حكم ذهاب المرأة إلى طبيب رجل

حكم ذهاب المرأة إلى طبيب رجل

ما هو حكم ذهاب المرأة إلى طبيب رجل؟

اتفق عامة أهل العلم على جواز ذهاب المرأة وتداويها عند طبيبٍ رجلٍ إذا ما دعت الضرورة إلى ذلك ولم توجد امرأة تداويها مسلمة كانت أم غير مسلمة، كما أجاز عامة أهل العلم ذهاب المرأة إلى طبيب رجل إذا كانت لديها حاجة ما لا تصل إلى حد الضرورة كألم يمكن تحمله أو تشوه يراد علاجه ضمن شروطٍ وقيودٍ محددة، وتجدر الإشارة إلى أن الضرورة والحاجة تختلفان باختلاف طبيعة المرض وموضعه في الجسم، فكلما كان موضع المرض في الأماكن التي يباح للمرأة في الأصل الكشف عنها كالوجه والكفين فإن ذهاب المرأة للتداوي عند طبيب رجل مباح لمطلق الحاجة، في حين أنه كلما اقترب موضع المرض من مكان العورة المغلظة اشترط وجود ضرورة ملحة وحاجة مؤكدة.

ومن الجدير بالذكر أنه يشترط في النظر إلى عورة المرأة من الضرورة والحاجة ما لا يشترط في النظر إلى عورة الرجل، لأن النظر إلى عورة المرأة سبيل للفتنة، فإذا مرضت المرأة المسلمة وأرادت التداوي عليها أن تبدأ بالطبيبة المسلمة ثم الطبيبة غير المسلمة، فإن لم تجد تبدأ بالطبيب المسلم ثم الطبيب غير المسلم، وللطبيبة والطبيب غير المسلمين ترتيب معين فيجب البدء بالتداوي عند أطباء أهل الكتاب قبل أطباء المشركين، ويقول الخطيب الشربيني في كتابه مبتغى المحتاج بهذا الصدد: (واعلم أن ما تقدم من حرمة النظر والمس هو حيث لا حاجة إليهما، وأما عند الحاجة فالنظر واللمس مباحان لفصد وحجامة وعلاج ولو في فرج للحاجة الملجئة إلى ذلك، لأن في التحريم حينئذ حرجًا، فللرجل مداواة المرأة وعكسه.. ولو لم نجد لعلاج المرأة إلا كافرة ومسلمًا، فالظاهر كما قال الأذراعي: "أن الكافرة تقدم لأن نظرها ومسها أخف من الرجل")[١]، وأيًا كان دين الطبيب الرجل الذي يراد التداوي عنده من قبل المرأة المسلمة فيجب الحرص تمامًا على ستر كامل الجسم ما عدا موضع المرض[٢].


ما هي شروط ذهاب المرأة إلى طبيب رجل؟

كما سبق وذكرنا فرغم جواز ذهاب المرأة إلى طبيب رجل للتداوي، إلا أن ذلك يجب أن يكون ضمن شروط وقيود محددة لا يجوز تجاوزها والتهاون بها بأي شكل من الأشكال وتحت أي ظرف من الظروف، وفيما يلي ذكر لها بالترتيب[٢]:

  • وجود ضرورة ملحة وحاجة مؤكدة.
  • عدم وجود طبيبة امرأة تستطيع القيام مقام الطبيب الرجل سواء أكانت طبيبة مسلمة أو من أهل الكتاب أو مشركةٍ.
  • وجود محرم المرأة أثناء كشف الطبيب، فوجوده ضروريٌّ لمنع الجرأة في النظر والكلام.
  • عدم كشف الطبيب إلا على موضع العلة والمرض، مع الحرص على ستر ما عداه سترًا جيدًا.
  • أن يكون الطبيب أمينًا، مع العلم أن هذا الشرط وضعه بعض الفقهاء ولم يتفق عليه عامة أهل العلم.

لا يقتصر تطبيق هذه الشروط على المرأة عند ذهابها إلى طبيب رجل، بل أيضًا تشمل الرجل عند ذهابه إلى طبيبة امرأة، وهذا يعني أنه يجوز للرجل التداوي عند الطبيبة المرأة لكن حسب الشروط السابقة، فالأصل أن يتداوى الرجل عند طبيب رجل وأن تتداوى المرأة عند طبيبة امرأة[٣]، ويقول ابن مفلح في كتابه الآداب الشرعية بهذا الصدد: (فإن مرضت امرأة، ولم يوجد من يطببها غير رجل جاز له منها نظر ما تدعو الحاجة إلى نظره منها حتى الفرجين، وكذا الرجل مع الرجل. قال ابن حمدان: وإن لم يوجد من يطببه سوى امرأة، فلها نظر ما تدعو الحاجة إلى نظره منه حتى فرجيه)[٤].


من حياتكِ لكِ

بعد الاطلاع على حكم ذهاب المرأة إلى طبيبٍ رجل للتداوي، قد يتبادر إلى ذهنكِ البحث عن حكم توليد طبيب رجل للمرأة بما أن الكثير من النساء يفترضن أن الطبيبات الإناث لا يتمتعن بنفس القدر من الكفاءة التي يتمتع بها الأطباء الذكور، وبالنسبة لحكم ولادة المرأة على يدِ طبيبٍ رجل فهي لا تجوز إلا في حال وجود ضرورة تبيح المحظور، فالسبب الرئيسي الذي يقف خلف عدم إباحة ذهاب المرأة إلى طبيب رجل للتداوي هو منع المرأة من عرض نفسها على الرجال الأجانب دون وجود ضرورة أو حاجة ملحة، وبالمقابل منع الرجل من النظر إلى عورات النساء الأجنبيات اللواتي قد يولّدن لديه الشهوة، وعملية الولادة لا تتضمن النظر إلى العورة المغلظة فحسب ولكنها تتطلب لمسها، تلك العورة التي ينبغي التشدد في صيانتها[٥].

لذا لا يحل لكِ كامرأة التساهل في هذا الموضوع والذهاب إلى طبيب رجل للولادة دون وجود حاجة، لكن بالمقابل لا يخفى على أحد أن عملية الولادة هي عملية معقدة بحد ذاتها وكل حالة فيها تختلف عمن سواها بالسهولة والصعوبة والأمان والخطر[٦]، فعلى سبيل المثال قد لا يوجد بالقرب من مكان السكن طبيبات تخصص نسائية وتوليد، أو قد تصعب حالة الولادة فتضطر المرأة الذهاب لأقرب مشفى أو تضطر إلى إجراء عملية ولادة قيصرية، وهذا النوع من العمليات تقل فيه الطبيبات المتخصصات الكفؤات، وما يكافئ ذلك من ضرورات يصعب التغاضي عنها، لذا يجب تقدير الأمر حق قدره وعدم التهاون في أصل حرمة هذا الفعل[٥].

لكن في زماننا كثرت أعداد الطبيبات اللواتي يتمتعن بالكفاءة والخبرة التي تجعلهن يستطعن توليد المرأة بيسر وسهولة ودون تعريض حياتها للخطر الذي يمكن تجنبه بالولادة لدى طبيبٍ رجل، لذا ينبغي تشديد الحرص على الذهاب إلى طبيبة امرأة بقدر الإمكان، ولكن إذا خشي عليها من التعرض لمضاعفات أثناء أي مرحلة من مراحل عملية الولادة وهو ما قد يضر بالأم أو الجنين أو كليهما معًا فتوليد الطبيب الرجل لا بأس به لأن هذه ضرورة مؤكدة وحاجة ملحة[٧].


المراجع

  1. شمس الدين محمد بن الخطيب الشربيني (1997)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المعرفة، صفحة 180، جزء 3. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "حكم تداوي المرأة عند الطبيب"، islamweb، 2001-5-14، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-17. بتصرّف.
  3. "جواز علاج المرأة عند طبيب للضرورة"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-17. بتصرّف.
  4. شمس الدين محمد بن مفلح، الآداب الشرعية والمنح المرعية، الرياض: عالم الكتب، صفحة 442، جزء 2. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "لا يحل توليد المرأة عند الطبيب الذكر إلا عند الضرورة"، aliftaa، 2011-6-19، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-17. بتصرّف.
  6. "حكم ولادة المرأة على يد طبيب ذكر"، islamweb، 2009-11-16، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-17. بتصرّف.
  7. "حكم توليد الرجال للنساء"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 2020-6-17. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :