خواص سورة يس الروحانية

خواص سورة يس الروحانية

التعريف بسورة يس

سورة يس واحدة من السُّور المكيّة التي تحتوي على ثلاث وثمانين آية جاءت بالكثير من العبارات القصيرة التي تؤثر تأثيرًا قويًّا على الروح المؤمنة، وتتناول السورة بشكل عام موضوعات عديدة؛ منها: توحيد الله وعقاب من كفروا به، ويوم القيامة،[١] بالإضافة لذكر أركان العقيدة كتوحيد الله تبارك وتعالى، والبعث، وجاء في السورة ذكرُ من آمن بهذه الأركان المهمة إيمانًا صحيحًا، وأنّه هُدي إلى صراطٍ مستقيم، وتُركِّز السورة على هذه الأركان، وتُبيِّنها بيانًا واضحًا؛ لأن الإيمان بها هو من يجعل حياة الإنسان هنيئةً طيبةً، وهي من تحقق له في الآخرة فوزًا عظيمًا،[٢] وسميّت هذه السورة (يس) بمسمّى الحرفين الواقعين أولها في رسم المصحف؛ لأنها انفردت بهما، فكانا مميّزين لها عن بقية السور، فصار منطوقهما عَلَماً عليها[٣].


خواص سورة يس الروحانية

لسورة يس الكثير من الخواص الروحانية بفضل ما جاء فيها من قِيَم عظيمة، ومن أهمها:

  • البشارة: إذ يُبشَّر الله المؤمن عند وفاته بالجنة، ويُبشَّر الكافر بالنار، إذ يظلّ المؤمن في قبره مستبشرًا فرحًا يستعجل يوم القيامة، ويبقى الكافر في قبره تحت العذاب مهانًا يخاف حلول يوم القيامة، وقد جاء في السورة: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [يس: 26][٢].
  • تصديق بعثة الرسول محمد: عليه وسلم، فقد جاء في السورة: {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ } [يس: 3]، وهنا يقسم الله عزّ وجلّ بكتابه القرآن الكريم على صدق رسالة النبيّ محمّد ، وأنه رسول حق ونبيّ صدق، ولم يفترِ شيئًا مما جاء به، وما بعثه الله تعالى إلا رحمةً للعالمين[٢].
  • التحدي بإعجاز القرآن بالحروف المقطعة: فقد وردت في بداية السورة وبعدها القسم بالقرآن الكريم تكريمًا من الله عز وجل لعظمته وشأنه، ووصفه بالحكيم يدل على أنّه قد وصل أعلى درجات الإحكام[٤].
  • بناء أسس العقيدة: إذ تناولت السورة الحديث عن الوحي، وحقيقة الرسالة في بدايتها، ونوّهت لأمريّ الألوهية والوحدانية، واستنكرت الشرك، وجاء ذلك على لسان الرجل المؤمن الذي جاء من أقصى المدينة يسعى، ويقدم حجّته في صدق المرسلين أمام القوم[٤].
  • وصف إعراض مشركي قريش عن الإسلام: وفي السورة توضيح لحالتهم البشعة، وحرمانهم من فضل هدي الإسلام، وأن الذين اتبعوا دين الإسلام هم من لديهم خشية من الله فقط، وأن الإسلام هو الدين الحق، الذي وصفه الله بالصراط المستقيم[٤].
  • ضرب المثل بالمُعرضين من أهل القرى: هم الذين تشابهوا في تكذيبُهم الرسل بتكذيب قريش، فذكرت السورة جزاء أهل القرى الذين أعرضوا عن الحق في الدنيا، وجزاء من اتبعهم في الآخرة، وضرب المثل بمن كذّبوا الأنبياء من قصص القرون الخالية فأهلكهم الله سبحانه وتعالى[٤].
  • التذكير بحادثة المكذبين للرسل: هم الذين تمسكوا بعبادة الأصنام من قوم نوح عليه السلام، وقد أرسل إليهم حتى ينذرهم ويدعوهم إلى الله، فأهلك الله من كذّب بدعوته، ونجا من آمن به واتّبعه[٤].
  • ذكر بعض الآيات الكونية التي خلقها الله في الكون: وذكر فضله على عباده بأن أنعم عليهم بتلك الظواهر الكونية التي تدلُّ على وحدانية الله، لعلهم يتنبهون من غفلتهم[٤].
  • توجيه نداء الحسرة على المكذبين: هم الذين يكذبون كل رسول، ويستهزئون به غير معتبرين بمصير من سبقهم من المكذبين، ولا متعظين بآيات الله الكثيرة في الكون[٤].
  • ذكر دلائل التوحيد: والهدف من ذلك التذكير بواجب الشكر على النعم بالتزام تقوى الله والإحسان، والابتعاد عن الشرك والاستهزاء بالرسول -عليه الصلاة والسلام-، والتحذير من حلول العذاب بغتة، وعندها يفوت أوان التوبة[٤].
  • التحذير من عداوة الشيطان: إذ حذرت السورة من عداوة الشيطان للإنسان، كما أرشدته إلى اتباع دعاة الخير[٤].
  • نفي علاقة الرسول بالِشعر: نفت السورة أن يكون ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- شعرًا، أو أن تكون له علاقة بالشعر أصلًا.[٤]
  • مواساة الرسول بألّا يحزن: إذ جاءت السورة تدعوه صلى الله عليه وسلم بألَّا يُحزنه قول الذين أشركوا، وأنهم قد أنكروا على الله قدرته على إيجادهم مرة ثانية، ولكنهم راجعون إليه، ولا مفر لهم من ذلك[٤].
  • إثبات البعث والنشور: وهذه القضية التي ركّزت عليها السورة، وتكررت في مواضع كثيرة منها، بغرض التركيزعلى البعث، وتذكير الإنسان بنشأته الأولى من نطفة، ليرى أن إحياء العظام وهي رميم أمر ليس بغريب على الله سبحانه وتعالى[٤].


مقاصد سورة يس

جاء في السورة تفصيل الأصول الثلاثة: الوحدانية، والرسالة، والحشر مع التأييد بالبراهين، فكانت بداية السورة تثبيتًا لرسالة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بقوله -سبحانه-: {إنك لمن المرسلين} [يس: 4] ، وكانت الخاتمة تأكيدًا على الوحدانية والحشر، فقوله -عز وجل-: {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء} [يس: 83] دلالة على التوحيد، وقوله تعالى: {وإليه ترجعون} [يس: 83] دلالة على الحشر، وقال ابن عاشور: "قامت السورة على تقرير أمهات أصول الدين على أبلغ وجه وأتمّه من إثبات الرسالة، والوحي، ومعجزة القرآن، وما يعتبر في صفات الأنبياء، وإثبات القَدَر، والحشر، والتوحيد، وشكر المنعم ، وهذه أصول الطاعة بالاعتقاد والعمل، ومنها تتفرع الشريعة، وإثبات الجزاء على الخير والشر، مع إدماج الأدلة من الآفاق والأنفس بتفنن عجيب، فكانت هذه السورة جديرة بأن تسمى (قلب القرآن)، لأن من تقاسيمها تتشعب شرايين القرآن كله، وإلى وتينها ينصب مجراها" (الوتين: عرق يتعلق به القلب، إذا انقطع مات صاحبه).

وقد ذكر الفيروز آبادي أن في سورة يس الكثير من المقاصد، منها : "تأكيد أمر القرآن، والرسالة، وإلزام الحجة على أهل الضلالة، وضرب المثل، وبيان البراهين المختلفة في إحياء الأرض الميتة، وإبداء الليل والنهار، وسير الكواكب، ودوران الأفلاك، وجري الجواري المنشآت في البحار، وذلة الكفار عند الموت، وحيرتهم ساعة البعث، وسعد المؤمنين المطيعين، وشغلهم في الجنة، وتميز المؤمن من الكافر يوم القيامة، وشهادة الجوارح على أهل المعاصي بمعاصيهم، والمنّة على الرسول صلى الله عليه وسلم بصيانته من الشعر ونظمه، وإقامة البرهان على البعث، ونفاذ أمر الحق، وكمال ملك ذي الجلال على كل حال"[٤].


فضل سورة يس

عرفت سورة يس بأنّها ذات فضلٍ خاص من بين سور القرآن، وورد في فضلها بعض الأحاديث في كتب السّنة؛ إلا أنّ علماء الحديث وجدوا أنّ كلّ ما ورد في فضل سورة يس أحاديث ضعيفة لا يقوى العمل بها، وضعفها شديد، ولا يُعتمد عليها في إثبات فضل السورة، ومن ذلك: "لكل شيءٍ قلب ويس قلبُ القرآن"، أو "وقلب القرآن يس"، وما رُوي أيضًا: "يس لما قُرأت له" وغير ذلك، وكلّها لا يؤخذ بها[٢]، كما أن الحديث الذي يتحدّث عن فضل قراءة السورة عند من يحضرهم الموت، هو حديث ضعيف لكن الحكمة منه أن يتعلّم الإنسان ممّا جاءت به الآيات، ويسأل ربه المغفرة، ويسأله حسن الختام، ويستفيد ممّا فيها من العظات[٥].


المراجع

  1. Islam Q&A Staff (19-1-2007), "The virtues of Soorat Ya-Seen"، islamqa, Retrieved 26-11-2019. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث أحمد الجوهري عبد الجواد (30-11-2018)، "مقاصد سورة يس"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2019. بتصرّف.
  3. فريق إسلام ويب (6-2-2016)، "مقاصد سورة (يس)"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش فريق إسلام ويب (6-2-2016)، "مقاصد سورة يس"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2019. بتصرّف.
  5. فريق موقع الإمام ابن باز (14-11-2019)، "الحكمة من قراءة سورة يس على المحتضر"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :