ما يعرف باسم قلم الأفندية بالقاهرة، وهو عبارة عن مركز يُعنى بفرض الضرائب وجمعها ومراقبة استلامها من الملتزمين، بالإضافة إلى حصر حساب الحكومة وتدوين انتقال الملكية على دفاتر رسمية، لكن ومع الوقت باتت تشكل تلك الضرائب المفروضة مشكلة كبيرة، فكثرتها أثقلت كاهل المواطنين حتى تسرب الفقر إليهم، ليعانوا منها كثيرًا حتى أواخر القرن الثاني عشر.
آثار الدولة العثمانية في مصر
استُخدمت بعض أسس فن العمارة العثماني في البناء في مصر، وتجدر الإشارة إلى أن مصر ما زالت تضم حتى اللحظة العديد من المساجد التي بُنيت على الطراز العثماني أثناء فترة حكمهم، نذكر منها ما يلي[٣][٤]:
- مسجد الملكة صفية سلطان: يقع المسجد في شارع محمد علي في وسط القاهرة القديمة، تم بناؤه من قبل أحد المماليك التابعين للملكة صفية زوجة السلطان مراد الثالث، ووالدة السلطان محمد الثالث.
- مسجد سليمان باشا الخادم: يقع المسجد في قلعة صلاح الدين الأيوبي، يمتاز باحتوائه على لوحة تذكارية كتب عليها عبارة تشير إلى أن المسجد بُني بأمر من والدة السلطان محمد خان وعلى يد السلطان إسماعيل آغا.
- مسجد مصطفى جوربجي ميرزا: يقع المسجد في شارع ميرزا ببولاق في القاهرة، بُني بطلب من الأمير مصطفى بن الأمير يوسف جوريجي، يمتاز المسجد بشكله المستطيل الذي يتوسطه صحن مربع، وتحيط به أروقة من جميع الجهات، ويعد أحد أبرز المساجد المعلقة التي يجري الصعود إليها عبر السلالم.
- مسجد يوسف أغا الحين: يوسف أغا هو أحد أمراء الشراكسة، لذا بُني هذا المسجد على الطراز المملوكي، بحيث يضم مجموعة من المنشآت المتجاورة أساسها المدرسة، ويوجد للمبنى ثلاثُ واجهات مختلفة، كل واجهة تطل على جهة معينة ولكل واجهة باب خاص.
المراجع
- ↑ سليم حسن، كتاب تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قُبيل الوقت الحاضر، صفحة 13. بتصرّف.
- ↑ سليم حسين، تاريخ مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر، صفحة 64. بتصرّف.
- ↑ "Ottoman Turk Period", touregypt, Retrieved 17-11-2020. Edited.
- ↑ "ottoman_period", webpages.uidaho, Retrieved 17-11-2020. Edited.