مفهوم الصداقة
يُمكن تعريف الصداقة في معاجم اللغة العربية بأنها مصدر مشتق من الفعل الرباعي صادق، وهي علاقة تربط بين طرفين أو أكثر تنشأ على المحبة والمودة والاحترام المتبادل، وهي حاجة من حاجات الإنسان كونه اجتماعيًّا بطبيعته، ولا يمكنه العيش بمعزل عن أشخاص مقربين يتقاسم معهم أفراحه وأحزانه، ويُسرّ إليهم بأسراره وآلامه وقت الشدة والضيق، وفي اشتقاق آخر يقال إنّ الصداقة مأخوذة من الصدق وهو نقيض الكذب والخداع، لأنها مبينة على صدق النية؛ فالصديق الحقيقي مَن صدقك أي نصحك ولم يتركك تسير وراء هواك فيما يضرك، وقد قيلت العديد من الأبيات الشعرية في هذا المقام من شعراء عظماء، وسنعرض جزءًا من تلك الأبيات الشعرية في هذا المقال[١][٢].
أجمل أبيات الشعر عن الصداقة
لقد باتت الصداقة عملة نادرة، لا سيما مع طغيان المصالح الدنيوية على أي علاقة، وانتشار مفاهيم الغدر والخيانة، إذ يجب أن تُتوّج روابط الأصدقاء المتينة القائمة على الوفاء والإخاء، وعليه تغنّى الشعراء بأصدقائهم، وسطروا لهم أجمل معاني الوفاء والإخلاص، ثم رثوهم ببالغ الدمع والأسى بعد الوفاة، ومما جاء في هذا المقام:[٣][٤][٥]
- الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
كن ما استطعت عن الأنام بمعزل
- إن الكثير من الورى لا يصحبُ
واجعل جليسك سيدًا تحظى به
- حَبر لبيب عاقل متأدبُ
- ابن خالويه:
إذا ما كنت متخذًا خليلًا
- فلا تثقن بكل أخي إخاء
فإن خيرت بينهم فألصق
- بأهل العقل منهم والحياء
- أبو الفتح البستي:
نصحتُكَ لا تصحَبْ سِوى كُلِّ فاضِل
- خَليقِ السّجايا بالتَّعفُّف والظَّرفِ
ولا تَعتمِدْ غيرَ الكِرامِ فواحِدٌ
- منَ النّاسِ إنْ حصَّلْتَ خَيرٌ منَ الألفِ
وأشفِقْ على هَذا الزَّمانِ ومرِّه
- فإنَّ زمانَ المَرءِ أضلَعُ من خَلْفِ
شر البلاد بلاد لا صديق بها
- وشر ما يكسب الإنسان ما يصم
- أسامة بن منقذ:
عش واحدًا أو فالتمس لك صاحبًا
- في محتدى ورع وطيب نجار
واحذر مصاحبة السفيه فشر ما
- جلب الندامة صحبة الأشرار
والناس كالأشجار هذي يجتنى
- منها الثمار وذي وقود النار
- الإمام الشافعي:
إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفًا
- فَدَعهُ وَلا تُكثِر عَلَيهِ التَأَسُّفا
فَفِي النَّاسِ أبْدَالٌ وَفي التَّرْكِ رَاحة
- وفي القلبِ صبرٌ للحبيب ولو جفا
فَمَا كُلُّ مَنْ تَهْوَاهُ يَهْوَاكَ قلبهُ
- وَلا كلُّ مَنْ صَافَيْتَه لَكَ قَدْ صَفَا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة
- فلا خيرَ في ودٍ يجيءُ تكلُّفا
ولا خيرَ في خلٍّ يخونُ خليلهُ
- ويلقاهُ من بعدِ المودَّةِ بالجفا
وَيُنْكِرُ عَيْشاً قَدْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ
- وَيُظْهِرُ سِرًّا كان بِالأَمْسِ قَدْ خَفَا
سَلامٌ عَلَى الدُّنْيَا إذا لَمْ يَكُنْ بِهَا
- صَدِيقٌ صَدُوقٌ صَادِقُ الوَعْدِ مُنْصِفَا
- أبو فراس الحمداني:
لي صَديقٌ عَلى الزَمانِ صَديقي
- وَرَفيقٌ مَعَ الخُطوبِ رَفيقي
لَو تَراني إِذا اِستَهَلَّت دُموعي
- في صَبوحٍ ذَكَرتُهُ أَو غَبوقِ
أَشرَبُ الدَمعَ مَع نَديمي بِكَأسي
- وَأُحَلّي عِقيانَها بِعَقيقِ.
- حسان بن ثابت رضي الله عنه:
أَخِلّاءُ الرَخاءِ هُمُ كَثيرٌ
- وَلَكِن في البَلاءِ هُمُ قَليلُ
فَلا يَغرُركَ خُلَّةُ مَن تُؤاخي
- فَما لَكَ عِندَ نائِبَةٍ خَليلُ
وَكُلُّ أَخٍ يَقولُ أَنا وَفِيٌّ
- وَلَكِن لَيسَ يَفعَلُ ما يَقولُ
سِوى خِلٍّ لَهُ حَسَبٌ وَدينٌ
- فَذاكَ لِما يَقولُ هُوَ الفَعولُ.
صفات الصديق الحقيقي
مما لا شك فيه أنكِ محاطةٌ بكثير من الأشخاص من حولكِ، منهم زملاء العمل وزملاء الدراسة والأقارب والجيران، لكنكِ في نهاية المطاف قد لا تملكينَ إلا صديقًا واحدًا حقيقيًّا، يتصف بمجموعة من الصفات التي تجعله مقربًا دون غيره، منها[٦]:
- الاهتمامات المشتركة، سواء في أمور ثقافية مثل قراءة الكتب أو تحليل الأمور السياسية أو اهتمامات رياضية كتشجيع نادٍ واحد أو ممارسة نوعٍ معين منها في مكان مشترك، أو اهتمامات اجتماعية أو غير ذلك، فهذه الاهتمامات تقرب وجهات النظر، وتساعد في قضاء الطرفين مع بعضهما وقتًا مفيدًا وممتعًا، وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاهتمام المشترك وإن لم يتوفر في بداية العلاقة إلا أنه يمكن الوصول إليه وتنميته مع الوقت.
- رحابة الصدر وقبول العذر، فالحياة لا تسير على وتيرة واحدة من الفرح والسعادة والصفاء، بل إنها تتعكر بكثير من المشكلات والصعوبات والمواقف التي تتطلب صديقًا حقيقيًّا يتفهمها، فإذا لم تتوافر فيه القدرة على الصفح وكان يقف أمام كل صغيرة وكبيرة طالبًا التبرير والاعتذار المطول فإن غيابه أفضل بكثير من حضوره حتمًا.
- مواساة الآخر والوقوف في صفه في الأفراح والأتراح، على ألا يكون دوره في أي مقام تمثيلًا فحسب، وإنما يتخذ مواقف وخطوات عملية لمواساة الآخر وإنقاذه من دائرة الحزن خاصته.
- الحكمة وتقديم النصيحة الصادقة بعيدًا عن أي أغراض دنيوية دنيئة، فيكون مخلصًا قاصدًا من وراء حديثه الإرشاد وإيصال الآخر إلى بر الأمان.
- ذو صلاح وتقى، فالصديق يؤثر في صديقه ويأخذه إلى طريقه حتمًا، وبالتالي يجب أن يكون متدينًا طائعًا لله يدلّ الآخر على طرق الخير ويعينه على طريق الحق.
- حسن الاستماع والإصغاء، فقد يقع الإنسان فريسة مشكلات لا حلول لها إلا الفضفضة والحاجة إلى طرف آخر يمنحه وقته ويسمع إليه، فهذه خطوة لا يمكن إنكارها في تفريغ الطاقة السلبية والشعور بالراحة.
- الرد على التهم الباطلة والأحاديث السيئة التي يوجهها الآخرون، فنجد الصديق الحقيقي يرد غيبة أخيه عندما يخوض أي شخص في ذمته ذاكرًا عيوبه ونواقصه، وإذا كان هذا الشخص على حق فإن الصديق الحقيقي يطلب منه بأدب تغيير الموضوع حتى يحضر الشخص المغتاب ويبرّر ما قيل عنه.
- الصدق والمكاشفة في كل شيء، لأن الكذب رأس كل رذيلة.
- كظم الغيظ في المواقف الصعبة عندما تعلو وتيرة الحديث في المواقف الصعبة، فنجد الصديق الحقيقي يحفظ قدر صديقه ولا ينفث فيه غضبه وضيقه إلى أن تصفو النفوس.
- تقديم الدعم المادي في الظروف الصعبة محاولًا إخراج الآخر مما هو فيه.
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى صداقة في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "الصداقة الحقيقية"، حلوها، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "أبيات شعر عن الصداقة والأخوة"، أنا البحر، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف
- ↑ "لي صديق"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "أخلاء الرخاء هم كثير"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "10 صفات تميّز الصديق الحقيقي"، موقع الطيبة نت، 8-11-2014، اطّلع عليه بتاريخ 20-12-2019. بتصرّف.