ما فائدة تشجيع النبي للصغار على العمل الحسن

ما فائدة تشجيع النبي للصغار على العمل الحسن

محمد عليه الصلاة والسلام

لقد أراد الله تعالى بمشيئته العظيمة، وفضله الكبير، أن يكون سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين، لذا فقد أعطاه ما لم يعطِ أحدًا من خلقة، وفضّله على سائر البشر، من أنبياء وصالحين، ليكون بذلك القدوة الأولى للناس، والمعلم الأمثل في شتى نواحي حياتهم الدنيوية، إذ يقول في ذلك تبارك وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:21]، لذا فالمتمحّص في سيرته العطرة، يجده أعظم الناس خلقًا، وأكرمهم علمًا، وأحسنهم عشرةً، وأشجعهم بأسًا، وأفصحهم بيانًا وقولًا، أما عن معاملته عليه السلام مع الأطفال، والناشئين، وحثّهم على الصالح من العمل، فقد كان أفضل الناس تربيةً، وذلك لعلمه عليه السلام بما يتحقق بذلك من فوائد عظيمة، وخيرات عديدة، ولعلنا في هذا المقال نسلّط الضوء على عدة جوانب هامة في هذا الأمر.[١]


فائدة تشجيع النبي للصغار على العمل الحسن

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعطي أهميةً كبيرة لتشجيع الصغار على العمل الحسن، وذلك لعلمه عليه الصلاة والسلام بثمار ذلك وفضله، إذ إن هذا التشجيع يوقظ في نفس الطفل التحفيز والتمكين، ويكشف الإمكانيات الكامنة لديهم، من ذكاء وفطنة، فعندما رأى صلى الله عليه وسلم الذكاء المتوقد، والحفظ المتقن لآيات القرآن الكريم عند الصحابي الجليل زيد بن ثابت، شجّعه على تعلّم بعض اللغات الأجنبية، مما جعله عالمًا في الترجمة، والفرائض، والقراءات، وكتابة الوحي، علاوةً على ذلك فقد كان عليه الصلاة والسلام يُثني على المتفوقين من الأطفال، مما يحثّهم على الإنجاز اليومي، كما أطلق الألقاب الفضيلة على أصحابه المتفوقين، مثل ما أطلق على أبي عبيدة أمين الأمة، والكثير من المواقف النبوية الشريفة المُشجعة للصغار، إذ إن الثناء عليهم وتشجيعهم، من أهم العوامل التي تؤدي بهم للمزيد من العطاء، والإثارة، كما أن ذلك يدفع الصغار إلى تصويب أخطائهم، والتركيز على التفوّق والتقدم، وغير ذلك من النفع الذي كان يكتسبه الأطفال من تشجيع الرسول عليه الصلاة والسلام لهم.[٢]


مواقف من تعامل الرسول مع الصغار

توجد الكثير من المواقف النبوية الشريفة التي تُظهر رحمته، وتشجيعه عليه الصلاة والسلام للصغار، وفيما يأتي بعض تلك المواقف:[٣][٤]

  • موقفه عليه السلام مع ولده إبراهيم: عن ثابت بن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (دَخَلْنَا مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى أَبِي سَيْفٍ القَيْنِ، وكانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ عليه السَّلَامُ، فأخَذَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ، وشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عليه بَعْدَ ذلكَ وإبْرَاهِيمُ يَجُودُ بنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَذْرِفَانِ، فَقالَ له عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: وأَنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَقالَ: يا ابْنَ عَوْفٍ إنَّهَا رَحْمَةٌ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بأُخْرَى، فَقالَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ) [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • مع حفيديه الحسن والحسين: عن عبد الله بن شداد قال: (خرَجَ علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في إحْدى صَلاتَيِ العَشيِّ وهو حاملٌ الحسَنَ أو الحُسينَ، فتَقدَّمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فوضَعَه ثم كبَّرَ للصلاةِ، فصلَّى، فسجَدَ بينَ ظَهْرانَيْ صلاتِه سَجْدةً أطالَها، فقال: إنِّي رفَعْتُ رَأْسي، فإذا الصبيُّ على ظَهرِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو ساجدٌ، فرجَعْتُ في سُجودي، فلمَّا قَضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الصلاةَ، قال الناسُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّكَ سَجَدْتَ بينَ ظَهْرانَيْ صَلاتِكَ هذه سَجدةً قد أطَلْتَها، فظَنَنَّا أنَّه قد حدَثَ أمرٌ، أنَّه يوحى إليكَ، قال: فكلُّ ذلك لم يكُنْ، ولكنَّ ابْني ارْتَحَلَني، فكَرِهْتُ أنْ أُعجِلَه حتى يَقْضيَ حاجَتَه) [المصدر: تخريج زاد المعاد| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح].
  • موقفه مع ابن أبي موسى الأشعري: عن أبي موسى رضي الله عنه قال: (وُلِدَ لي غُلَامٌ، فأتَيْتُ به النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَمَّاهُ إبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بتَمْرَةٍ، ودَعَا له بالبَرَكَةِ، ودَفَعَهُ إلَيَّ، وكانَ أكْبَرَ ولَدِ أبِي مُوسَى) [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • مع أبي عمير: عن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَدخُلُ علينا، وكان لي أخٌ صغيرٌ، وكان له نُغَرٌ يَلعَبُ به، فمات، فدخَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يَومٍ فرآه حزينًا، فقال: ما شأنُ أبي عُمَيرٍ حزينًا؟ فقالوا: مات نُغَرُه الذي كان يَلعَبُ به يا رسولَ اللهِ، فقال: يا أبا عُمَيْر، ما فَعَلَ النُّغَيْر؟ أبا عُمَيْر، ما فَعَلَ النُّغَيْر؟) [المصدر: تخريج المسند| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم].
  • تقديم النبي صلى الله عليه وسلم للطفل في حقه: عن سهل بن سعد رضي الله عنه: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أُتِيَ بشَرَابٍ فَشَرِبَ منه، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَشْيَاخٌ، فَقالَ لِلْغُلَامِ: أَتَأْذَنُ لي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ؟ فَقالَ الغُلَامُ: لا وَاللَّهِ، لا أُوثِرُ بنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا. قالَ: فَتَلَّهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في يَدِهِ. وفي رواية: بمِثْلِهِ، وَلَمْ يَقُولَا فَتَلَّهُ. وَلَكِنْ في رِوَايَةِ يَعْقُوبَ، قالَ: فأعْطَاهُ إيَّاهُ) [المصدر: صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • موقفه صلى الله عليه وسلم مع الغلام اليهودي: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَمَرِضَ، فأتَاهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقالَ له: أسْلِمْ، فَنَظَرَ إلى أبِيهِ وهو عِنْدَهُ فَقالَ له: أطِعْ أبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأسْلَمَ، فَخَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يقولُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ) [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • مع حفيدته أُمَامَة بنت أبي العاص: (كان رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي وهو حَامِلٌ أُمَامَةَ بنْتَ زَيْنَبَ بنْتِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولِأَبِي العَاصِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ عبدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وضَعَهَا، وإذَا قَامَ حَمَلَهَا) [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • موقفه مع عبد الله بن عباس: يقول رضي الله عنه: (أنه ركِبَ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومًا فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: يا غلامُ إني مُعَلِّمُكَ كلماتٍ احفظِ اللهَ يَحفظْكَ احفظِ اللهَ تجدْهُ تُجاهَكَ وإذا سألتَ فلتسألِ اللهَ وإذا استعنتَ فاستعنْ باللهِ واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبهُ اللهُ لك ولو اجتمعوا على أن يَضروك لم يَضروك إلا بشيٍء قد كتبهُ اللهُ عليك رُفعتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ) [المصدر: مسند أحمد| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح].
  • موقفه مع عمر بن أبى سلمى: يقول رضي الله عنه: (كُنْتُ غُلَامًا في حَجْرِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقالَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ، وكُلْ ممَّا يَلِيكَ فَما زَالَتْ تِلكَ طِعْمَتي بَعْدُ) [المصدر: صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • موقفه مع رافع بن عمرو الغفاري: يقول رضي الله عنه: (كنتُ، وأنا غلامٌ، أرمي نخلَنا -أو قال نخلَ الأنصارِ- فأُتِيَ بيَ النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: يا غُلامُ لمَ ترمي النَّخلَ؟ قالَ: قلتُ: آكُلُ. قالَ: لا تَرمي النَّخلَ. وَكُل ما يسقُطُ في أسفلِها. ثمَّ مسحَ رأسي، وقالَ: اللَّهمَّ أشبِع بطنَهُ) [المصدر: الإمتاع| خلاصة حكم المحدث: حسن]


تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع المرأة

جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالة التوحيد، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن بين ذلك ما أوصى به عليه الصلاة والسلام للمرأة من حقوق ومكانة عظيمة، لتصبح بذلك شقيقة الرجل ولها ما له، ولما وجدت النساء في الدين الإسلامي من منعةٍ بالحق وكرامة وشرف، كانت أول من آمنت به امرأة، وأول من استشهد دفاعًا عن الدين امرأة، فضلًا عن الكثير من الأدوار العظيمة للنساء في الدعوة الإسلامية منذ فجرها، أما في وصايا الحبيب المصطفى بالنساء، فقد أوصى بها أمًّا وأختًا وزوجةً، ولذلك من الواجب أن يتأسى المسلم بنبينا عليه الصلاة والسلام في تعامله مع المرأة، واحترامه لمكانتها العظيمة، واتباع ما سنّ، وما أوجب، وما فرض عليه الصلاة والسلام في معاملة المرأة.[٥]


المراجع

  1. "مواقف نبوية مع الأطفال"، islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.
  2. "المنهج النبوي في تشجيع الأطفال والشباب"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.
  3. "مواقف نبوية مع الأطفال"، islamway، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.
  4. "حوار النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الصغار"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.
  5. "منهج تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع المرأة"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 30-11-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :

598 مشاهدة