التربية وتزكية النفس

النفس في الإسلام

كرّم الله تعالى النفس البشرية عمومًا ولم يخصّ بهذا التكريم أحد، فلم يُميّز بين الناس على أساس العرق أو الدين أو اللون أوغيرها من الاختلافات، قال الله تعالى في كتابه العزيز: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا)[الإسراء: 70]، وظهر ذلك في تعامل الرسول صلى الله عليه وسلّم مع الكافرين والمنكرين للدين فكان لا يهين ولا يظلم ولا يتعدّى على حقوق أحد ولا يُقلل من شأن أحد، وأمر الله تعالى بالعدل المطلق والذي يشمل المسلمين وغير المسلمين وأنكر الظلم وجعل له عواقب وخيمة تعود على الظالم، وهكذا كانت نظرة الإسلام للنفس نظرة تقدير وتكريم واحترام؛ لذلك يجب على الإنسان المحافظة عليها من الخصال السيئة وإزالة القبائح منها وتنمية الصفات الحسنة ومكارم الأخلاق[١].


تزكية النفس

تزكية النفس تعني تطهيرها من كل الصفات التي تُعكّر صفاءها وإخلاصها لله تعالى لكسب رضاه تعالى ودخول الجنّة، ولهذا سُميت صدقة المال بالزكاة؛ لأنها تُطهّر المال وتُزكّيه باخراج حقّ الله فيه وإعطائه للفقراء والمساكين، وتظهر مدى الحاجة الماسّة لتزكية النفس في حال المسلمين وما وصلوا إليه من كثرة الفتن والمعاصي والشبهات وتجبّر الطغاة والانتكاس والحوادث، لذا على كل إنسان الانشغال بتربية نفسه وتزكيتها حتى يفلح؛ لأن المسؤولية فردية وكل شخص يُحاسب عن نفسه[٢][٣].


فوائد تزكية النفس

  • كسب محبة الناس: وتحصل هذه المحبة من تأثير حسن الخلق الناتج عن تزكية النفس، فالجميع يرغبون بالتعايش مع من يعاملهم بلطف وأخلاق جيدة، وروُي عن الإمام علي عليه السلام: "ثلاثٌ يوجِبْنَ المحبَّةَ: حُسْنُ الخُلقِ، وحُسْنُ الرفْقِ، والتَّواضُع"[ميزان الحكمة، الريشهري، ج1، ص496].
  • نيل رضا الله تعالى: ولا يحصل الإنسان على هذه الدرجة العظيمة حتى يجاهد نفسه ويرتقي بهذه المجاهدة ليصل أعلى درجات القرب من الله تعالى ويحصل على جنّة الرضوان، قال تعالى: (رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الله أَلَا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[سورة يس: الآية 12].
  • النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة: وفلاح الآخرة أعظم وأهم من أي نجاح يصله الإنسان في الحياة في قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا)[سورة الشمس: الآية 9]، ووعد الله تعالى من اهتم بتزكية نفسه وجاهدها للبعد عن الشهوات والملذات بالخلود في جناته كما قال في الآية الكريمة: (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى)[سورة طه: الآية 76].


علامات الحاجة لتزكية النفس

  • الاستهانة بالمعاصي مهما كان نوعها وحتى لو كانت من الصغائر، فخوف الإنسان من المعاصي مهما صغُرت والشعور بالندم والحياء من الله وكثرة التفكير في عواقب أي عمل يُقدم عليه كلّها دليل على الإيمان.
  • فقدان اللذة والرغبة بأداء الطاعات، فعند فسوق نفس الإنسان تفتر عن الطاعات والعبادات وتكون ثقيلة عليها، وتُكسّل تجاه القيام بها؛ وذلك لانشغالها بالدنيا.
  • ظهور بعض الصفات المذمومة بالإنسان، مثل الحسد والغرور وكثرة الكلام والضحك، والغيبة والنميمة والحرص على أمور الدنيا.


كيفية تزكية النفس

وفي ما يلي بعض الخطوات التي يجب على الإنسان اتباعها لحصد فضائل تزكية النفس[٢]:

  • سعي الإنسان لمعرفة الفضائل والرذائل وكل ما يحتاجه لترتيب أموره في الدنيا والآخرة، وتعرّف المحرّمات التي تمنعه من الحصول على رضا الله، وتنظيم علاقاته بالله تعالى والوالدين والأصدقاء وجميع فئات المجتمع.
  • التعوّد على الخصال الحسنة، فعلى الإنسان التحلّي بالأخلاق الحسنة والابتعاد عن الصفات السيئة.
  • التروّي والتفكير في العمل قبل الإقدام على فعله؛ وذلك أن العجلة في الغالب تؤدي إلى الوقوع في الخطأ والمعصية.
  • اختيار الصحبة الصالحة والصديق الجيد والابتعاد عن الأشرار ورفقاء السوء، لما لهم من أثر عظيم على تغيير الشخصيّة والطباع.
  • كبح الميول والرغبة والإغراء الذي يزرعه الشيطان في الإنسان ومهما كانت قليلة؛ وذلك أن فتح الباب لها يجعلها تطلب الزيادة والانجراف في طريق المعاصي، وضرورة الحذر من كل ما يدفع الإنسان لارتكاب المعصية.
  • الحذر من ساعة الغفلة والبقاء في حالة اليقظة، فالنفس الأمارة بالسوء تستغل هذه الساعة التي يغفل فيها الإنسان عن ربه وتُجمّل المعصية في عينيه، وتُنسيه عواقبها وعذاب يوم القيامة.
  • التقرب من الله ومناجاته، وطلب العون بالدعاء والتضرّع على تربية النفس ومقاومة النفس الأمارة بالسوء والابتعاد عن المعاصي والتوبة النصوحة لله تعالى.


المراجع

  1. أ.د. راغب السرجاني (12-6-2011)، "نظرة الإسلام إلى النفس الإنسانية"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 1-7-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "الدرس الأول: تـزكية النفس"، www.almaaref.org، اطّلع عليه بتاريخ 1-7-2019. بتصرّف.
  3. د. صغير بن محمد الصغير (27-10-2017)، "خطوات عملية في تزكية النفس"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-7-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :