محتويات
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
أمر الله سبحانه وتعالى عباده بالطاعة، كما بيَّن لهم الحلال من الحرام، وأمرهم بأن يُذكِّروا بعضهم بالخير، ويتناهون عن فعل الفواحش والمعاصي، ويندرج ذلك تحت مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمعروف هو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه، والإحسان إلى الناس، وهو كل ما حثَّ عليه الشرع ونهى عنه من القبائح، وقيل أيضًا هو كل ما يحسن في الشرع، أما المنكر فهو كل قول وفعل وقصد قبّحه الشارع ونهى عنه، ومن الجدير بالذكر أنّ علماء الأمة اتفقوا على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد استدلوا على ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية؛ إلا أنّهم اختلفوا فيما إذا كان الوجوب عينيًّا أم كفائيًّا، فمنهم من قال أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين على كل مسلم، ومنهم من ذهب إلى أنّ هذا الأمر مقتصر فقط على العلماء وليس كل الناس علماء، ومما لا شك فيه وجود واجبين على المسلم فعلهما، وهما فعل المعروف وتجنب المنكر، وفي حال قصَّر المسلم في أحدهما فإنّه لا يجوز له التقصير في الثاني، فعلى سبيل المثال إذا قصَّر المسلم في صلاته ثمّ اعتدل بها فإنّ ذلك لا يمنعه من الأمر بها، وكذلك المنكر، فإذا أكل المسلم الربا وتاب بعد ذلك فإنّ ذلك لا يمنعه من النهي عنه، بل يجب عليه أن ينهى عن أكل الربا.
يجب على المسلم أن يتذكر الأنبياء والرسل -وهم أكمل الناس- في جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورغم ذلك فقد واجهوا الصد والعناد وعدم الإجابة من أقوامهم، كما أنّ منهم من لم يستجب له أحد، لذا يجب على المسلم الصبر والاستمرار بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لما فيه من صلاح للمجتمع والأمة بأكملها، والثواب والأجر العظيم لمن يسعى به[١].
شرح الحديث
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَن رأى منْكم منْكرًا فليغيِّرهُ بيدِهِ فإن لم يستطِعْ فبلسانِهِ فإن لَم يستطِعْ فبقلبِهِ وذلِكَ أضعفُ الإيمانِ)، وفي هذا الحديث وضح النبي عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم أن على المؤمن أن يدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف أينما كان، وينهى عن المنكر بكل صوره، وقد بين الحديث الشريف أنّ النهي عن المنكر يكون بثلاث طرق، وهي التغيير باليد والتغيير باللسان والتغيير بالقلب، وتعتمد هذه الطرق على نوع المنكر، وشخصية القائم بالإنكار وطبيعته، فيوجد من المنكرات ما يمكن تغييره مباشرة باليد، ومنها ما لا يستطيع الشخص تغييره باليد دون اللسان، ومنها ما لا يمكن تغييرها إلا بالقلب، ويشير الحديث إلى وجوب إنكار المنكر باليد في حال القدرة على ذلك، وإذا لم يؤدِّ الإنكار باليد إلى مفسدة أكبر، ومثال ذلك أن يغير الوالي المنكر الذي يصدر من رعيته، وينطبق ذلك على الأب مع أهل بيته، والمعلم في مدرسته ومع تلاميذه، وفي حال قصر أحدهم في واجبه فإنه يضيع الأمانة، ومن يضيعها فهو آثم، فإن عجز الشخص عن تغيير المنكر بيده فإنّه ينتقل إلى اللسان كما جاء في الحديث، وذلك من خلال تذكير العاصي بالله عز وجل وتخويفه من العقاب، ويكون ذلك بأسلوب يناسب طبيعة المعصية وطبيعة صاحبها، وقد يكون التلميح كافيًا بعض الأحيان، إلا أنّ بعض المواقف تقتضي الإنكار علنًا وبصراحة، وفي حال عجز الشخص عن الإنكار باليد أو اللسان فإنه ينكر بقلبه، وهذا واجب على الجميع ولا يعذر شخص بتركه، وذلك لأنّه مسألة قلبية لا يمكن لأحد التدخل بها أو الإجبار عليها، فإذا أهملت الأمة هذا الواجب تنتشر المعاصي والفواحش، ويشيع الفساد بين الناس، ويألفون المنكر ولا يبغضونه في قلوبهم، وعندئذٍ تكون الأمة مهددة بنزول العقاب الإلهي عليها، وتستحق غضب الله سبحانه وتعالى ومقته[٢][٣].
كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يُعدُّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأمور المهمة التي يجب على كل مسلم الالتزام بها والحرص على أدائها، إذ إنه من أهم الواجبات في الإسلام، كما أنّه واجب على المسلمين جميعهم كل حسب طاقته ومقدرته، ومن الجدير بالذكر أنّه يجب أن يكون بالحكمة والمعرفة، لا بالجهل والعنف والتشدد، كما أنّ الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر يجب أن يكون على علم وبصيرة إن كان رجلًا أو امرأة، وذلك حتى لا يأمر الناس بما يخالف الشرع، ولا ينهى عما يوافق عليه الشرع، ومما لا شك فيه أنّ هذا الأمر يجب أن يكون بالرفق واللين والكلمات الطيبة والحسنة، وتجنُّب الشدة والعنف والكلمات البذيئة، وتوجد مجموعة من الأمور التي يجب على الشخص فعلها حتى يستطيع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويمكن ذكرها على النحو الآتي[٤][٥]:
- إخلاص النية في العمل لله سبحانه وتعالى.
- البدء بالنفس ثم الأهل ثم الأقارب، ثم الصحبة المقربة وهكذا.
- العلم بما أمر به الله سبحانه وتعالى وما نهى عنه.
- الشعور بالمسؤولية تجاه تبليغ الناس الخير وإرشادهم إلى المعروف.
- الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى برفق ورحمة، وتجنُّب الغلظة والشدة في أسلوب الدعوة.
- الحرص على ألا يترتب على النهي ضرر، أو ما هو شر من المنهي عنه.
فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إنّ للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منزلة ومكانة عظيمة، ويوجد بعض العلماء الذين عدوه الركن السادس من أركان الإسلام، وقد قدمه الله سبحانه وتعالى على الصلاة والزكاة في سورة التوبة، وفي هذا التقديم توضيح ودلالة على عظيم شأن هذا الواجب، وأهميته في حياة الفرد والمجتمع والأمة بأكملها، إذ يتحقق بيتحقيقه صلاح الأمة، وينتشر الخير ويختفي الشر، وبإضاعته وعدم العمل به تضيع الأمة ويكثر الفساد وتكون العواقب غير محمودة، فتقسو القلوب وتظهر الرذائل ويشيع المنكر، ومن فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمكن ذكر ما يأتي[٦]:
- سبب في خيرة هذه الأمة، إذ جعل الله أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- خير أمة أخرجت للناس بسبب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- سبب للنجاة من الهلاك، فالذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر يساهمون في حفظ المجتمعات من الهلاك الذي قد يصيبها بسبب المعاصي والفواحش.
- التمكين في الأرض، وهو أحد أسباب تحقيق النصر والفلاح في الدنيا والآخرة.
- حفظ الضرورات الخمس في الدين والنفس والعقل والنسل والمال.
- سبب لتكفير الذنوب والمعاصي والآثام.
المراجع
- ↑ "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "الموسوعة الحديثية"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 16-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "حديث : من رأى منكم منكرا فليغيره"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 16-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحكمة المقصودة فيه"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 16-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "كيف آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر؟"، المسلم، اطّلع عليه بتاريخ 16-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "الركن السادس من أركان الإسلام.. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 16-12-2019. بتصرّف.