محتويات
القرآن الكريم
يعرف القرآن الكريم بأنه كلام الله اللفظي المنزل على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- معجزًا باللفظ والمعنى، ومُخرجًا الناس من ظلمات الكفر إلى نور الهداية وصلاح الدين والدنيا، وقد ميّزه الله -جل وعلا- عن غيره من الكتب السماويّة بأن جعله آخرها فلا كتاب بعده، كما حفظه تبارك وتعالى من التحريف والضياع على عكس ما جرى في الكتب السماوية السابقة، وقد هيّأ له من الأسباب ما يُعين على ذلك فأنزله على فترات ولم ينزله جملةً واحدةً على النبي المصطفى بواسطة الوحي جبريل، ثم جمعه الخليفة أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بعد حروب الردة التي نتج عنها مقتل كثير من حفظة كتاب الله، ثم عاد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ليجمعه مرة أخرى في مصحف واحد[١]، ومما لا شك فيه أن قارئ القرآن الكريم مأجور على تلاوته، فيكون له بكل حرف حسنة والحسنة بعشرة أمثالها، وفي هذا المقام روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله أنه قال: (مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ) [المصدر: صحيح الترمذي| خلاصة حكم المحدث: صحيح][٢]، وسنتحدث في هذا المقال عن الحكم الشرعي لقراءة القرآن الكريم دون وضوء.
هل يصح قراءة القرآن دون وضوء
أجمع جمهور أهل العلم أن المحدث حدثًا أصغر تجوز له قراءة القرآن الكريم، مع العلم أن الوضوء أفضل، وأما مسه وحمله فهو محرم بإجماع الجمهور والأئمة الأربعة، وذلك استنادًا لقوله جل وعلا في محكم تنزيله: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ، لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ، تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ } [الواقعة:77-80]، والمراد من كلمة تنزيل الواردة في الآية أن المصحف الشريف لا يحمل على غيره إلا بدليل واضح، كما استدل الجمهور بما كتبه النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم ألا يمس القرآن إلا طاهرًا، وعليه فإن مس القرآن أو حمله لحفظ أو تعلم أو تلاوة لا يجوز؛ أما قراءته عن ظهر قلب للحافظ فلا بأس به وإن لم يكن على طهور، فيما يستثنى من هذا الحكم الصبية أثناء تعلمهم، وذلك لأن طهارتهم لا تنحفظ، وحاجتهم إلى ذلك ماسة[٣].
حكم قراءة القرآن للجنب
أجمع جمهور أهل العلم والمذاهب الفقهية الأربعة والتابعين ومن بعدهم على تحريم قراءة القرآن الكريم على الجنب، وإن كان من غير مس المصحف الشريف، ورغم ضعف الأحاديث الواردة في هذا المقام إلا أنها تحصل القوة بانضمام بعضها إلى بعض كما ذكر تاج الدين السبكي في طبقات الشافعية الكبرى والمبارك كفوري في تحفة الأحوذي، كما يؤيد هذا القول شهرته بين الصحابة، فقد كان الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يكره أن يقرأ القرآن جنبًا، والكراهة عند السلف تعني الحرمة، وفي مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية قال: "الْجُنُبُ مَمْنُوعٌ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ"، ويستثنى من ذلك الورد الصباحي والمسائي فهو بمثابة رخصة من الله -جل وعلا- لا يفهم منها الإطلاق بل الحاجة بقراءة آية أو اثنتين[٤].
آداب تلاوة القرآن الكريم
توجد الكثير من الآداب الظاهرة والباطنة التي ينبغي أن يتحلى بها قارئ القرآن الكريم، ويمكن إجمالها فيما يلي[٥]:
الآداب الباطنة
- إخلاص النية لله -جل وعلا-، فتلاوة القرآن عبادة وقبولها منوط بحسن نيتها، لا أن يكون داخل المرء شغف دنيوي مثل رئاسة أو مال أو جاه أو ثناء من الناس.
- تعظيم كلام الله والخشوع.
- حضور القلب والجوارح كلها إدراكًا أنه بين يدي المولى -جل وعلا-.
- تدبر الآيات وفهم معانيها ما أمكن؛ لأنها أوامر الله ونواهيه، وبالتالي ينشط لتنفيذها أو تجنبها.
- التفاعل مع معاني الآيات استدلالًا على عظمة الخالق جل في علاه، واتعاظًا بقصص الأنبياء والرسل وما جاء في أحوال المتقين والمكذبين.
الآداب الظاهرة
- الطهارة التامة في البدن والثوب والمكان، تعظيمًا له.
- تنظيف الفم بالسواك وإزالة أي رائحة كريهة من أثر الثوم أو البصل أو ما شابه.
- استقبال القبلة.
- الجلوس الخاشع بهيئة حسنة وسكينة ووقار كما يجلس بين يدي معلمه، علمًا أن القراءة في حال الاضطعاج أو النوم في الفراش جائزة بلا شك.
- الاستعاذة بالله الرحمن الرحيم من الشيطان الرجيم عند بدء القراءة، علمًا أن البسملة واجبة لمن ابتدأ القراءة من أول السورة، وتستثنى من ذلك سورة التوبة؛ أما مَن بدأ من وسط السورة فهو مخير بين الإتيان بالبسملة أو تركها.
- سؤال الله -جل وعلا- الرحمة إذا مر بآية وعد ورحمة، مقابل التعوذ عند المرور بآية وعيد وعذاب، كأن يقول: اللهم إني أسالك العافية، ومن ذلك أيضًا التنزيه والتسبيح عند المرور بآية تنزيه كأن يقول: سبحان الله، أو تبارك الله، وكذلك الصلاة على النبي المختار عند المرور بآية فيها ذكر له -صلى الله عليه وسلم-.
- السجود عند مواضع السجود، إذ يُكبر للسُجود، ثم يسجد على الهيئة المعروفة ويسبح الله جل وعلا كما في الصلاة، ثم يدعو، ويستحب القول: "اللهُمَّ اكتُب لي بها عندك أجرًا، واجعلها لي عندك ذُخْرًا، وضَعْ عنِّي بها وِزْرًا، واقبلها منِّي كما قبلتها من عبدك داود"، ثم يرفع دون تكبير ولا سلام.
- تجنب كل ما يخل بالمقصود من التلاوة، ويدخل في ذلك الضحك، واللهو، والعبث بالأيدي، ومد النظر، وتبديد الفكر، والكلام من غير حاجة، وقطع التلاوة لحديث عابر مع الناس، ويستثنى من ذلك الكلام الضروري أو الحاجة كرد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة المؤذن.
- التوقف عن القراءة عند التثاؤب.
- تحسين الصوت ما أمكن فهو أوقع في القلب وأشد تأثيرًا للسامعين، علمًا أن الصوت الجميل نعمة من الله لم يؤتها لجميع خلقه، لكن تحسينه قدر المستطاع في تلاوة القرآن أمر مستحب ولا يكون باتباع المقامات الموسيقية، لأن كل ما هو مستمد من علم الموسيقى محرم وبدعة.
- حرمة تلاوته أو الدخول به إلى الخلاء.
- حرمة إعطائه الأطفال الصغار غير المميِّزين.
- حرمة بيعه أو إهدائه لغير المسلم وإن كان أثريًا، وتزداد الحرمة إذا كان المُهدى كافرًا.
- مراعاة وضعية حمله عند القراءة؛ فلا يجوز أن يكون أدنى من الرجلين، بل يحمل باليدين أو على كرسي خاص، مع الحذر من وضع أي شيء فوقه.
المراجع
- ↑ د. أمين الدميري (7-12-2016)، "التعريف بالقرآن الكريم لغة واصطلاحًا"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 15-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "الموسوعة الحديثية"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 15-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "حكم قراءة القرآن ومسه بدون وضوء"، إسلام ويب، 8-1-2002، اطّلع عليه بتاريخ 15-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "هل يجوز للجنب أن يقرأ القرآن دون مس المصحف؟"، الإسلام سؤال وجواب، 4-8-2014، اطّلع عليه بتاريخ 15-12-2019. بتصرّف.
- ↑ نجلاء جبروني (24-9-2018)، "آداب تلاوة القرآن الكريم"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 15-12-2019. بتصرّف.