سبب نزول سورة الممتحنة باختصار

سبب نزول سورة الممتحنة باختصار

سبب نزول سورة الممتحنة باختصار

يعود سبب نزول سورة الممتحنة التي تبدأ بالآية الكريمة: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء}[١] إلى محاولة الخيانة التي تعرَّض لها المسلمون قبل فتح مكة من قِبل حاطب بن أبي بلتعة، بمساعدة سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي.

وتتلخَّص القصة بأنَّ سارة جاءت إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم تريد الاستنجاد به وبالمسلمين بعد هجرتهم من مكة إلى المدينة المنورة، وفي الفترة التي كان يُعِدُّ الرسول صلى الله عليه وسلم جيوش المسلمين لفتح مكة، دخلت عليه فقال لها: "أمسلمة جئتِ؟"، قالت : "لا"، فقال لها: " فما جاء بك ؟ "، قالت: "أنتم كنتم الأهل والعشيرة والموالي، وقد احتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني، فقال لها عليه الصلاة والسلام: " فأين أنت من شباب أهل مكة "، فأجابت :"ما طلب مني شيء بعد وقعة بدر، فأمر النبي بني عبد المطلب في مكة بإعطائها ما يسد حاجتها، وفعلًا أخذت كل حاجتها.


في ذلك الوقت جاءها حاطب بن أبي بلتعة، وطلب منها أن ترسل كتاب إلى أهل مكة، مقابل عشرة دنانير، وقد كتب في الكتاب تحذير لأهل مكة ممَّا يخطط له النبي الكريم، وقد قال فيه: "إن رسول الله يريدكم فخذوا حذركم"، وأخذت سارة الكتاب وعادت إلىمكة، وفي تلك الأثناء نزل الوحي جبريل على الرسول وأخبره بهذا، فأرسل الرسول كلًا من علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، والزبير وطلحة والمقداد بن الأسود ليتعقبوا سارة مولاة أبي عمرو، ويأخذوا منها الكتاب، وفي حال مانعت أمرهم بقتلها.

وصل الصحابة رضوان الله عليهم إلى سارة، وطلبوا منها الكتاب، فأنكرت الأمر، وقاموا بتفتيشها ولم يجدوا معها شيء، وقرروا العودة إلى الرسول، ولكن قال علي رضي الله عنه: "والله ما كذبنا، ولا كذبنا"، وأخرج سيفه وهددها بقطع عنقها، فأخرجت الكتاب من شعرها، فأخذوه منها وخلُّوا سبيلها كما أمرهم الرسول.


أخذ الصحابة الكتاب إلى النبي وعرضه على حاطب، وسأله عن الكتاب فأجاب:" والله ما كفرت منذ أسلمت، ولا غششتك منذ نصحتك، ولا أحببتهم منذ فارقتهم، ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلا وله بمكة من يمنع عشيرته، وكنت غريبا فيهم وكان أهلي بين ظهرانيهم، فخشيت على أهلي فأردت أن أتخذ عندهم يدا وقد علمت أنَّ الله ينزل بهم بأسه، وأنَّ كتابي لا يغني عنهم شيئا".


صدَّق النبي الكريم حاطب، وعفا عنه، وعندها نزلت الآية الكريمة {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء}[٢]، فغضب عمر بن الخطاب، وعرض على الرسول أن يقتل حاطب، فقال له نبي الله: (وما يُدْرِيكَ ؟ لعل اللهَ قد اطَّلع على أهلِ بدرٍ فقال : اعمَلوا ما شئتم ، فقد غفرتُ لكم)[٣][٤][٥]


ما هو ترتيب نزول سورة الممتحنة؟

سورة الممتحنة من السور المدنيَّة التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة، وهي السورة الستين في ترتيب سور القرآن الكريم، في الجزء التاسع والعشرين، وعدد آياتها ثلاثة عشر آية [٦].


سبب تسمية سورة الممتحنة بهذا الاسم

الممتحنة بكسر الحاء، ووجه التسمية أنَّها جاءت كامتحان للنِّساء اللواتي أتوا إلى الرسول مهاجرات من مكة، ويظهر هذا في الآية العاشرة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[٧].


ويقول ابن حجر أنَّ السورة سُمِّيت بهذا الاسم، وتُقرأ بفتح الحاء (الممتحَنة)، لتدل على أول امرأة امتُحنت في الإسلام بوفائها بالعهد، وهي زوجة عبد الرحمن بن عوف[٨].


مقاصد سورة الممتحنة

توجد العديد من المقاصد والدروس المستفادة من سورة الممتحنة، ومن أبرزها نذكر ما يلي[٩]:

  • الإنسان المؤمن لا يمكنه أن يخطو أي خطوة في حياته خارج منهج الله عز وجل لأنَّه ربَّاني، فالله سبحانه وتعالى أراد للمؤمنين أن يكونوا ربَّانيين في الدرجة الأولى، وربَّانيين تعني أن لا يخطوا أي خطوة أو يتوجهوا نحو أي فعل إلا وفق ما يمليه عليهم دينهم ومعتقدهم وإيمانهم بالله عز وجل.
  • المؤمن يجب أن يكون إنسانًا، ويبني إنسانيتَّه وفق مبدأ الإيمان، والمقصود بالإنسانية هنا هو التعامل مع الناس بأنَّهم متساويين في كل شيء، أبيضهم وأسمرهم، عربيُّهم وأعجميهم، فكلهم عند الله عزو جل سواسية، وجاءت هذه الآيات لتلغي العصبيَّة للعشيرة والأهل والعرق أو المكان أو اللون.
  • العلم والعمل هما يرفعان الإنسان المسلم، ويزيدا من قدره ورفعته في الدنيا، ويرفعا منزلته عند الله عز وجل.
  • الإنسان المؤمن يبذل علمه وطاقته لخدمة دينه وبلاده، ولا يهدرها لخدمة الأعداء والمغرضين كما يفعل الكثير من أبناء المسلمين، إذ يهاجرون بكل ما لديهم من علم وذكاء ومعرفة لخدمة الغرب تاركين واجبهم تجاه الإسلام والمسلمين.
  • التركيز على تقوية العلاقات التي تقوم على الولاء والوفاء والمحبة مع المسلمين، والتقليل من هذا في العلاقة مع غير المسلمين، لأن الله سيسأل المؤمن عن صداقاته وعلاقاته.
  • الإنسان المؤمن يجب أن يكون غيور على دينه، بحيث لا يُظهر إلى الجانب المشرق والخيِّر منه، وفي حال كان هناك أي أمور سيئة في إخوته وأبناء دينه، يجب أن يعهد إلى إصلاحها معهم، وأن يسترها ولا يخبر بها العدو، وعليه أن يحرص أن لا يكون عدوه إلا عدو الدين، وأن لا يعادي من لا يعادي دينه.
  1. سورة الممتحنة، آية:1
  2. سورة الممتحنة، آية:1
  3. رواه الألباني، في الألباني، عن علي بن أبي طالب وأبو هريرة وابن عباس وجابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:7126، صحيح.
  4. "سورة الممتحنة، أسباب النزول "، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 20/4/2021. بتصرّف.
  5. "سبب نزول سورة الممتحنة"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 22/4/2021. بتصرّف.
  6. "سورة الممتحنة"، كل القرآن، اطّلع عليه بتاريخ 20/4/2021. بتصرّف.
  7. سورة الممتحنة، آية:10
  8. " التحرير والتنوير، سورة الممتحنة"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 20/4/2021. بتصرّف.
  9. "سورة الممتحنة"، موسوعة النابلسي، اطّلع عليه بتاريخ 20/4/2021. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :