خواص سورة الفتح

خواص سورة الفتح

القرآن الكريم وسبب نزول سورة الفتح

القرآن الكريم هو كلام الله تعالى الذي أنزله على الرسول محمد -صلّى الله عليه وسلّم- لهداية النّاس وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وقد نزل مُعالجًا لجميع القضايا التي يحتاجها المسلم، الدّينيّة منها والدّنيويّة، إذ فصّل الله فيه الحلال والحرام وأصول الأخلاق والآداب وأحكام المعاملات والعبادات، كما بيّن فيه أخبار الأولين والآخرين وخلق السّماوات والأرض ووصف الجنّة دار المؤمنين، والنّار دار الكافرين، وجزاء المؤمنين والكافرين، قال عز وجل: {وَنَزَّلنا عَلَيكَ الكِتابَ تِبيانًا لِكُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحمَةً وَبُشرى لِلمُسلِمينَ} [الواقعة: 89]، واشتمل على بيان أسماء الله وصفاته، ودعا إلى التأمل والتفكر في آياته الكونية والقرآنية، وقد أرسله الله إلى الناس كافة مصدقًا لما بين يديه من الكتب السماوية السابقة ومهيمنًا عليها، والقرآن يحوي العديد من المعجزات والآيات إلى جانب روعة البيان والفصاحة؛ وقد تحدّى به الله -عزّ وجلّ- الإنس والجن فعجزوا عن أن يأتوا ولو بآية من آياته، ولأهمية القرآن وحاجة الأمة إليه تكفل الله بحفظه من التحريف أو الضياع، فقال تعالى: {إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ} [الحجر: 9].


وكما هو شأن جميع سور القرآن التي نزلت لأسباب محددة؛ فإنّ سورة الفتح نزلت بسبب ما جرى في صلح الحديبية من أحداث، فكانت البشرى للنبي -عليه الصلاة والسلام- والصحابة رضوان الله عليهم، وإنزالًا للسكينة والطمأنينة على قلوبهم بوعدهم بحسن المآل والعاقبة بعد صلح الحديبية، إذ سيكون نصرًا مبينًا وفتحًا عظيمًا لنصر يتلوه نصر ونصر؛ مما يبيّن كرامة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عند ربّه سبحانه وتعالى، وتضمنّت ثناءً على صحابة النبي الكرام وبالأخص أهل بيعة الرضوان، وفضحت أهل التخلف والنفاق[١][٢].


خصائص سورة الفتح

سورة الفتح سورة مدنية نزلت في المدينة المنورة عند رجوع المسلمين من الحديبية في السنة السادسة للهجرة، وعدد آياتها تسعٌ وعشرون آية، وقد بشّر الله عزّ وجلّ بها النبي والمؤمنين بظهور أهل الدين وإدبار الكفار، إذ سماها الله بالفتح المبين، وبه افتُتحت السورة ولهذا سُمِّيت بهذا الاسم؛ كما تكرر لفظ الفتح فيها أربع مرات، وفيما يلي ذكر لبعض خصائص هذه السورة الكريمة[٣][٤][٥]:

  • بشّر الله عزّ وجلّ نبيّه محمد عليه الصلاة والسلام والمؤمنين في هذه السورة بأعظم الفتوح وأعظم حدث في تاريخ هذه الأمة.
  • أدخلت هذه السورة السرور على قلب النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
  • قرأ رسول الله عليه الصلاة والسلام هذه السورة يوم الفتح على راحلته فرجّع فيها؛ عن عبد الله بن مغفل قال: رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ علَى ناقَتِهِ، وهو يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ يُرَجِّعُ. وقالَ: لَوْلا أنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ حَوْلِي لَرَجَّعْتُ كما رَجَّعَ [المصدر: صحيح البخاري | خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • نزلت على الصحابة رضوان الله عليهم عند رجوعهم من الحديبة وقد كان الحزن والكآبة يُخالطهم، إذ كان الهدي قد نحر، فكانت بمنزلة المواساة لقلوبهم.
  • قال عنها النبي عليه الصلاة والسلام عندما نزل قوله تعالى: "إنّا فتحنا لك فتحًا مبينًا" إلى قوله تعالى: "فوزًا عظيمًا" بأنّه قد أُنزل عليه آية أحب إليه من الدنيا جميعًا.
  • فضحت هذه السورة المنافقين ورضي الله فيها عن المؤمنين الذين بايعوا رسول الله عليه الصلاة والسلام تحت الشجرة.


محاور سورة الفتح

تضمنت سورة الفتح مجموعة من المقاصد والمواضيع التي تعالج عددًا من القضايا، وفيما يلي ذكر لأبرزها[٦]:

  • وعد الله عزّ وجلّ نبيّه محمّدًا عليه الصلاة والسلام والمؤمنين في هذه السورة بالفتح المبين والغفران وإنزال السكينة عليهم ووعدهم بالجنان والنصر، مما يشير إلى عظم منزلة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عند ربه، إذ وعده بفتح آخر يتلوه فتح هو أعظم منه، وبشره بفتح مكة.
  • تناولت السورة موضوع صدق الرؤيا التي رآها النبي عليه الصلاة والسلام بالحق، إذ رأى في المنام أنه دخل مع المؤمنين المسجد الحرام آمنين محلقي رؤوسههم دون خوف، فكانت بشارة له بدخول مكة.
  • بشرت المؤمنين بحسن العاقبة بعد صلح الحُدَيْبِيَة، وأنه نصر وفتح لهم، فنزلت السكينة على قلوبهم، وأزال الله الحزن من صدورهم إذ لم يعتمروا، خصوصًا أن المسلمين كانوا عِدَة لا تُغلب من قلة عدد، فشعروا بأنهم خائبون، فطمأنهم الله بأن العقبى لهم، وأن دائرة السوء ستعود على المشركين والمنافقين.
  • بينت السورة أن الله تعالى أرسل محمدًا للناس مبشرًا ونذيرًا؛ لتحقيق الإيمان بالله ورسوله، وليعم الحق والخير بين الناس باتباعه وتعظيمه.
  • فضحت السورة المنافقين والأعراب الذين ظنّوا ظنًّا سيّئًا بالنبي محمّد عليه الصلاة والسلام وبالمؤمنين، فتخلّفوا عن الخروج معهم، إذ وُصِفوا بالطمع والجبن وسوء الظن بالله وبكذبهم على رسول الله، وأمرت السورة بمنعهم من حضور غزوة خيبر والمشاركة فيها.
  • تناولت موضوع صلح الحديبية الذي جرى بين رسول الله عليه الصلاة والسلام وبين المشركين في العام السادس الهجري، وأشارت إلى شأن ومكانة الذين حضروه.
  • ذكرت السورة أصحاب الأعذار ممن يباح لهم التخلف عن القتال؛ لعجزهم وقصورهم عنه، وأنهم ليسو بآثمين.
  • تحدّثت السورة عن رضوان الله تعالى عن المؤمنين، وبيان ما أعده لهم من المغفرة والأجر العظيم.
  • خُتمت هذه السورة بذكر صفات المؤمنين والثناء عليهم لطاعتهم للرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إذ بايعوا الرسول ونصروه وأيَّدوه، وقد وصفهم الله بقوله: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29].


معلومات لا تصح عن سورة الفتح

تنتشر العديد من الأقوال التي تشيد بفضل سورة الفتح مما لا يُعلَمُ له أصل في السنة، وعليه لا يُشرع تقييد قراءة السورة المذكورة بوقت معين أو في صلاة مخصصة، إذ إن ذلك كله من البدع التي عرفها الشاطبي رحمه الله بقوله: التزام كيفية وهيئة معينة، إذ لا يوجد لهذا التعيين أصل في الشريعة، ومن هذه الأقوال[٧]:

  • من قرأ سورة الفتح في أول ليلة من ليالي شهر رمضان في صلاة النافلة حُفظ عامه ذلك.
  • من قرأ سورة الفتح عند رؤية هلال شهر رمضان في أول ليلة وسع الله عليه رزقه في ذلك العام حتى آخره، وتقرأ بصلاة ركعتين إذ تقرأ الفاتحة ونصف سورة الفتح في الركعة الأولى، ثم في الركعة الثانية الفاتحة وما تبقى من سورة الفتح.
  • من داوم على قراءة سورة الفتح يوميًّا بايع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في رؤياه، ونال الثواب والرضوان وحشره الله تعالى مع أهل البيعة، وفتح عليه من أجمع خيري الدنيا والآخرة.
  • إذا قُرِئَت سورة الفتح كثيرًا فإن الضعيف يقوى، والذليل يعز، والمغلوب ينتصر، والمعسر تيسر أموره، والمديون يقضى دينه، والمسجون يخرج من سجنه والمكروب يرفع عنه الكرب بلطف الله تعالى وكرمه، لأسرارهذه السورة الجليلة.


المراجع

  1. "القرآن الكريم"، islamqa، 6-4-2001، اطّلع عليه بتاريخ 5-12-2019. بتصرّف.
  2. "نبذة حول سورة الفتح المباركة"، islamweb، 3-11-2007، اطّلع عليه بتاريخ 6-12-2019. بتصرّف.
  3. محمد فقهاء (7-4-2018)، "خواطر حول سورة الفتح (1) اسم السورة"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 4-12-2019. بتصرّف.
  4. محمد فقهاء (25-5-2018)، "خواطر حول سورة الفتح (4) عدد آياتها ومكيها ومدنيها"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 5-12-2019. بتصرّف.
  5. محمد فقهاء (16-4-2018)، "خواطر حول سورة الفتح (2) فضل سورة الفتح"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 6-12-2019. بتصرّف.
  6. "مقاصد سورة الفتح"، islamweb، 3-9-2018، اطّلع عليه بتاريخ 6-12-2018. بتصرّف.
  7. "حكم قراءة سورة الفتح لهذه الأمور المذكورة في السؤال"، islamweb، 14-9-2009، اطّلع عليه بتاريخ 6-12-2019. بتصرّف.

فيديو ذو صلة :