كم عدد ركعات صلاة التراويح والقيام

كم عدد ركعات صلاة التراويح والقيام

شهر رمضان

 فضّل الله تعالى شهر رمضان المبارك على سائر الشهور، وخصّه بفضائل كبيرة، ومكارم فضيلة، وميّزه بالكثير من الأمور الخاصة التي إن دلّت فإنما تدل على مكانته العظيمة في الدين الإسلامي، ففيه تُفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النيران، وفيه تُصفّد الشياطين، وتنزل الرحمات، إذ يقول في ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هذا رمضانُ قد جاءَكم، تُفتَّحُ فيهِ أبوابُ الجنَّةِ، وتُغلَّقُ فيهِ أبوابُ النَّارِ، وتسلسلُ فيهِ الشَّياطينُ) [صحيح النسائي| خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره]، ويقول أيضًا: (إذا كان أولُ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ صُفِّدَتِ الشياطينُ ومَرَدةُ الجنِّ، وغُلِّقتْ أبوابُ النارِ فلم يُفتحْ منها بابٌ، وفُتِّحَتْ أبوابُ الجنةِ فلم يُغلقْ منها بابٌ، ويُنادي منادٍ كلَّ ليلةٍ: يا باغيَ الخيرِ أقبلْ، ويا باغيَ الشرِّ أقْصرْ، وللهِ عتقاءُ من النارِ، وذلك كلَّ ليلةٍ) [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: حسن ]، كما أن من خصائصه أن الأعمال والأجور تتضاعف في رمضان، فالعمرة تفوق بأجرها العمرة في غيره، كذلك بقية العبادات، ولعل من الميّزات العظيمة التي أكرمنا الله تعالى بها في شهر رمضان صلاة التراويح والقيام، ففيها من الخير والأجر ما لا يعلمه إلا الله تعالى، لكن قد يتساءل البعض عن كيفية هذه الصلاة، ومشروعيتها، وعدد ركعاتها، الأمر الذي سنوضحه في هذا المقال[١].


صلاة التراويح

صلاة التراويح من أعظم الشعائر الدينية في الإسلام، فهي تتبع بفضلها صلاة القيام التي حثّ عليها ربّ العزة في الكثير من الآيات الكريمة، ورسوله الكريم في الكثير من الأحاديث الشريفة، وقد وصف ذلك الحافظ ابن حجر -رحمه الله- أنّ المؤمن في رمضان يجاهد في النهار بالصوم، وفي الليل بالقيام، ومن جمع بين الجهادين فإن الله يوفيه أجره بغير حساب، وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدل على عظيم منزلة القيام في رمضان، وما لها من الأجر الكبير عند الله تعالى، وقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي يرويه أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: (مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ، ومَن قامَ ليلةَ القَدرِ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ) [صحيح النسائي| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، كما أن هذه الليالي فيها ليلة القدر التي تفوق في أجرها ألف شهر، إذ يقول تعالى في محكم التنزيل: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [ القدر: 3]، لذلك حريٌّ بالمسلم أن يجاهد نفسه، ويجتهد في القيام والصلاة، وذلك تأسّيًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد ورد عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وذلك لما لها من الفضل العظيم والخير الجسيم، أما عن كيفية صلاة التراويح والقيام وعدد ركعاتها فهذا ما سنوضحه في هذا المقال[٢].


عدد ركعات صلاة التراويح والقيام

تُعد مسألة عدد ركعات صلاة التراويح والقيام من المسائل الخلافيّة بين العلماء في المذاهب المُختلفة والتي تعددت فيها الآراء؛ فقد أخذ جمهور من العلماء بالقول بأنّ عدد ركعات القيام هو إحدى عشرة ركعةً أو ثلاث عشرة ركعةً وذلك بالاستناد إلى الحديث الذي ترويه أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- إذ قالت: (أنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كيفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في رَمَضَانَ؟ فَقالَتْ: ما كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا. قالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ: أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقالَ: يا عَائِشَةُ إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ ولَا يَنَامُ قَلْبِي) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].


كما أن النبي لم يكن يزيد على هذا العدد في رمضان أو في غيره، وقد ذهب جمهور كبير من العلماء إلى أنّه لا حدّ لركعات القيام والتراويح لعدم ورود نص واضح بأنّه عليه الصلاة والسلام قد حصرها بعدد معيّن؛ إذ يروي عبد الله بن عمر أن رجلًا قال: (يا رسولَ اللَّهِ كيفَ تأمرُنا نصلِّي منَ اللَّيلِ؟ قالَ يصلِّي أحدُكُم مَثنى مَثنى، فإذا خشِيَ الصُّبحَ يصلِّي واحدةً، فأوتَرَت لَهُ ما قَد صلى) [مسند أحمد| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح ]، ولعل كل ما ورد في هذا الشأن جائز، وهذا ما قال به ابن تيمية -رحمه الله- فقد ورد عنه أنه قال معلقًا على هذا الاختلاف: (والتراويح إن صلاها كمذهب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد: عشرين ركعةً أو: كمذهب مالك ستًا وثلاثين، أو ثلاث عشرة، أو إحدى عشرة فقد أحسن، كما نص عليه الإمام أحمد لعدم التوقيف فيكون تكثير الركعات وتقليلها حسب طول القيام وقصره) [من كتاب الاختيارات: ص 64]، لذلك لا ينبغي التشدد في هذا الأمر وإتاحة الفرصة لاختلاف القلوب بين المسلمين، ولعل هذا من باب السعة على عامة الأمّة الإسلامية ليُصلي كلٌ حسب طاقته[٣].


حكم صلاة التراويح

صلاة التراويح والقيام في شهر رمضان المبارك من الصلوات المسنونة، فقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي ترويه أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ في المَسْجِدِ، فَصَلَّى بصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إليهِم رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قالَ: قدْ رَأَيْتُ الذي صَنَعْتُمْ ولَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ علَيْكُم وذلكَ في رَمَضَانَ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وقد ظلت صلاة التراويح تُصلى فرادى وجماعاتٍ صغيرةً في المسجد حتى جاء زمن الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فجمع الناس على إمامٍ واحدٍ، وقد روي في الأثر عن عبد الرحمن بن عبد القارئ قال: (خَرَجْتُ مع عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه لَيْلَةً في رَمَضَانَ إلى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، ويُصَلِّي الرَّجُلُ فيُصَلِّي بصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي أرَى لو جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ علَى قَارِئٍ واحِدٍ، لَكانَ أمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمعهُمْ علَى أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ معهُ لَيْلَةً أُخْرَى، والنَّاسُ يُصَلُّونَ بصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ البِدْعَةُ هذِه، والَّتي يَنَامُونَ عَنْهَا أفْضَلُ مِنَ الَّتي يَقُومُونَ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وكانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أوَّلَهُ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح][٤].


صلاة التراويح للمرأة

كما أسلفنا فإن صلاة التراويح من السنن المؤكدة حالها كحال بقية الصلوات بالنسبة للمرأة، فالأفضل لك أن تصليها في بيتك، وذلك لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا تَمنعوا نساءَكم المساجدَ وبيوتُهن خيرٌ لهن قال: فقال ابنٌ لعبدِ اللهِ بنِ عُمرَ: بلى واللهِ لنَمْنَعُهن فقال ابنُ عمرَ: تسمعُني أُحدِّثُ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وتقولُ ما تقولُ؟) [مسند أحمد| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح]، ومما لا شك فيه أنه كلّما كانت صلاتك في موضعٍ أخفى كان أخير لك، فقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (صلاةُ المرأةِ في بيتِها أفضلُ من صلاتِها في حجرتِها، وصلاتُها في مخدعِها أفضلُ من صلاتِها في بيتِها) [الجامع الصغير| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، بل إن الأمر لا يقف عند هذا الأمر فحسب بل يتعدى ذلك بأن تكون صلاة المرأة في مخدعها خيرُ لها من الصلاة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد ورد عنه عليه السلام: (عن عَمَّته أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت: يا رسول الله، إني أحب الصلاةَ معك، قال: قد علمتُ أنَّك تحبِّين الصلاة معي، وصلاتُك في بيتك خيرٌ لك من صلاتك في حُجرتِك، وصلاتُك في حجرتك خيرٌ من صلاتك في دارِك، وصلاتك في دارك خيرٌ لكِ من صلاتك في مسجدِ قَومِك، وصلاتُك في مسجدِ قومك خيرٌ لكِ من صلاتك في مسجدي، قال: فأمَرَت فبُني لها مسجدٌ في أقصى شيءٍ من بيتها أو أظلَمِه، فكانت تصلِّي فيه حتى لَقِيَت الله عزَّ وجلَّ) [المحلى| خلاصة حكم المحدث: صحيح][٥].


المراجع

  1. "من فضـائل شهر رمـضان"، saaid، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2019. بتصرّف.
  2. "فضل صلاة التراويح"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2019. بتصرّف.
  3. "عدد ركعات صلاة التراويح"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2019. بتصرّف.
  4. "صَلاةُ التَّراويحِ (قيامُ رَمضانَ)"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2019. بتصرّف.
  5. "حكم صلاة التراويح للنساء"، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :