خطبة عن فضل عيد الفطر, ومقاصده
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ به من سيئات أعمالنا وشرور أنفسنا، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وأصحابه ومن والاه إلى يوم الدين، أما بعد[١][٢]:
أيها الإخوة المسلمون يأتي عيد الفطر المبارك بعد شهر رمضان الفضيل، ويكون فرحة لانتهاء شهر الصيام، ومن فضل هذا اليوم العظيم أنَّه أحد العيدين اللذين خصَّ الله بهما المسلمين ليكونا عيدًا لهم كلَّ سنة، حتى أنَّ اليهود قالوا: (ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئا من أمرنا إلا خالفنا فيه)[٣]، وأفضل فضائل العيد أنَّه شكر لله تعالى، على ما وفَّق فيه للعبادة في رمضان، والإعانة على إتمامها، وقال سبحانه وتعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[٤].
إخوة الإيمان إنَّ من أعظم مقاصد هذا اليوم الفضيل تجاهل الخلافات، والتخلُّص من الشحناء والبغضاء التي استحكمت في بعض نفوس الناس؛ فإنَّهم يلتقون في الصلاة ويتصافحون ويهنِّئون بعضهم بالعيد، ويدعون بدوام السلامة والصحة والاطمئنان بينهم، والمسلم العارف بمنزلة التسامح يتغاضى عن أيِّ شحناء بينه وبين إخوانه المسلمين، والعيد فرصة لتتسامح النفوس، وتتآلف القلوب، وتتقوَّى الصلات والعلاقات، وتُنهى الأحقاد والضغائن، وتتواصل الأرحام إذا كانت مقطوعة، ويجتمع فيه الأحباب، وتتصافح القلوب معًا قبل الأيدي.
إخوة الإسلام إنَّ من مقاصد عيد الفطر المبارك تغيير نمط الحياة اليومية، وكسر ثبوتها الرتيب؛ لأنَّ طبيعة نفس الإنسان تُحبُّ التغيير وتتطلَّع إليه دائمًا، وتحتاج تغيير ما اعتادت عليه من الأعمال، والعيد فرصة للاستراحة بعد عبادة الصيام المتعبة، وفرصة للترويح بما أباحه الله تعالى، فيعود بعده المسلم أكثر نشاطًا وتفاؤلًا، ومن مقاصد العيد أيها الإخوة تذكُّر حقوق الفقراء والضعفاء والعاجزين ومواساة المحتاجين، وإغناؤهم عن ذلِّ المسألة؛ لتكون الفرحة عامة لكل بيت وأسرة؛ لهذا شرع الله سبحانه الصدقة، وتقبل الله منا ومنكم، وأعاد العيد علينا وعليكم بالخير والبركات، والحمد لله رب العالمين.
خطبة عن آداب عيد الفطر, وأحكامه
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد الصادق الأمين، أما بعد[٥][٦]:
إخوة الإسلام إنَّ للعيدين آدابًا وتوجيهات وجَّهنا بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وحثَّنا على اتباعها والتحلِّي بها، واتبعها أصحابه الميامين رضوان الله عليهم، وأحد هذه الآداب الثابتة أداء صلاة العيد قبل الخطبة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة)[٧]، وعن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: (ثم شهدت عثمان بن عفان في فطر ويوم جمعة، بدأ بالصلاة قبل الخطبة فقال: إنَّ هذين عيدان اجتمعا في يوم).
أيها الإخوة المؤمنون إنَّ ما يُستحبُّ في هذا اليوم العظيم أن يُخيِّر الإمام الناس في الجلوس للخطبة أو الانصراف منها، وعن عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال: حضرت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا العيد، ثم قال: (قد قضينا الصلاة، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب)[٨]، ومن آداب العيد الأكل والشرب قبل الذهاب للصلاة، قال ابن المُسيب: (كان المسلمون يأكلون يوم الفطر قبل الصلاة، ولا يفعلون ذلك يوم النحر)، ومن الآداب والشعائر المميَّزة في هذا اليوم العظيم التكبير، ويرى جمهور العلماء أنَّ التكبير في عيد الفطر يبدأ من وقت الخروج إلى الصلاة إلى أن تبدأ الخطبة، وهذه الشعيرة العظيمة تُحيي كبرياء الله تعالى في القلوب وتزيد تعظيمه.
إخوة الإسلام إنَّ من أحكام هذا اليوم العظيم أن يذهب إلى صلاته جميع أهل البيت، حتى لو كانت النساء حائضًا، لكنهنَّ لا يدخلن إلى المُصلَّى؛ فعن أم عطية رضي الله عنها أنَّها قالت: (أمرنا - يعني الرسول صلى الله عليه وسلم- أن نخرِج في العيدين العواتق، وذوات الخدور، وأمَرَ الُحيَّض أن يعتزلن مصلى المسلمين)[٩]، إخوة الإيمان إنَّ العيد فرصة ذهبية لشكر الله تعالى، وتقوية الأواصر الأخوية بين المسلمين، فاغتنموا هذه الفرصة بارك الله فيكم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
خطبة عن فرحة عيد الفطر, وكيفية الاحتفال به
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد[١٠]:
إخوة الإيمان إنَّ يومي عيد الفطر والأضحى يوما سرور وفرح للمسلمين، وقد خصَّهما الله تبارك وتعالى ببعض العبادات والآداب، وبيَّن للمسلمين كيفية استقبالهما والاحتفال بهما، ومن أول آداب الاحتفال بهذا اليوم المبارك الاغتسال، وهو ثابت عن بعض الصحابة، مثل علي رضي الله عنه، عندما سأله رجلٌ عن الغسل، قال: (اغتسل كل يوم إن شئت، فقال: لا، الغسل الذي هو الغسل، قال: يوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم النحر، ويوم الفطر)[١١]، ومن شعائر الاحتفال بيوم الفطر لبس الملابس الجديدة، فعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: (أَخَذَ عُمَرُ رضي الله عنه جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ)[١٢].
إخوة الإسلام إنَّ من مظاهر الاحتفال بيوم العيد التطيُّب بأحسن العطور، وقال مالك: إنِّي سمعت أهل العلم يستحبُّون الطيب والزينة في كل عيد، والتطيُّب يكون عند الخروج للصلاة، وللقاعدين في البيت من الرجال، أما النساء فإنَّ زينتهنَّ تكون في البيت، ومن أشكال الاحتفال بالعيد التزاور بين الجيران والأقارب والأصدقاء والرحم، ويمكن زيارة الأموات.
أيها المؤمنون إنَّ من أشكال الاحتفال بهذا اليوم العظيم التهنئة بالعبارات والألفاظ المباحة، مثل (تقبل الله منا ومنكم)، وهذا ما كان يقوله الصحابة الكرام للتهنئة بالعيدين، ولا مانع من تقديم الأطعمة والأشربة المباحة، والخروج من البيت في رحلة بحرية أو برية أو الذهاب إلى مدينة الألعاب للاحتفال بالعيد، بشرط أن لا يكون الذهاب إلى أماكن المعاصي أو الاختلاط، وقال صلى الله عليه وسلم: (لَتَعْلَمُ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً، إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ)[١٣]، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
- ↑ محمد ويلالي، "فضل العيد ومقاصده"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 1/4/2021. بتصرّف.
- ↑ "مقاصد العيد"، إسلام ويب، 2/8/2016، اطّلع عليه بتاريخ 1/4/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:13576، صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية:185
- ↑ عاصم بن عبد الله القريوتي، "عيد الفطر أحكامه وآدابه"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 1/4/2021. بتصرّف.
- ↑ أحمد عرفة، "آداب العيد في الإسلام"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 1/4/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:888، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن السائب، الصفحة أو الرقم:4376، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم عطية نسيبة بنت كعب، الصفحة أو الرقم:890، صحيح.
- ↑ "كيف يكون الاحتفال بالعيد؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 1/4/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن الأثير، في شرح مسند الشافعي، عن زاذان أو زادان، الصفحة أو الرقم:175، حسن.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالله بن عمر ، الصفحة أو الرقم:1077، صحيح.
- ↑ رواه محمد بن محمد الغزي، في إتقان ما يحسن، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:136، حسن.