ما حكم صلاة الجمعة للمسافر

ما حكم صلاة الجمعة للمسافر

صلاة الجمعة

إن لصلاة الجمعة مكانةً عظيمةً في الدين الإسلامي، فقد قال الله تعالى فيها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 9-10]، وهذا إذا ما دل فإنما يدل على عِظم هذه الصلاة ومكانتها عند الله تعالى، وأن الواجب ترك العمل من بيعٍ وشراء، وما إلى ذلك من أمور الدنيا، واللجوء إلى الله بطلب الفلاح، وسداد الأمر، ففيه الخير للمسلم في جوامع أمره، فالصلاة عمود الدين، وهي الركن الثاني للإسلام، وهي نورٌ لصاحبها، وبرهانٌ له في الآخرة، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه عبد الله بن عمرو (عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أنه ذكر الصلاةَ يومًا فقال: من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يومَ القيامةِ، ومن لم يحافظْ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهانٌ ولا نجاةٌ، وكان يومَ القيامةِ مع قارونَ وفرعونَ وهامانَ وأُبيِّ بنِ خلفٍ) [المتجر الرابح| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح ][١].


كما وردت الكثير من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكّد مكانة الصلاة العظيمة التي قد لا يتسع المقام للإلمام بها جميعًا، لكن هذا في مبتغاه يدل على وجوب المحافظة عليها والاهتمام بها وأدائها كما أمر رب العزة، ومن بعده نبيّ الرحمة، كما أن حال المسلم ليس في ذاته على الدوام، فهو في صحةٍ ومرضٍ، وحلٍّ وارتحالٍ، الأمر الذي يستوجب بعض الأحكام المختلفة للصلاة حسب الظروف القائمة، بما في ذلك صلاة الجمعة للمسافر وحكمها، وهذا ما سنوضحه في هذا المقال[١].


حكم صلاة الجمعة للمسافر

مما لا شكّ فيه أن صلاة الجمعة من الصلوات المفروضة بإجماع أهل العلم من المذاهب السنّية، وذلك استنادًا للآية الكريمة المتقدم ذكرها، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في صلاة الجمعة في الحديث الذي يرويه عبد الله بن مسعود (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ لِقَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الجُمُعَةِ: لقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بالنَّاسِ، ثُمَّ أُحَرِّقَ علَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، أما عن استثناءات الوجوب فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(الجمعةُ حقٌّ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ في جماعةٍ إلا أربعةً: عبدًا أو امرأةً أو صبيًّا أو مريضًا) [البدر المنير| خلاصة حكم المحدث: صحيح][٢].


أما عن حكمها للمسافر فإن علماء الفقه الإسلامي الحقوها بالاستثناءات الواردة في الحديث السابق، وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر جمع تقديم ولم يُقم صلاة الجمعة في سفره، وكذلك فعل الخلفاء الراشدون من بعده، مما يعني أنها تسقط عن المسافر وإن كان نازلًا للراحة ما دام مسافرًا، كما أنها تسقط عنه ما دام مسافرًا حتى يرجع إلى وطنه، أو يقيم في مكانٍ معينٍ أربعة أيامٍ فأكثر، وذلك حسب المذهب الشافعي والحنبلي، أما جمهور المالكية فأوجبوها على المقيم بنيّة التأبيد، ولا تصح لهم إلّا بذلك، فلو أن قومًا نزلو في مكانٍ ما شهرًا كاملًا دون نيّة التأبيد، ومعناها الإقامة للأبد وانقطاع السفر، لم تجب عليهم إقامة الجمعة، بينما الأحناف لم يشترطوا الوجوب بالاستيطان بل شرطوها بالإقامة فقط، والمذاهب جميعها تُشير لعدم وجوب الجمعة على المسافر وإن كان السفر قصيرًا إذا ما نُويَ قبل فجر الجمعة، وإذا كان السفر بعد فجرها فمنهم من أوجب الجمعة، ومنهم من لم يوجبها، ونذكر بأن المسلم لا يجب له أن يتخذ من اختلاف العلماء فرقةً بل هي سعةٌ ورحمةٌ، فأيما اتبع المسلم فهو على صواب[٢].


فضل الجمعة

لقد فضل الله تعالى يوم الجمعة على سائر الأيام بالكثير من الفضائل والميّزات، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر العديد من الأحاديث التي تبين فضل الجمعة، وفيما يأتي بعضها[٣]:

  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَومَ القِيامَةِ، أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِنا وأُوتِيناهُ مِن بَعْدِهِمْ، فَهذا اليَوْمُ الذي اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدانا اللَّهُ فَغَدًا لِلْيَهُودِ، وبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصارَى فَسَكَتَ. ثُمَّ قالَ: حَقٌّ علَى كُلِّ مُسْلِمٍ أنْ يَغْتَسِلَ في كُلِّ سَبْعَةِ أيَّامٍ يَوْمًا يَغْسِلُ فيه رَأْسَهُ وجَسَدَهُ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فيه خُلِقَ آدَمُ، وفيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وفيهِ أُخْرِجَ مِنْها، ولا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا يَومِ الجُمُعَةِ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الصَّلَاةُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُنَّ، ما لَمْ تُغْشَ الكَبَائِرُ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ، كانَ علَى كُلِّ بابٍ مِن أبْوابِ المَسْجِدِ مَلائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الأوَّلَ فالأوَّلَ، فإذا جَلَسَ الإمامُ طَوَوُا الصُّحُفَ، وجاؤُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ، ومَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثَلِ الذي يُهْدِي البَدَنَةَ، ثُمَّ كالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كالَّذِي يُهْدِي الكَبْشَ، ثُمَّ كالَّذِي يُهْدِي الدَّجاجَةَ، ثُمَّ كالَّذِي يُهْدِي البَيْضَةَ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ من أفضَلِ أيَّامِكم يومُ الجمُعةِ، فيه خُلِقَ آدَمُ، وفيه قُبِضَ، وفيه النفْخةُ، وفيه الصعْقةُ، فأكْثِروا عليَّ منَ الصلاةِ فيه، فإنَّ صَلاتَكم مَعْروضةٌ عليَّ، قالوا: وكيف تُعرَضُ صَلاتُنا عليكَ، وقد أرَمْتَ، أيْ: بَليتَ، فقال: إنَّ اللهَ جلَّ وعَلا حرَّمَ على الأرضِ أنْ تأكُلَ أجْسامَنا) [تخريج زاد المعاد| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح].
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن غسَّلَ يومَ الجمعةِ واغتسلَ، وبَكَّرَ وابتَكَرَ، ومشَى ولم يركَب، ودَنا منَ الإمامِ، فاستَمعَ ولم يلغُ، كانَ لَهُ بِكُلِّ خُطوةٍ عملُ سنَةٍ، أجرُ صيامِها وقيامِها) [الترغيب والترهيب| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما].
  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَرَ يَومَ الجُمُعَةِ، فَقالَ: فيه سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شيئًا، إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ وأَشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].


المراجع

  1. ^ أ ب "مكانة الجمعة في الإسلام"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 12-12-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "صلاة الجُمعة على المُسافِر"، islamonline، اطّلع عليه بتاريخ 12-12-2019. بتصرّف.
  3. "فضل يوم الجمعة"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 12-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :