محتويات
الصلاة
أول شيءٍ يُحاسب علية الإنسان في اليوم الآخر هو الصلاة، فهي عمود الدين، وبصلاحها يكون فلاح العبد في الآخرة، وبفسادها يكون في الآخرة من الخاسرين الخائبين، وجعل الله تعالى للصلاة المرتبة العالية في الإسلام، ولا يُعفى منها المسلم إلا إن فقد عقله الذي يعد أساس التكليف في الشريعة الإسلامية، وينبغي أن يكون للصلاة أثر واضحٌ في حياته اليومية،؛ إذ جُعلت الصلاة فرضًا على المسلم في أوقاتٍ محددة ومعروفة يجب الالتزام بها وبترتيبها، فهي بعيدة عن العشوائيَّة، ويجب على المسلم أن يجعل نظام حياته منسجمًا مع هذا الترتيب، وللصلاة دورٌ واضح في تدريب المُسلم على الالتزام بالوقت، إذ إنها تُنمي العزة في المسلم وتجعله لا يخشى إلا الله ولا ينحني لغيره، وللصلاة دورٌ كبير في تنمية التواصل الاجتماعي بين المسلمين من خلال الالتقاء في صلاة الجماعة والوقوف جنبًا إلى جنب متراصين متحابين يجمعهم هدف واحد[١].
قضاء الركعة الفائتة
إذا دخل المُصَلي والإمام راكع فعليه أن يلحق به، وبذلك يكون أدرك الركعة، حتى لو اطمأن بعد قيام الإمام، وفي هذه الحالة يجوز للمُصلي الاكتفاء بتكبيرة واحدة وهي تكبيرة الإحرام، ولا يحتاج إلى تكبيرة أخرى قبل الركوع؛ وهذا قول الأئمة الأربعة لأن الغالب أن يَصْعُب على المُصلي الإتيان بتكبيرتين قبل إدراك الركعة، وسُئل ابن باز عن ذلك فأجاب أن الأَولى أن يأتي المُصلي بتكبيرتين؛ الأولى تكبيرة الإحرام ويجب أن يأتي بها قائمًا، والثانية تكبيرة الركوع ويأتي بها وهو نازل إلى الركوع، أما إن خشي عدم إدراك الركعة فيكفيه تكبيرة واحدة وهي مُجْزِئة وصلاته صحيحة[٢]. وقد كَان للعُلماء آراء مختلفة فيما يدركه المسبوق مع الإمام، فهل يكون ما أدركه المصلي بداية صلاته أم يجعله آخر صلاته بعد سلام الإمام، وأخذ بالقول الأول أصحاب المذهب الشافعي، وأخذ بالقول الثاني أصحاب المذهب الحنفي والحنبلي، وكان رأي الإمام مالك الجمع بين القولين[٣]، فبعد أن يلتحق المُصلي بالإمام ويُصلي ما أدرك من الجماعة يقوم لإكمال ما فاته من الصلاة بعد أن يُسلم الإمام، فيصلي مِثلما تُصلى الصلاةُ المنفردة، فإن صلى مع الإمام ركعتين قام وصلى ما فاته، ويقرأ سورة الفاتحة فقط دون قراءة سورة أخرى بعدها؛ لأن هذه الركعات بالنسبة له ثالثة أو رابعة، فقال صلى الله عليه وسلم: (إذا أُقيمتِ الصلاةُ فلا تأتُوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينةُ، فما أدركتُم فصلُّوا، وما فاتكم فأَتِمُّوا) [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح][٤].
حكم صلاة الجماعة عند المذاهب الأربعة
اخْتَلف عُلماء المُسلمين في حُكم صلاة الجماعة، فعدّها البعض سُنةً مؤكدة، وتُعدّها جماعةٌ أخرى فرض كِفاية، في حين يرى البعض وجوبها، وتاليًا رأي المذاهب الأربعة بصلاة الجماعة[٥]:
- صلاة الجماعة عند أصحاب المذهب الشافعي فرضُ كفاية؛ إذ يقول الشيرازي في المذهب الشافعي أنهم اختلفوا في صلاة الجماعة، فكان رأي أبي العباس وأبي اسحاق أنها فرض كفاية، ويجب أن تظهر في الناس، وإن رفضوا إظهارها وجب قتالهم، وكان دليلهم في ذلك ما رُوِي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (ما من ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بَدْو لا تُقَام فيهِم الصلاةُ إلا قد استحوذَ عليهم الشيطانُ، عليكَ بالجماعةِ فإنّما يأكلُ الذئبُ من الغنمَ القاصيةَ) [المصدر: المجموع| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح]، ويَرى الإمام النووي أنها فَرض كفاية، وهذا ما ورد في كتاب الإمامة للشافعي، وما ورد عند شيخي المذهب ابن سُريج وأبي اسحاق.
- صلاة الجماعة عند معظم علماء المذهب المالكي سُنَّة مؤكدة، وقال البعض منهم أنها فرض كفاية، وذكر أبو الوليد الباجي عن صلاة الجماعة أنها أفضل من صلاة الفرد بسبعٍ وعشرين درجةً، ويُستدل من قوله على أنها ليست فرضًا، إلا أنها تختلف في الأجر، وذكر داوود أن الصلاة دون جماعة لا تجوز إذا كان المسلم قادرًا على الالتحاق بالجماعة.
- صلاة الجماعة واجبة على القول الراجح عن أصحاب المذهب الحنفي، وذكر ابن نجيم في البحر الرائق أنها سُنَّةٌ مؤكدة.
- صلاة الجماعة واجبة عِنْدَ أصحاب المذهب الحنبلي.
فضل صلاة الجماعة
يتضاعف أجر المسلم عند صلاته في جماعة، وفيما يلي فضل صلاة الجماعة[٦]:
- فيها الأجر المضاعف: لصلاة الجماعة أجرٌ كبير، وحثَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أدائها، وبيَّن أنَّ أجرها يفوق أجر الصلاة العاديَّة بسبعٍ وعشرين ضِعفًا.
- تُرفع بها الدرجات وتُمحى بها السَيِّئات: بينت الأحاديث الواردة في السُنَّة النبوية الأجر العظيم الذي يحصل عليه المُصلي في جماعة، فقال صلى الله عليه وسلم: (صَلَاةُ الرَّجُلِ في الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ علَى صَلَاتِهِ في بَيْتِهِ، وفي سُوقِهِ، خَمْسًا وعِشْرِينَ ضِعْفًا، وذلكَ أنَّهُ: إذَا تَوَضَّأَ، فأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إلى المَسْجِدِ، لا يُخْرِجُهُ إلَّا الصَّلَاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً، إلَّا رُفِعَتْ له بهَا دَرَجَةٌ، وحُطَّ عنْه بهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى، لَمْ تَزَلِ المَلَائِكَةُ تُصَلِّي عليه، ما دَامَ في مُصَلَّاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عليه، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، ولَا يَزَالُ أحَدُكُمْ في صَلَاةٍ ما انْتَظَرَ الصَّلَاةَ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- فيها مَغْفرة للذُنوب: فمِن فضائل صلاة الجماعة أنها سبب في مغفرة الذنوب إذا أسبِغ المسلم وضوءها، وصلاها مع الإمام.
- صلاة الجَماعة من سُنن الهُدى؛ إذ شرع الله تعالى لنبيِّه -صلى الله عليه وسلم- سُنن الهُدى، وصلاة الجماعة من هذه السنن، ومن حافظ عليها فسيلقى الله مُسلمًا، ولا يَتخلف عنها إلا تاركٌ لسُنَّة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومصيره الضلال، وتارك صلاة الجماعة مُنافقٌ مَعلومٌ نِفاقه.
- المُحافظة عليها سبب للعيش بخير في الدنيا.
- لا يُعفى الأَعمى من صلاة الجماعة: فقد وَرد أن رجلًا أعمى حَضر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَطلب رُخصةً للصلاة في بيته لأنه لا يجد من يوصله إلى المسجد، فَأذن له رسول الله بذلك وعندما ولى دعاه فقال: (هلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بالصَّلَاةِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فأجِبْ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- التَرهيب من التَخلُّف عن الجماعة: أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن صلاة الفجر والعِشاء هي الأثقل على المنافقين، مع أن فيها الأجر العظيم، وحذَّر صلى الله عليه وسلم مِن التخلُّف عن صلاة الجماعة وما يستحق تاركها من العقاب.
- تبرئ صلاة الجماعة المُسلم الذي يلتزم بها مُدة أربعين يومًا براءتين؛ الأولى براءة من النار، والثانية براءة من النفاق.
المراجع
- ↑ لبنى شرف، "الصلاة وحياة المسلم"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "إذا أدرك الإمام راكعاً فماذا يفعل ؟"، islamqa.info، 13-07-2005، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "كيف يقضي المسبوق ما لم يدركه من الصلاة مع الإمام؟"، islamqa.info، 08-09-2017، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "إتمام الصلاة بعد سلام الإمام إذا فاتتني ركعة أو ركعتان "، islamway، 2007-06-08 ، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "مذاهب العلماء في حكم صلاة الجماعة"، islamweb، 12-10-2003 ، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.
- ↑ "فضائل صلاة الجماعة والترهيب من التهاون فيها"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 23-12-2019. بتصرّف.