محتويات
تعريف الهداية
الهداية لغةً هي الرشاد والدلالة، أما اصطلاحًا فإن الهداية تنقسم لنوعين؛ الأول هو هداية الدعوة والإرشاد والبيان والدلالة، وهي المهمة التي كلَّف الله سبحانه وتعالى بها رسله وأنبياءه، ومن تبعهم من الدعاة والمصلحين، وعلى هؤلاء أن يؤدوا هذه المهمة ويبذلوا جهدهم فيها، علمًا بأنهم لا يمتلكون النتائج، إذ إنّ النتيجة بيد الله سبحانه وتعالى وحده، أما النوع الثاني من الهداية فهو هداية التوفيق، أو خلق الهداية في قلوب البشر، ومن الجدير بالذكر أنّ هذا النوع من الهداية هو ملك لله وحده، فهو سبحانه وتعالى من يملك القلوب ويصرفها ويقلبها، والهداية نعمة وفضل من الله عز وجل يمنُّ به على من يشاء من عباده.
مما لا شك فيه أنّ الهداية هدف سامٍ يرجوه المسلم في كل ركعة من صلاته، فيقرأ قول الله تعالى {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6]، وذلك لعلمه بأنّ الهداية بيد الله وحده، ورغم ذلك فإنّ الإنسان مطالب بأسباب الهداية، وهي الصبر والثبات والبدء بالسير إلى طريق الاستقامة، فقد منحه الله عقلًا سليمًا يستطيع أن يفكر به، كما منحه الإرادة الحرة التي يستطيع من خلالها اختيار الخير بدلًا من الشر والهدى بدلًا من الضلالة، فإذا أخذ المسلم بهذه الأسباب وطلب من الله أن يرزقه الهداية جاءه توفيق الله سبحانه وتعالى، وتجدر الإشارة إلى أنّ المسلمين يتفاوتون في طلب الهداية وصدق العزيمة وتحري الأسباب المؤدية إليها، وقد بيّن الله سبحانه وتعالى أنّه يهدي من كان أهلًا للهداية، ويضل من كان أهلًا للضلالة، وأنّ العبد سبب لضلال نفسه، فهو الذي يسلك طريق الضلالة.
العمل الصالح يؤدي بصاحبه إلى الهداية التي تُدخله الجنة يوم القيامة، أما ارتكاب المعاصي والإعراض عن طاعة الله فيؤدي إلى الضلال ودخول النار، لذلك على المسلم أن يضع خطوته في الطريق الصحيح، ويسعى إلى طريق الله سبحانه وتعالى، وعمل الأمور الصالحة والتواضع لله عز وجل والإيمان بأنّ مقاليد السماوات والأرض بيده وحده، والشعور بالفقر والحاجة لتوفيق الله وتسديده في كل وقت وفي كل الأمور، وفي هذا المقال حديث عن أسباب الهداية ووسائلها ومراتبها[١][٢][٣].
الوسائل المؤدية إلى الهداية
إنّ الله سبحانه وتعالى منَّ على عباده بالعديد من النعم والفضائل التي لا تُعدُّ ولا تُحصى، ومن أعظم هذه النعم نعمة الهداية إلى دين الإسلام، وهي منحة من الله عز وجل لا يعطيها إلى أي أحد، فهي طريق للوصول إلى السعادة والنجاة من العذاب، ومن الجدير بالذكر أنّ الهداية لا تحدث بالأماني والآمال، إذ لا بدَّ من وجود الأسباب التي تؤدي إليها وتحققها، ويمكن ذكر هذه الأسباب والوسائل على النحو الآتي[٤][٥]:
- توحيد الله سبحانه وتعالى وعدم الشرك به وإفراده بالعبادة والطاعات، وذلك لأنّ مفتاح الهداية هو توحيد الله الذي لا يخالطه شك ولا شرك.
- الحرص على مداومة قراءة القرآن الكريم وتلاوته وتدبر معانيه، إذ يحمي من الوقوع في الشر والشبهات والشهوات، فكتاب لله منارة للهدى وصلاح للقلوب.
- الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى في طلب الهداية، وطلب التوفيق وانشراح الصدر إلى الحق، وأن يسأل المسلم ربه أن يعينه على طاعته وطاعة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
- التزام مصاحبة الصالحين والأخيار، وانتقاء الأصدقاء والأقران بعناية وحرص شديدين فالمرء على دين خليله، وإنّ مجالسة الصالحين خير طريق للهداية.
- حضور مجالس العلماء والاستفادة من علمهم، ففي مجالستهم زيادة في الإيمان وتذكير بالسلف الصالح، وشحذٌ للهمم للسعي في العمل الصالح والفوز بالجنة.
- الابتعاد عن الفتن والأسباب المؤدية إليها، وتجنب المنكرات والشبهات في السمع والبصر.
- الإكثار من العبادات والطاعات التي تحفظ العبد، والالتزام بأوامر الله سبحانه وتعالى واجتناب نواهيه واتباع سنة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام.
- قراءة سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته وسيرة أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، فإنّ قراءة الأحاديث وفهمها من أسباب الهداية.
مراتب الهداية في القرآن الكريم
تُعدُّ الهداية واحدةً من المفاهيم التي وردت في القرآن الكريم بكثرة، وهي كما تحدث عنها القرآن ليست مرتبةً واحدةً ولا نوعًا واحدًا، ويُحدَّد معنى الهداية تبعًا لمرتبتها في القرآن الكريم، وتتلخص في أربع مراتب يُمكن توضيحها على النحو الآتي[٦]:
- الهداية العامة، وهذه الهداية هي لجميع الكائنات، إذ هدى الله سبحانه وتعالى كل نفس إلى ما يُصلح لها معاشها وشؤونها، وفطرها على جلب كل ما هو نافع لها، ودفع الضرر عنها، وهذه المرتبة من الهداية هي أعمُّ المراتب.
- هداية الدلالة والإرشاد، وهذه المرتبة الثانية من الهداية، وهي خاصة بالمكلفين، أي الرسل والكتب التي نزلت من السماء، وهذا النوع من الهداية أكثر خصوصيةً من النوع الذي قبله، إذ إنّ حجة الله على عباده تقوم بهذا النوع، فلا يدخل أحد النار إلا بعد إرسال الرسل الذين يوضحون للناس طريق الرشاد من الضلالة، وهذه الهداية لا تستلزم حصول التوفيق واتباع الحق، إذ يوجد من آمن بالرسل والكتب السماوية، ومنهم من لم يؤمن.
- هداية التوفيق والإلهام، وهذه المرتبة أخص من المرتبة التي قبلها، فهي بيد الله تعالى وحده ولا يقدر عليها أحد إلا هو، ولا يُعطيها إلا لمن حقَّق شروط هذه الهداية واستوفى جميع أسبابها، وهذا النوع يستلزم أمرين هما فعل الله تعالى وهو الهدى، وفعل العبد وهو الاهتداء استجابةً لفعل الله الهدى.
- الهداية إلى الجنة والنار يوم القيامة، وهذه آخر مراتب الهداية، فمن اهتدى إلى صراط الله الذي نزل به الأنبياء اهتدى يوم القيامة إلى الصراط المستقيم الذي يوصل إلى الجنة والنعيم المقيم، ومن أعرض عن ذكر الله سار يوم القيامة إلى جهنم جزاءً بما عمل في الدنيا.
علامات توفيق الله للعبد
يعيش المؤمن في هذه الدنيا وهو يخشى الفتنة والميل بعد الهدى، ولذلك فعلى المسلم أن يبتعد عن هذه الفتن والشهوات، ويلتمس رضى الله وتوفيقه وهداه، ومن الجدير بالذكر وجود مجموعة من الأمور التي تدل على توفيق الله للعبد، ومنها ما يأتي[٧]:
- التوفيق للعمل الصالح على اختلاف أنواعه، سواء أكان في البدن أو في المال أو في القول.
- التوفيق إلى طلب العلوم الشرعية والتفقه في الدين، فمن سلك طريق العلم فهو في خير كثير.
- التوفيق إلى نشر الخير والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وهذه هي مهمة الأنبياء والرسل.
- التوفيق للتوبة عند الوقوع في المعاصي، فإنّ الله سبحانه وتعالى يفرح بتوبة عباده.
المراجع
- ↑ "الهداية من الله والأسباب من العباد"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "من أسباب الهداية"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "معنى الهداية"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "طريق الهداية"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "من أسباب الهداية"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "مراتب الهداية في القرآن الكريم"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "علامات توفيق الله للعبد"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 21-12-2019. بتصرّف.