الصلاة
تُعدّ الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام الخمس بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وهي عمود الدين وعماده، فمن أقامها أقام الدين ومن تركها ترك الدين، فإن فسدت الصلاة اختل دين المسلم، كما أنها أساس صلاح العمل فمن صلحت صلاته صلح سائر عمله والعكس صحيح، ومما يدلل على أهميتها أنها أول عبادة فرضت في الإسلام، وهي الفريضة التي لا تسقط عن المسلم سواء في السفر أو الحضر، وفي الصحة أو المرض، وفي الخوف أو الأمن، وفي الحرب أو السلم، إذ إن النبي صلى الله عليه وسلم لا زال يوصي أمته بها من بعده فكانت آخر وصاياه؛ كونها أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة، وفي ضوء ما ذُكِرَ آنفًا فإن التهاون في أداء الصلاة أمر جلل يجب الوقوف عنده لبيان شروطها والأحكام التي يجب تحقيقها في كل ركعة بما يكون أقرب للكمال والقبول بإذن الله[١].
شرح شروط الصلاة
إن أداء الصلاة على الوجه الأكمل بما يجعلها مقبولةً عند الله جل وعلا منوط بشروط تسعة يمكن تفصيلها على النحو الآتي[٢]:
- اعتناق الدين الإسلامي، فعمل الكافر مرود مهما كان، والدليل على ذلك قوله جل وعلا: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ ۚ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} [التوبة: 17].
- سلامة العقل، فالمجنون مرفوع عنه القلم حتى يفيق استنادًا لما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله أنه قال: (رُفِع القلمُ عنْ ثلاثةٍ؛ عنِ الصغيرِ حتى يبلُغَ، وعَنِ النائمِ حتى يستيقظَ، وعنِ المصابِ حتى يُكشفَ عنهُ) [رواه أحمد شاكر| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح][٣].
- التمييز وضده الصغر، إذ تبدأ الصلاة من عمر سبع سنوات، أما مَن دون ذلك فلا صلاة عليه.
- رفع الحدث من خلال الوضوء المتعارف عليه، وموجبة الحدث، وشروط ذلك الإسلام، والعقل، والتمييز، والنية حتى الطهارة، وانقطاع موجب، والاستنجاء، وطهور الماء وإباحته، وإزاله كل ما يمنع وصوله إلى البشرة، وأخيرًا دخول وقت على من حدثه دائم لفرضه، أما فروضه فهي غسل الوجه من منابت شعر الرأس إلى الذقن طولًا، وإلى فروع الأذنين عرضًا بما في ذلك الاستنشاق، وكذلك غسل اليدين إلى المرفقين، ومسح الرأس بما في ذلك الأذنان، وغسل القدمين إلى الكعبين، مع ضرورة الترتيب في الخطوات المذكورة آنفًا، أما نواقضه فتتمثل بكل ما يخرج من السبيلين، والفاحش النجس، بالإضافة إلى ذهاب العقل، ومس امرأة بشهوة، ومسح الفرج أو الدبر باليد، وتغسيل الميت، وأخيرًا الردة عن دين الإسلام.
- إزالة النجاسة من البدن، والثوب، ومكان أداء الصلاة.
- ستر العورة، ولكل من الرجل والمرأة حكم مختلف؛ فالمرأة عورتها تكون في كل جسدها عدا الوجه والكفين، أما الرجل فعورته تكون من السرة وحتى الركبة، وهذا يعني أن صلاة الشخص دون ملابس وهو يستطيع ستر عورته فاسدة بإجماع أهل العلم.
- دخول وقت الصلاة، فلكلّ صلاة من الصلوات الخمس المفروضة وقت محدد لا تجوز قبله ولا بعده، وعلى المسلم الذي أراد أن تصح صلاته أن يلتزم بوقتها.
- التوجه إلى القبلة، وقبلة المسلمين أجمعين هي الكعبة المشرفة شطر المسجد الحرام في مكة المكرمة.
- استحضار النية ومحلها القلب، أما التلفظ بها فهو بدعة.
أركان الصلاة
بلغ عدد أركان الصلاة 14 ركنًا، وهي على النحو التالي[٢]:
- القيام مع القدرة البدنية على ذلك.
- تكبيرة الإحرام، وهي قول الله أكبر في بداية الصلاة إشعارًا بالدخول فيها، والانقطاع عن كل ما هو خارجها.
- قراءة سورة الفاتحة بعد تكبيرة الإحرام مع التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فهي أم القرآن وفاتحة الكتاب، وعليه لا تصح الصلاة دونها.
- الركوع.
- الرفع من الركوع.
- السجود على الأعضاء السبعة، والاعتدال منه.
- الجلوس بين السجدتين.
- الطمأنينة في كل الأفعال.
- ترتيب الأركان كما هي مذكورة آنفًا، فلا يجوز تقديم السجود على الركوع مثلًا، أو البدء بقراءة سورة الفاتحة قبل تكبيرة الإحرام، وهكذا.
- التشهد الأخير، والجلوس له.
- الصلاة على النبي.
- التسليمتان.
مبطلات الصلاة
توجد الكثير من الأمور التي تبطل الصلاة وتفسدها، وهي[٤][٥]:
- الكلام العمد سواء لحاجة أو لغير حاجة، فهو محرم بالإجماع طالما أن من تكلم عامدًا عالم، فيما اختلف أهل العلم في حكمي الجاهل أو الناسي؛ فذهب البعض إلى تسويتهما بالمتعمِد، فيما رجح آخرون أن صلاتهما مقبولة بخلاف العامد؛ لأن الله جل وعلا رفع عن الأمة الخطأ والنسيان وما أُجبروا عليه، علمًا أن خروج حرف أو اثنين لبكاء أو نفخ أو ما شابه لا يبطل الصلاة.
- الأكل أو الشرب عمدًا، علمًا أن مَن ابتلع شيئًا مغلوبًا أو ناسيًا أو كان عالقًا بين أسنانه لا تبطل صلاته، مع ضرورة حرصه على المضمضة جيدًا واستخدام السواك ما أمكن.
- ترك شرط أو ركن أو واجب عمدًا.
- الأعمال الكثيرة من غير جنس الصلاة، كحكّ الجسم مثلًا، أو المشي، وإن كانت قليلةً فلا تبطلها بلا خلاف، وهذا هو الضابط بين الفساد وعدمه، والرجوع إليه بحكم العادة فما لا يعده الناس كثيرًا، كالإشارة برد السلام، أو خلع النعل، أو رفع العمامة أو ما شابه لا يضر حسب الجمهور.
- الضحك، علمًا أن التبسم لا بأس به حسب قول أكثر أهل العلم، وهذا لا يعني إباحته؛ لأنه ينافي الخشوع والإقبال، لكن لو تبسّم المصلي لسبب أو لآخر فلا تبطل صلاته.
- كل ما يبطل الطهارة، كاتصال النجاسة، وكشف العورة عمدًا.
- استدبار القبلة.
- قطع النية أو التردد أو العزم على ذلك.
- الرجوع من القيام إلى التشهد الأول بعد الشروع في القراءة عالمًا ذاكرًا.
- زيادة ركن فعلي أو تقديم بعض الأركان عمدًا.
- السلام قبل إتمام الصلاة عمدًا.
- تقدم المأموم على الإمام، أو سلامه من الصلاة قبله؛ لأنه ترك متابعته لغير عذر، فإن سلم سهوًا ثم أعاده لم تبطل، وإن لم يعده تبطل الصلاة.
سنن الصلاة
تُعد سنن الصلاة مجموعةً من الممارسات التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يتبعها أثناء أداء الصلاة ولا حرج ولا إثم إذا لم يتبعها المسلم أثناء تأديته للصلاة، ومن أبرز هذه السنن ما يأتي[٦]:
- رفع اليدين: هو اتجاه المؤمن لرفع اليدين في مواضع ترديد عبارة الله أكبر أثناء الصلاة.
- وضعية اليدين أثناء قراءة السور والوقوف: هي اتجاه المؤمن إلى وضع يديه بطريقة معينة، إذ يجب أن تعتلي يده اليمني يده اليسرى أثناء الوقوف في الصلاة.
- الزيادة في التسبيح: هو اتجاه المؤمن لترديد المزيد من العبارات الخاصة بالركوع والسجود من أجل نيل المزيد من الأجر والثواب عليها.
- قراءة سور قرآنية غير سورة فاتحة: وهي اتجاه المؤمن لترديد المزيد من السور القرآنية بعد قراءة سورة الفاتحة التي لا يمكن أن تصلح الصلاة إلا بها في كل من الركعتين الأولى والثانية عند الوقوف.
- قراة دعاء الاستفتاح: وله صيغ كثيرة أشهرها ما يأتي: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ[٧].
المراجع
- ↑ الدكتور أحمد المناوي (2-4-2016)، "الركن الركين"، طريق القرآن، اطّلع عليه بتاريخ 10-12-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "شروط الصلاة وأركانها"، طريق الإسلام، 11-8-2003، اطّلع عليه بتاريخ 10-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "الموسوعة الحديثية"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 10-12-2019. بتصرف.
- ↑ رامي محمود (14-1-2013)، "ملخص مبطلات الصلاة"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 10-12-2019. بتصرّف.
- ↑ محمد آل رميح (20-3-2018)، "مبطلات الصلاة"، موقع مداد، اطّلع عليه بتاريخ 10-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "أركان الصلاة وواجباتها وسننها"، إسلام ويب، 6-1-2002، اطّلع عليه بتاريخ 26-10-2019. بتصرّف.
- ↑ "الصيغ الواردة في دعاء الاستفتاح"، الإسلام سؤال وجواب، 9-4-2016، اطّلع عليه بتاريخ 26-10-2019. بتصرّف.