عمل الحواجب
عند الحديث عن المسائل التي تتعلق بالدين الحنيف يجب التبصّر في الحقائق واتباع القرآن الكريم وما صحّ من السنة الشريفة وعدم اتباع الهوى وغلبة النفس من أجل الوصول إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى، وعند الحديث عن الحواجب فنحن نقصد بها في المصطلح الشرعي النمص وقد وردت في هذا المجال العديد من التساؤلات والتفسيرات للأحاديث النبوية الشريفة وفيما يلي سنسلط الضوء على أشهر ما اجتمع عليه علماء الدين.[١]
حكم عمل الحواجب
لقد ورد في السنة الشريفة ما يحرّم النمص كما ذكرنا سالفًا أيضًا فقد ورد عن ابن عباس: (لُعنت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير داء) [رواه أبو داود] فيما يخص نتف الحاجب لغير المتزوجة فهو حرام وحرامٌ على المتزوجة ما لم يأذن زوجها، أما ما يجاوز ذلك فيه اختلاف ما بين علماء الفقه فهو على ضربين وسبب ذلك اختلافهم فيما يعنيه الحديث عن النمص هل هو مطلق شعر الوجه أم خصوص الحاجبين وأما السبب الثاني الاختلاف في علّة المنع من رأى أنها بسبب الغش والتدليس أجاز النمص إذا سمح الزوج بذلك ومنهم من رأى أنها تغيير في خلق الله تعالى من أجل التزيّن كما ورد في تصريح الأحاديث فقد حرّمه قطعًا على رضى الزوج كان أم على سخطه، وهذا قول الجمهور لسببين أولهما أن النبي عليه السلام لم يذكر المتزوجة في الحديث على وجه الاستثناء كما أن الحديث جمع الوصل والوشم والنمص في خانة واحدة مما يدل على أن مقصوده تغيير خلق الله والأمر الثالث ما ورد عن عائشة أم المؤمنين ففي الصحيحين وهذا لفظ البخاري: عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار زوّجت ابنتها فتمعط شعر رأسها، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقالت: إن زوجها أمرني أن أصل في شعرها. فقال: "لا، إنه قد لُعن الواصلات" فقد استدل العلماء بهذا الحديث على عدم الاستثناءات حتى وإن وجدت العلل والأمر الأخير أن الرسول عليه السلام ذكر في التصريح للحسن المغيرات خلق الله ما يعني أن هذا من باب تغيير خلق الله.[٢]
فتواى في عمل الحواجب
في هذا سنضيف بعض فتواى المشايخ في حكم عمل الحواجب:[٣]
- الشيخ محمد بن صالح العثيمين: يقول الشيخ إن نتف الحواجب لا يجوز شرعًا وهو ما ورد فيه اللعن في الحديث الشريف ويقول الشيخ إن لله في ذلك حكمة فمن الناس من يخلق جميلًا ومنهم من هو غير ذلك والواجب أن يرضى كل امرئ بما أعطاه الله ولا يخالف الشرع من أجل الشهوات إلّا في حال وجود شعر خارج عن نطاق الحاجبين مثل وجود شامة عليها شعر زائد فيباح نتفه والله أعلم.
- الشيخ ابن جبرين: لم يجز الشيخ ابن جبرين نتف الحواجب ولا قصها ولا حلقها ولا تخفيفها ولو كان بموافقة الزوج فهذا من باب تغيير خلق الله ولا جمال فيه وهو على ما ذكره النبي الكريم في الحديث الشريف والله أعلى وأعلم.
معنى النمص
اجتمع من علماء اللغة جمعٌ كبير من بينهم ابن الأثير وابن فارس والزمخشري والخليل في أن ما يقصد بالنمص نتف وترقيق شعر الوجه أو الحاجب أو الجبين على وجه العموم وليس ما يخص الحاجبين فقط كما ذكر ذلك في المعجم الوسيط للغة العربية، أما ما يتعلق بالاصطلاح في موضوع النمص ففي ذلك اختلاف بين علماء الفقه فمنهم من قال إنه إزالة شعر الوجه ولم يقتصر على الحاجبين فقط وهذا هو قول جمهور العلماء فالنامصة هي من تنتف شعر وجهها والمتنمصة هي من تقوم بهذا العمل ويستدل علماء هذا الرأي بعموم حديث الرسول عليه السلام وعدم تخصيص حد للنمص وقد جاء في نص الحديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "( لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله) [رواه البخاري ومسلم] ومن القواعد الفقهية في تفسير الأحاديث ما قاله أبو قدامة "متى شككنا في الدليل المخَصِّص، وجب العمل بمقتضى العموم" كما قال أيضًا "ولا يجوز تخصيص العموم بغير دليل".
يقول آخرون من علماء التفسير أن النمص أخذ شعر الحاجب على وجه الخصوص كما قال أبو داود في سننه: النامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه وهو قول النووي أيضًا فيما لم يذكر دليل على تخصيص الحاجب في مصطلح النمص بل هو قول علماء أجلّاء.
المراجع
- ↑ "النمص في اللغة والاصطلاح"، alukah، 3-8-2019، اطّلع عليه بتاريخ 3-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "النمص...معناه...وأدلة المانعين منه"، islamweb، 3-8-2019، اطّلع عليه بتاريخ 3-8-2019. بتصرّف.
- ↑ "نتف جزء من الحاجب تجمّلاً للزوج"، islamqa، 3-8-2019، اطّلع عليه بتاريخ 3-8-2019. بتصرّف.