المكونات الأساسية للجملة

بناء الجملة باللغة العربية

تكمن أهمية دراسة النحو في اللغة العربية في فهم الجملة تحليل بنائها تحليلًا لغويًّا يكشف عن أجزائها، ويوضح عناصر تركيبها وترابط هذه العناصر مع بعضها، لتؤدّي معنًى مفيدًا، إذ يكمن بناء الجملة باللغة العربية في تحديد وظيفة كلّ عنصر من عناصرها والعلامة اللّغوية الخاصة لكل وظيفة منها، والنموذج التركيبي الذي ينتمي إليه كل نوع من أنواع الجملة^[١].

وقد وردت في علم النحو كلمتان في هذا السياق هما الكلام والجملة، فالبعض من مختصي اللغة العربية اختلفوا في تفسيرهم لكليهما والبعض الآخر سوّى بينهما من أمثال عبد القاهر الجرجاني إذ قال: "أعلم أن الواحد من الاسم والحرف والفعل يسمى كلمة، فإذا ائتلف منهما اثنان فأفادا، نحو (خرج زيد) سُمي كلامًا، وسمي جملة"، وكذلك الزمخشري الذي يقول: (إن الكلام هو المركب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى وذلك لا يأتي إلا في اسمين أو اسم وفعل وهذا يسمى جملة)، ثم ظهر تفريق حاسم بين كلا الكلمتين، فظهر مفهوم الإسناد وهو التفريق الذي يجعل من الجملة أعم من الكلام، وذلك لأن الإسناد الذي يوجد في الجملة قد يكون أصليًّا في تركيبه مقصودًا لذاته، أو أصليًّا في تركيب غير مقصود لذاته، أما الإسناد في الكلام فلا بد أن يكون أصليًّا في تركيب مقصود لذاته فحسب^[٢].

ومن وجهة نظر العالم في اللغة العربية سيبويه، إن بنية الجملة العربية تقوم على وظيفتين، وهما المسند والمسند إليه، ويسميان الدعامة الأصلية للجملة في العربية لأنهما من نظر النحاة اللوازم في الجملة، والتي لا تخلو منها، وما عداها فضلة يستقيم الكلام دونها، فالمسند هو ما يسمى المحكوم به أو المخبر به، والمسند قد تكون له متعلقات إذا كان فعلًا أو ما يؤدي معناه من المصدر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفصيل والظرف، ويتمثل المسند بالفعل واسم الفعل وخبر المبتدأ والمبتدأ المكتفي بمرفوعه وما أصله خبر المبتدأ ويشمل خبر كان وأخواتها، وخبر إن وأخواتها، والمفعول الثاني للأفعال التي تنصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر، والمفعول الثالث للأفعال التي تنصب ثلاثة مفاعيل، وكذلك المصدر النائب عن فعل الأمر، أما المسند إليه فهو ما يسمى المحكوم عليه أو المخبر عنه والنسبة التي بين المسند والمسند إليه تسمى الإسناد، ويتمثل المسند إليه بفاعل الفعل التام ونائب الفاعل والمبتدأ الذي له خبر ومرفوع والمبتدأ المكتفي به وما أصله مبتدأ)^[٣].

ما هي المكونات الأساسية للجملة باللغة العربية

تتنوع مكونات الجملة في اللغة العربية كثيرًا، إلا أن الأساسية منها ما يندرج تحت مفهومي الجملة الاسمية والفعلية، ونقدم لكِ تفصيلًا لكل منهما:

أركان الجملة الاسمية

تتكون الجملة الاسمية في اللغة العربية من مبتدأ وخبر، ولكل منهما ضوابط لغوية ونحوية متعددة، نبدأها بما يأتي^[٤][٥]:

• الصيغة التي يظهر عليها المبتدأ، فالمبتدأ والذي لا يكون إلا بالصيغة الاسمية، أي اسمًا أو مركبًا اسميًّا كالمصدر المؤول، ويكون تعيينه على أحد المعارف كالضمير والعلم واسم الإشارة والاسم الموصول والمعرف بأل، أو أن يكون نكرة مخصصة، والغرض من هذا التعيين لتحصل الفائدة في الإخبار، لأن الإخبار حكم ولا يحكم على مجهول.
• الصيغة التي يظهر عليها الخبر، يظهر الخبر بأشكال عدة خلافًا للمبتدأ، وقد يكون كما يأتي:
  • مفردًا مثل الطالبُ مجتهدٌ.
  • جملةً بشكلين، جملة اسمية نحو: الطالبُ ملابسه جديدة، وجملة فعلية نحو: الطالب يكتب واجبه.
  • شبه جملة، وهي نوعان، الجار والمجرور على نحو: الأمُّ في المنزل، أما الظرف فتكون مثل: الكتابُ فوق الطاولة.
• الحالة الإعرابية، فتكون الحالة الإعرابية في المبتدأ هي الرفع، وقد يكون مبنيًا في محل رفع أو مما تقدر فيه العلامة الإعرابية، وكذلك الحالة الإعرابية للخبر، فهي الرفع أو مما قُدرت له أو في محل رفع.
• المطابقة بين المبتدأ والخبر، وتكون المطابقة في حال أن الخبر مفرد، فتكون المطابقة في التذكير والتأنيث، وكذلك في الإفراد والتثنية والجمع، فنقول: محمد ناجح والمحمدان ناجحان والمحمدون ناجحون.
• التقديم والتأخير للمبتدأ والخبر، إذ إن الجملة الاسمية تظهر على نمطين، أحدهما يتقدم به المبتدأ والآخر يتقدم به الخبر، ولا يتقدم الخبر على المبتدأ إلا في مواضع محددة، وهي:
  • الخبر محصور والمبتدأ محصور فيه، مثل الآية القرآنية: (مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ) [المائدة: 99]، ويظهر أن الجملة تكون صحيحة إذا تقدم المبتدأ في غير القرآن، ولكن في القرآن لا يكون صحيحًا، وذلك للخلط بين المحصور والمحصور فيه.
  • إذا كان الخبر متضمنًا معنى الاستفهام، مثل، أين محمد؟ وكيف عمرو، وكذلك ما يضاف إلى الاستفهام مثل، صبح أي يوم السفر؟.
  • إذا كان المبتدأ نكرة والخبر ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا، بشرط أن يكون الظرف مضافًا لمعرفة وأن يكون المجرور بحرف الجر معرفة، مثل: عندك مال، وفيك شجاعة.
  • إذا كان في المبتدأ ضمير يعود على شيء في الخبر، مثل قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من حُسنِ إسلامِ المرءِ تركُه ما لا يَعْنيه" [المصدر: مجمع الزوائد | خلاصة حكم المحدث: رجاله ثقات].
• ربط الجملة الخبرية بالمبتدأ، وتظهر كالآتي:
  • الضمير، نحو: الولدُ كتب درسه، وقد يكون الضمير مُقدَّرًا.
  • الإشارة إلى المبتدأ، كما في قوله تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26]، فلباسُ: مبتدأ أول، وذلك: مبتدأ ثانٍ، وخير: خبر للمبتدأ الثاني، وجملة (ذلك خير) خبر للمبتدأ الأول (لباس) واسم الإشارة (ذلك) يعود إلى المبتدأ الأول (لباس).
  • تكرار المبتدأ بلفظه بقصد التفخيم، أو التحقير، والتكرار يكون بإعادة المبتدأ بلفظه ومعناه معًا، كما في قوله تعالى: {الحاقة * ما الحاقة} فجملة {ما الحاقة} خبر للحاقة، وهذا مقام التفخيم، وقد يكون للتحقير، كقولك: زيدٌ ما زيدٌ؛ والمقصود تحقير شأنه.
  • عموم يشمل المبتدأ، نحو: عمادٌ نِعْمَ الرَّجلُ، فالخبر (نعم الرجل) عموم يشمل المبتدأ (عماد).

أركان الجملة الفعلية

تظهر الجملة الفعلية على حالها وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالفعل، فقد تكون جملة مبنية للمعلوم أو جملة مبنية للمجهول، والتالي توضيح لهما:

• الفعل، يظهر الفعل في العربية بشكل ثلاثة تقسيمات، بحسب المعنى الذي يؤدي إليه، فالفعل الماضي، يطلق على ما يسبق زمن التكلم قريبًا كان أو بعيدًا، محقق الوقوع أو غير محقق، مثل: درسَ الولدُ، أما الفعل المضارع فيشتمل على معنى يبدأ بالماضي القريب وينتهي إلى المستقبل البعيد، مثل: يدرسُ الولدُ، وآخرها فعل الأمر، والذي يعد صيغة إنشاء طلبي، يُقصد به طلب القيام بالفعل ويكون خاليًا من معنى الزمن، لأنه ليس بخبر ولكن يكون معنى الزمن بالخبر، مثل: ادرس الدرس^[٦].
• الفاعل، وهو لفظ يدلّ على من قام بالفعل، ويُعد اسمًا مرفوعًا بالضمة الظاهرة ويتقدمّه فعل، ويكون إما اسمًا ظاهرًا صريحًا، مثل: انتصر القويُّ، وإما ضميرًا متصلًا كالتاء، واو الجماعة، ألف الاثنين، مثل: نجحتُ في الامتحان، أو اسم إشارة، مثل: جاءت هذه من قبل، أو ضميرًا مستترًا، مثل: (معلمتك جاءت)^[٧].
• المفعول به، وهو اسم يدلّ على من وقع عليه فعل الفاعل، مثل: أكرمتُ محمدًا، وقد لا يكون الفعل واقعًا على المفعول به بوضوح، مثل: لا تضرب الولدَ، ويُعد المفعول به فضلة في الجملة، إذ يأتي بعد الركنيين الأساسيين في الجملة وهما الفعل والفاعل، وقد تحتاج بعدها معانيَ إضافية فيوضع المفعول به، وحكمه النصب ظاهرًا أو تقديرًا أو محلًّا^[٨].

ما هي شروط كتابة الجمل الصحيحة؟

ولأن اللغة العربية من أرقى لغات العالم وأكثرها دقة وجمالًا، عليكِ بناء وكتابة جملها بطريقة سليمة، لتنطلقي بعدها إلى فقرة صحيحة وخالية من أي مشكلة لغوية أو نحوية، ولذلك إليكِ النصائح التالية والتي تضمن لكِ كتابة سليمة لجمل العربية^[٩]:

• أن تكوني ملتزمة بقواعد النحو، كي ترقى الجملة إلى هدفها السامي فالجملة هي طريقة ربط العلاقة بين الكاتب والقارئ، وعليكِ أيضًا اتباع قواعد النحو على اختلافها لأن الخطأ فيها يسبب سوء فهم للمعنى وشذوذًا لغويًّا واختلالًا في الفكرة.
• أن تكون جملتكِ موجزة، أي أن لا تشتمل الجملة على ألفاظ لا تخدم الفكرة، فالجمل الطويلة التي لا معنى لكلماتها تشتت ذهن القارئ وتُفقد الجملة المعنى الذي تغزو إليه.
• أن تكون جملتكِ واضحة، إذ لا بد من بذل قُصارى جهدكِ في صياغة الجملة صياغة واضحة لتصل فكرتكِ بكل بساطة إلى القارئ، فمن الأسباب التي قد تأخذ الجملة إلى منحنًى غير واضح، طول الجملة الزائد، وإساءة استخدام أدوات الربط، والخطأ في وضع علامات الترقيم.

كيف تعلمين طفلكِ اللغة العربية؟

أنتِ تسعين دائمًا ليكون أبناؤك الأفضل في كلّ شيء، والأكثر تميّزًا بين أقرانهم، وخصوصًا فيما يتعلّق بنطقهم السليم للأحرف والكلمات لحبكِ الشديد لتعلمهم اللغة العربية منذ صغرهم، ولأننا نسعى لسعادتكِ وتقدُّمهم، إليكِ النصائح الآتية ليكون طفلكِ متعلمًا رائعًا في العربية^[١٠]:

• شجعيه على الاستماع للموسيقى العربية، فعند استماعكِ وعائلتكِ كل صباح لبعض الموسيقى العربية وكلماتها، يتشجّع طفلكِ على تكرار ما سمعه طوال اليوم، وهذا بدوره يحسن نطقه ويبني مخزون الكلمات لديه.
• شجعيه على قراءة الكتب العربية قبل النوم، وحاولي أن تربطي اختياره للكتب بشيء تعلَّمه في يومه، وذلك لإثارة الطفل وجذبه للقراءة، فإذا كان طفلكِ يتعلّم الألوان مثلًا في ذلك اليوم، فاجلبي له قصصًا تتعلق بذلك واجعليه يبني أفكارًا مميزة ومترابطة، ليُحب اللغة أكثر ويتطلع في اليوم التالي للمزيد.
• العبي مع طفلكِ الألعاب باللغة العربية، فإذا كان يوم إجازتكِ الجمعة مليئًا بالالتزامات، اجعلي طفلكِ أكثرها أولوية واخلقي جوًّا عائليًّا من اللعب، واختاري الألعاب العربية التي تسمح للطفل بسماع ألفاظ متعددة وبناء تراكيب جمل صحيحة من الألفاظ ليفوز باللعبة.
• كوني إيجابية عند تعليم طفلكِ، فمثلًا إذا كنتِ تدرسينه درس اللغة العربية (الأحرف)، امدحي طريقة كتابته للأحرف وانطقيها معه، كما يمكنكِ أن تقولي له: إن خطه جميل عند نسخه الدرس، فهذا بدوره يحفز الطفل ليتطور في المرات القادمة.

المراجع

1. ↑ الدكتور محمد حماسة عبد اللطيف (2003)، بناء الجملة العربية (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الغريب للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 19-20.
2. ↑ الدكتور محمد حماسة عبد اللطيف (2003)، بناء الجملة العربية (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الغريب للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 21-27. بتصرّف.
3. ↑ عبد العزيز عتيق (2009)، علم المعاني (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان: دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 119-121. بتصرّف.
4. ↑ الدكتور محمد حماسة عبد اللطيف (2003)، بناء الجملة العربية (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الغريب للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 98-111. بتصرّف.
5. ↑ حسن عبيد محيسن المعموري (27-2-2012)، "تعريفُ الخبرِ و أقسامه"، uobabylon، اطّلع عليه بتاريخ 5-6-2020. بتصرّف.
6. ↑ أحمد عبد الستار الجواري (2009)، نحو الفعل (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان: المؤسسة العربية للدراسات والنشر الرمكزي، صفحة 30. بتصرّف.
7. ↑ د. فهمي قطب الدين النجار (12-10-2014)، "الفاعل: تعريفه – إعرابه – حالاته - نماذج لإعرابه"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 7-6-2020. بتصرّف.
8. ↑ محمد محمود عوض الله، اللمع البهية في قواعد اللغة العربية (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 336. بتصرّف.
9. ↑ حنظلة أمجد، "3 أمور تساعدك على كتابة جملة عربية صحيحة"، madarisweb، اطّلع عليه بتاريخ 5-6-2020. بتصرّف.
10. ↑ "6 Tips for Teaching Arabic to Your Kids", arabamerica,20-9-2017، Retrieved 5-6-2020. Edited.