كيف اعالج نفسي من الوسواس القهري

كيف اعالج نفسي من الوسواس القهري

الوسواس القهري

يُعدّ الوسواس القهري من الأمراض النفسية المنتشرة بكثرة والتي تُصيب الرجال والنساء على حد سواء، ويتضمن مراودة المصاب الأفكار والمعتقدات الهوسية المُلحّة، فضلًا عن قيامه ببعض السلوكيات والتصرفات المتكررة، وعادةً ما تؤثر الإصابة بالوسواس القهري سلبًا على الحياة الاجتماعية والعملية لدى المصاب؛ إذ تؤدي مروداة هذه الأفكار للمُصاب شعوره بالقلق الشديد والتوتر، مما يدفعه إلى ممارسة الأفعال التي من شأنها التخلُّص من القلق والتوتر مؤقتًا، ويتكرر ذلك بمراودة الأفكار للشخص مرةً أخرى، ويمكن معالجة المصاب بالوسواس القهري بالعلاج الدوائي أو العلاج الإدراكي السلوكي الذي سنتحدث عنه في هذا المقال[١].


علاج الوسواس القهري

تتعدد الطرق المستخدمة لعلاج الوسواس القهري وتتضمن ما يأتي[٢][٣][٤]:

  • العلاج الدوائي: عادةً ما تُستخدم أدوية الاكتئاب لعلاج الوسواس القهري، وهي مثبطات استرداد السيروتونين الاختيارية التي قد يُتطلب تناولها مدة شهرين متتالين كأدنى حد ليبدأ مفعوله، مع ضرورة تنبيه المصاب بتناول العلاج بانتظام، وعدم التوقف عنها حتى عند الشعور بتحسن الإ باستشارة الطبيب، وقد يترافق مع العلاج ظهور الآثار الجانبية التي قد يعاني منها المصاب، كجفاف الفم، والتقيؤ، بالإضافة إلى بعض الأفكار الانتحارية التي تراود المصاب، مما يستدعي توقف العلاج تدريجيًا تحت إشراف الطبيب، وتتعدد مثبطات استرداد السيروتونين الاختيارية المستخدمة لعلاج الوسواس القهري، وتُختار بناءً على عدة عوامل مثل العمر، والأعراض المرافقة للمرض إضافةً إلى صحة المصاب، وتتضمّن هذه الأدوية ما يأتي:
    • السيرترالين.
    • الفلوكسيتين.
    • الكلوميبرامين.
    • الفلوفوكسامين.
    • الباروكسيتين.
  • العلاج السلوكي المعرفي: من الطرق الفعالة المتبعة لعلاج الوسواس القهري، وتتضمن نوعين:
    • العلاج بالتعرض والاستجابة: تُعَرِّض هذه الطريقة المصاب للسلوك الذي يُسبب له الهوس المتكرر، إذ يمتنع عن السلوك القهري الذي يحدث عادةً كردة فعل لذلك، ويُساهم هذا العلاج في إعادة تدريب الدماغ وبالتالي يُقلل من أعراض الوسواس القهري دائمًا، ومثال على ذلك، الشخص المصاب بوسواس غسل اليدين، فيُطلب منه مسك مقبض الباب في مكان عام، وعدم غسل يديه، قد يُسبب له ذلك في البداية توترًا وقلقًا، لكن مع الوقت يبدأ بالتعود على ذلك والسيطرة على الأفكار الوسواسية والتصرفات القهرية التي تراوده.
    • العلاج المعرفي: يهدف العلاج المعرفي لتعليم المصاب كيفية التعامل مع الأفكار الكارثية التي تراود المصاب، إضافةً إلى الإحساس العالي الذي ينتاب المصاب بالمسؤولية، وذلك باتباع الطرق الفعالة والصحية في الاستجابة لهذه التصرفات دون اللجوء إلى التصرفات القهرية المعتاد عليها.
  • إجراءات جراحية عصبية إشعاعية: تتضمن الجراحة الإشعاعية التي يتبعها بعد ذلك تحفيز عميق للدماغ، ويُلجأ إلى هذه الطريقة في الحالات الشديدة للوسواس القهري، والتي لا تستجيب للعلاجات السابقة.
  • التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة: عادةً ما يستهدف التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة منطقتين، الأولى القشرة الحزامية الأمامية للدماغ وتُحَفَّز بتردد عالٍ، والمنطقة الأخرى هي المنطقة الحركية قبل التكميلية وتُحفَّز من خلال استخدام التردد المنخفض، بالرغم من فاعليتها في علاج الوسواس القهري المقاوم، إلا أنها تحتاج المزيد من الدراسات لإثبات فاعليتها في هذا المجال.


أعراض الوسواس القهري

يعاني المصاب بالوسواس القهري من مراودته لأفكار وسواسية أو قيامه بتصرفات وسلوكيات قهرية أو كليهما، تنعكس سلبًا على حياة الشخص وروتينه اليومي، وأدائه في عمله، ويمكن توضيح أهم أعراض الوسواس القهري فيما يأتي[٥]:

  • أعراض الهوس: هي الأفكار والصور التي تراود ذهن المصاب باستمرار وبإلحاح مسببةً للمصاب الشعور بالقلق والتوتر، كما يواجه المصاب صعوبةً في إهمال هذه الأفكار، إنما يستجاب لهذه الأفكار بقيام المصاب بأعمال وتصرفات قهرية، ومن أهم أعراض الهوس ما يأتي:
    • ترتيب الأشياء بطريقة منتظمة ومتماثلة.
    • الخوف من التلوث والاتساخ الناجم عن ملامسة الأشياء المتّسخة.
    • مراودته لأفكار غير مرغوبة كالمواضيع الجنسية والدينية، ومثال على ذلك التخيل المستمر للصور الجنسية غير المرغوبة.
    • مراودته لأفكار عدونية كإيذاء نفسه أو إيذاء الآخرين.
  • الأعراض القهرية: هي السلوكيات والتصرفات المتكررة التي يقوم بها المصاب بدافع من الأفكار الهوسية التي تراوده بهدف التقليل من التوتر والقلق الناجم عنها؛ إلا أن القيام بهذه السلوكيات يقدم راحةً مؤقتةً فقط ما تلبث أن تزول، ومن أهم أعراض التصرفات القهرية ما يأتي:
    • تكرار بعض العبارات والكلمات.
    • الغسيل المتكرر لليدين المُسبِّب للجفاف.
    • العد بطريقة معينة.
    • التأكد من إغلاق الباب باستمرار.
    • التأكد المستمر من إغلاق المدفأة.
    • ترتيب العلب بطريقة معينة.


أسباب الوسواس القهري

تختلف الأعمار المعرضة للإصابة بالوسواس القهري سواء الأطفال أو المراهقون أو البالغون، وعادةً ما تُشخص معظم حالات الوسواس القهري في عمر مبكر؛ أي في عمر 19 تقريبًا، لكن في بعض الحالات تُشخص بعد عمر 35 سنةً، أما ما يخص سبب الإصابة بالوسواس القهري فإنه لم يُتوصّل إلى سبب واضح ومحدد، لكن توجد عدة عوامل من شأنها أن تزيد من خطر الإصابة بالوسواس القهري، ومن أهم هذه العوامل ما يأتي[٦][٧]:

  • أسباب جينية: إذ تزداد فرصة الإصابة بالوسواس القهري لدى الأشخاص الذين لديهم أحد الأقارب من الدرجة الأولى كأحد الوالدين، أو الأخوة أو الأبناء مصابين بالوسواس القهري، لا سيما إذا كانوا مصابين وشُخّصوا منذ مرحلة الطفولة.
  • أسباب بيئية: إذ وُجد أنه تزداد فرصة الإصابة بالوسواس القهري لدى الأطفال الذين تعرضوا إلى صدمة أثناء مرحلة الطفولة.
  • هيكل الدماغ والأداء الوظيفي له: إذ لوحظ وجود اختلاف في بنية الدماغ لا سيما في منطقة االقشرة الأمامية وتحت القشرة لدى المصابين بالوسواس القهري.
  • أسباب المناعة الذاتية: إذ يؤدي تعرض منطقة العقد القاعدية في الدماغ للإصابة بالإنتان بالبكتيريا من نوع مكورات العقدية مجموعة أ إلى زيادة فرصة الإصابة بالوسواس القهري، فضلًا عن مساهمة مرض داء لايم وفيروس الإنفلونزا أ H1N1 في زيادة احتمالية حدوث الوسواس القهري لدى الأطفال.
  • أسباب سلوكية: إذ تزداد فرصة الإصابة بالوسواس القهري لدى الأشخاص الذين ترتبط لديهم الأشياء والمواقف بالخوف والقلق، الأمر الذي يدفعهم لتجنب المواقف أو ممارسة طقوس وتصرفات معينة بهدف التقليل من الخوف.
  • اضطرابات عصبية: يساهم اختلال التوازن بين النواقل العصبية السيروتونين ووالغلوتامات في الإصابة بالوسواس القهري.


تشخيص الوسواس القهري

توجد عدة معايير يمكن استخدامها لتشخيص مرض الوسواس القهري وفقًا للجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين، ومن أهم هذه المعايير ما يأتي[٧]:

  • وجود هواجس أو تصرفات قهرية لدى المصاب.
  • عدم نشوء أعراض الوسواس القهري نتيجة تأثير بعض الأدوية، أو نتيجة الإصابة باضطرابات نفسية أخرى.
  • يترتب على الإصابة بالوسواس القهري فشل المصاب أو خلل، إما في المجال الاجتماعي وإما في مجال العمل.


نصائح للمصابين بالوسواس القهري

إضافةً إلى ما ذُكِر سابقًا في علاج الوسواس القهري، إلا أن الرعاية الذاتية والاهتمام بالنفس يُساهمان كثيرًا في تحسن حالة المصاب التي تتضمن ما يأتي[٨]:

  • الالتزام بتناول العلاج بنفس الجرعة الموصوفة وفي الوقت المحدد، إذ يؤدي الإهمال في ذلك إلى تفاقم الأعراض لدى المصاب، مع ضرورة تنبيه المصاب لمراجعة الطبيب في حال نشوء عدد من الأعراض الجانبية لديه، أو في حال تناول أدوية أخرى إلى جانب علاج الوسواس القهري.
  • تناول وجبات صحية بانتظام، إذ يؤدي عدم الانتظام في تناول الطعام إلى هبوط السكر عند الجوع الذي ينعكس سلبيًا على صحة المصاب ليبدو عليه التعب والقلق، لذلك ينبغي إلزام المصاب بوجبة الفطور، إلى جانب تناول وجبات صغيرة عدة مرات خلال اليوم، وفيما يأتي بعض النصائح الغذائية التي تهم المصاب:
    • الابتعاد عن تناول المشروبات المحتوية على الكافيين لمساهمتها في رفع مستوى القلق لدى المصاب، وتتضمن الشاي والقهوة والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة.
    • تناول الكربوهيدرات المعقدة، وذلك لدورها في الحفاظ على مستوى السكر في الدم، وتتضمن الخضار والفواكه والحبوب.
    • إضافة البروتينات للوجبات المتناولة كالبيض، واللحوم والفاصولياء.
    • المكسرات والبذور التي تُعد غنيةً بالعناصر الغذائية الصحية.
  • الحرص على النوم الكافي، وتوفير الجو المناسب للنوم كالإضاءة الخافتة، والابتعاد عن مصدر الإزعاج، إضافةً إلى الحفاظ على درجة حرارة الغرفة المناسبة للنوم.
  • الالتزام بالوصفة الطبية المحتوية على العلاج، والابتعاد عن الكحول والنيكوتين والأدوية المخدرة التي قد توهم المصاب بتحسن حالته، إلا أنها حقيقةً تزيد الحالة المرضية سوءًا.
  • ممارسة المنتظمة للرياضة التي من شأنها المحافظة على مستوى هرمون الكورتزول الذي قد يزداد بمجرد الإصابة بالقلق والاضطراب.
  • تقدير الإنجازات التي يحققها المصاب بالوسواس القهري، وقدرته على التعايش مع مرضه، والالتزام بالعلاج الخاص به.
  • الاسترخاء والابتعاد عن القلق، وذلك من خلال ممارسة العديد من الأنشطة التي تساهم في ذلك، كالتأمل وممارسة اليوغا، والمشي في الطبيعة أو الرسم، إذ يفضل تخصيص نصف ساعة يوميًا لممارسة أحد الأنشطة التي تُخفف من القلق لدى المصاب.
  • طلب المساعدة من الأشخاص المقربين في حال الشعور بالقلق.


من حياتكِ لكِ

من الممكن أن تكون المرأة مصابةً بالوسواس القهري قبل الحمل، بينما يمكن أن تصاب أخرياتٍ به بعد الحمل أو الولادة، إذ إن ولادة طفلٍ جديد تجلب العديد من التغيرات الأمر الذي قد يكون مرهقًا للأم، والذي قد يتسبب بأعراض القلق أو الوسواس، بعض الأمهات يُعانين من وسواس الاعتناء بالمولود الجديد والحذر والخوف الشديد من المخاطر عليه، وقد يكون هذا الخوف زائدًا في بعض الحالات ويتداخل مع الأنشطة اليومية، لذا في حال ملاحظة الأمر، لا بدّ من التوجه إلى الطبيب لتلقّي المساعدة التي تحتاجها المرأة[٩].


المراجع

  1. "Obsessive compulsive disorder (OCD)", nhs, Retrieved 8-1-2020. Edited.
  2. "What Are the Treatments for OCD?"، webmd, Retrieved 27-6-2019. Edited.
  3. "Obsessive-Compulsive Disorder (OCD)"، helpguide, Retrieved 27-6-2019. Edited.
  4. "Management of Obsessive-Compulsive Disorder"، ncbi, Retrieved 27-6-2019. Edited.
  5. "Obsessive-compulsive disorder (OCD)", mayoclinic, Retrieved 8-1-2020. Edited.
  6. "Obsessive-Compulsive Disorder", nimh, Retrieved 9-1-2020. Edited.
  7. ^ أ ب "What is obsessive-compulsive disorder?"، medicalnewstoday, Retrieved 11-1-2020. Edited.
  8. "Tips for Living With OCD"، webmd, Retrieved 27-6-2019. Edited.
  9. "Perinatal OCD", rcpsych, Retrieved 2-3-2020. Edited.

فيديو ذو صلة :

514 مشاهدة