محتويات
حرمة شهر رمضان
عظم الله شهر رمضان المبارك وميزه عن غيره من الشهور، ففيه أُنزل القرآن الكريم وفيه من الحسنات والبركات ما لا نجده في غيره، وفيه بَشَر الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالنبوّة ليكون بذلك خاتم الأنبياء والمرسلين، وخص الله عز وجل هذا الشهر ببعض العبادات مثل الصَيام وصلاة التراويح، كما وضع فيه ليلة القدر، ومما جاء في السنة النبوية عن تأكيد قدسية وعظمة شهر رمضان قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الصيامُ جُنَّةٌ ، فإذا كان أحدُكم صائمًا فلا يَرفُثْ ولا يَجهلْ ، فإنِ امْرُؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَهُ فَليَقُلْ إنِّي صائمٌ) [البدر المنير | خلاصة حكم المحدث : صحيح]، وجاءت التوجيهات النبوية في هذا الحديث بوجوب ابتعاد المسلم عن كل الآثام والذنوب التي قد تُفسد الصوم أو تُنقص من أجره وذلك بتجنب المعاصي سواءً بالقول أو الفعل، وأن يتجنب المسلم الأعمال المختصة بأهل الجهل مثل السُفه والصَياح، وأن يتصف المسلم بالأخلاق الفاضلة مثل الرفق والسماح وضبط النفس والصبر، وبسبب هذه الحُرمة الكبيرة لشهر رمضان فإن الكثير من المسلمين يسألون عن حُكم إزالة الشعر في رمضان وذلك خوفًا وحرصًا منهم على عدم انتهاك حرمة الصَيام، وفي هذا المقال سنجيب على هذا التساؤل وذلك بحسب ما أجمع عليه علماء هذه الأمة[١].
حُكم إزالة الشعر في رمضان
أجمع أهل العلم جميعًا بأن إزالة الصائم لشعر جسمه أو رأسه غير مُبطل للصيام ولا يؤثر على صحته، أما إزالة الصائم للشعر المُحرم إزالته عند بعض المذاهب وهو شعر الحاجبين للرجل والمرأة، وشعر اللحية للرجال، فإذا فعل الصائم أحدهما فإنه وقع في الحرام وهذه الحرمة ليست مختصة بشهر رمضان المبارك بل بجميع أشهر السنة، وقد اختلف علماء الدين على أن ارتكاب المُحرمات تُبطل الصيام وانقسموا إلى قسمين[٢]:
- القسم الأول من قال أن ارتكاب المعاصي أو أي فعل مُحرم خلال ساعات الصوم يُبطل الصيام.
- القسم الثاني وهو الراجح بأن ارتكاب أي فعل مُحرم لا يُبطل الصيام إنما قد يُنقص من أجره.
أحكام إزالة الشعر في الإسلام
قسَم أهل العلم شعر الجسد من حيث الحُرمة إلى ثلاث فئات وهي[٣]:
- الفئة الأولى: الشعر الذي يُحرم إزالته، وهو شعر الحاجب ويُسمى بالنمص، وشعر اللحية للرجل، والدليل على ذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لعنَ اللَّهُ الواشماتِ والمستَوشِماتِ ، والواصلاتِ ، والمتنمِّصاتِ ، والمتفلِّجاتِ للحُسنِ، المغيِّراتِ خلقَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ) [صحيح أبي داود | خلاصة حكم المحدث : صحيح]، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( خَالِفُوا المُشْرِكِينَ: وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَكانَ ابنُ عُمَرَ: إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ علَى لِحْيَتِهِ، فَما فَضَلَ أَخَذَهُ) [صحيح البخاري | خلاصة حكم المحدث : صحيح].
- الفئة الثانية: الشعر الذي جاء الأمر بتقصيره أو إزالته، كنتف الإبط وقص الشارب للرجل، وحلق العانة وحلق أو تقصير شعر الرأس للمعتمر والحاج، والدليل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عَشْرٌ من الفِطْرَةِ : قَصُّ الشارِبِ، وإعْفاءُ اللِحيَةِ، والسِّواكُ، واسْتِنْشاقُ الماءِ، وقَصُّ الأظْفارِ، وغَسْلُ البَراجِمِ، ونَتْفُ الإبِطِ، وحَلْقُ العانَةِ، وانْتِقاصُ الماءِ) [صحيح الجامع | خلاصة حكم المحدث : حسن ].
- الفئة الثالثة: الشعر الذي لم تأتي نصوص في الكتاب والسنة بإزالته أو إبقائه، وهو الشعر الذي ينمو على الجبين والخدين، وشعر الساقين واليدين، وقد اختلف أهل العلم في حكمها وانقسموا في ذلك إلى فريقين:
- الفريق الأول أجمع أن هذه الأماكن من المسكوت عنها بالتالي حكمها الإباحة أي جواز إزالة الشعر منها أو تركها كما هي وهذا القول أجمع عليه الشيخ العلامة ابن عثيمين وعلماء اللجنة الدائمة، ومما جاء في فتاوى هذه اللجنة أنه لا مانع على المرأة من إزالة شعر الفخذين والساقين والذراعين والشارب، ولا يدخل إزالة الشعر من هذه الأماكن في حكم الشعر المنهي عنه.
- الفريق الثاني أجمع أنه لا يجوز إزالة الشعر من هذه الأماكن، وإن في إزالتها تغيير لخلق الله عز وجل مستشهدين بقوله تعالى:{وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا } [النساء: 119].
مبطلات الصوم في شهر رمضان المبارك
ورد في الكتاب والسنة العديد من الأمور التي تُفسد الصيام وسنتطرق لذكرها في ما يلي[٤]:
- الجِماع: وهو أكبر المفطرات إثمًا وأعظمها عند الله، فإن حصل الجماع في نهار رمضان فسد الصوم، وعلى من فعل ذلك التوبة إلى الله وقضاء الصوم وعليه كفارة مغلظة، وهنا لابد من القول بأن الجماع هو الأمر الوحيد من بين جميع المفطرات التي يتوجب على صاحبه الكفارة.
- الأكل والشرب: وهو إيصال الطعام والشراب إلى جوف الصائم عن طريق الفم، أو إدخال شيء إلى المعدة عن طريق الأنف مثل الماء لذلك نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن المبالغة في الاستنشاق أثناء الوضوء.
- إخراج الدم بالحجامة أو التبرع بالدم: تعد الحجامة والتبرع بالدم في نهار رمضان من مفطرات الصوم وذلك لأن كلا الأمرين تؤثران على البدن، ويباح للصائم التبرع في الدم في حال وجود ظرف طارئ وعليه أن يفطر ثم يقضي اليوم الذي أفطر به، أما خروج الدم من الجسم لغايات عمل فحص للدم، أو قلع السن، أو شق الجرح أو النزيف فهي أمور تُفسد الصوم.
- خروج دم الحيض والنفاس للمرأة: فعند نزول دم الحيض أو النفاس من المرأة فقد فسد صومها ولو كان ذلك قبل أذان المغرب بلحظة، ومن الأفضل للمرأة الحائض ألّا تتناول الأدوية التي تؤخر دورتها الشهرية، وقد ثبت طبيًا الكثير من الآثار الجانبية الضارة التي تُسببها تلك الأدوية للمرأة.
- التقيؤ قصدًا: من تقيأ عمدًا بإدخال إصبعه إلى فمه، أو تقصد شم رائحة كريهة، أو عصر بطنه.
- الاستمناء: فمن استمنى وهو صائم وجب عليه التوبة وإكمال صيامه ثم قضاء هذا اليوم، وإن بدأ أحدهم بالاستمناء ثم تراجع عن ذلك ولم يُنزل شيء من المني فعليه التوبة وصيامه صحيح، ومن الأفضل أن يبتعد الصائم عن كل ما يثير الشهوات والغرائز.
- ما كان بمعنى الأكل والشرب: ويشمل ذلك أمرين، أولهما إدخال الدم إلى جسم الصائم عند طريق الإبر فذلك من المفطرات، وثانيهما الإبر المغذية والتي هي بمثابة الأكل والشرب، كما يعد غسيل الكلى من المفطرات، أما الإبر التي تستخدم للعلاج مثل: إبر الأنسولين والبنسلين وإبر التطعيم فإنها لا تعد من المفطرات سواءً حُقنت عن طريق الوريد أو العضلات.
المراجع
- ↑ الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع (20ـ5ـ2018)، "قدسية رمضان وحرمة الصيام"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 20ـ12ـ2019. بتصرّف.
- ↑ "إزالة المرأة الشعر من جسدها لا يبطل الصوم "، islamweb، 23ـ11ـ2002، اطّلع عليه بتاريخ 20ـ12ـ2019. بتصرّف.
- ↑ "ما هو الشعر الذي يجوز إزالته والشعر الذي لا يجوز إزالته ؟ "، islamqa، 12ـ9ـ2002، اطّلع عليه بتاريخ 19ـ12ـ2019. بتصرّف.
- ↑ "مفسدات الصيام"، islamqa، 17ـ11ـ2002، اطّلع عليه بتاريخ 19ـ12ـ2019. بتصرّف.