هل غياب الراحة النفسية سبب كافٍ لطلب الطلاق؟

أهمية الراحة النفسية في الزواج

يُعَدّ الزواج النّاجح من أهمّ عوامل الشعور بالسعادة والرفاهيّة، فالعلاقات الجيّدة تُعزّز الشعور بالرّاحة النفسيّة والسكينة، فوجود الشريك الذي يُمكن الاعتماد عليه حاجةٌ بشريّةٌ أساسيّة، وكلّما كانت العلاقة بين الزوجين وثيقةً والرّباط قوي، ازداد الشعور بالرّاحة النفسيّة وبالتّالي الشعور بالثقة والسعادة والاستقرار، ووجود شخص تهتمّين به ويهتمّ بكِ وبتفاصيل حياتكِ، وتتشاركان معًا المناسبات والأفكار والمشاعر، ويُعمّق تجربتكما بالحياة ويخفّف أعباءها، وتتجلّى معاني الحبّ والأمل والسعادة، وبعض التفاصيل والمواقف الصغيرة قد تكون كفيلة لخلق جو من الألفة والمحبّة بينكِ وبين زوجكِ مثل؛ الابتسامة واللّمسة الرقيقة والوجه البشوش والتعاون والكلام الودود والاهتمام، وبالتّالي الحصول على حياةٍ زوجيّةٍ صحيّة، وضمان استمرار هذا الزواج^[١].

كما أنّ شعوركِ بالرّاحة النفسيّة مع زوجكِ ينعكس على نفسيّة أطفالكِ وتربيتهم وسعادتهم، والاعتقاد السائد بأنّه يجب عليكِ صبّ كل اهتمامكِ على أطفالكِ، ومُراعاة شؤونهم وتربيتهم هو اعتقادٌ غير دقيق، فجعل أطفالكِ مركز حياتكِ قد يبدو ملائمًا للأطفال، لكنّه يمكن أن يخلق التعاسة على المدى الطويل لكل فرد في الأسرة، بل قد يؤدّي اهتمامكِ بأطفالكِ على حساب زوجكِ إلى فتور العلاقة بينكما والذي قد يقودكِ أنت وزوجكِ للضغط عاطفيًّا على الأطفال دون وعي كوسيلةٍ لسد النقص العاطفي بينكما، وخلق جو من عدم الارتياح الذي قد يؤدّي إلى الطلاق والذي حتمًا سيؤثّر على جميع أفراد الأسرة، فرغبتكِ في سعادة أطفالكِ تتحقّق بوضع زواجكِ وعلاقتكِ مع شريكِ حياتكِ في أولى اهتماماتكِ، فالزواج السّعيد يَنتج عنه أطفالًا سعداء، والزواج التّعيس يَنتج عنه أطفال أكثر عرضة للمشاكل النفسيّة والسلوكيّة والأكاديميّة^[٢].

هل غياب الراحة النفسية سبب كافي لطلب الطلاق؟

من الطبيعي وجود بعض الخلافات والجوانب السلبيّة في حياتكِ الزوجيّة، والتي تتفاوت في أسبابها وحدّتها، إلّا أنّ الإيجابيّات ولحظات التوافق والوئام وتقبّل الآخر يجب أن تتفوّق بفارقٍ كبير لضمان شعوركِ بالاستقرار والسكينة والرّاحة النفسيّة التي تنعكس إيجابًا عليكِ وعلى زوجكِ وأطفالكِ، وفي حال تكرّرت المشاكل الزوجيّة والخلافات والنقاشات وازدادت حدّتها عن الوضع الطبيعي والصحّي لكِ ولأسرتكِ، فهذا مؤشّر خطير على أنّ علاقتكِ الزوجيّة تمر بأوقات عصيبة قد تؤدّي بكِ إلى طلب الطلاق^[٣]، إذ أنّ كثرة الجدال والصراعات بين الزوجين والتي تؤدّي إلى غياب الرّاحة النفسيّة من الأسباب الشائعة للطلاق، ومن الأسباب الأخرى الأكثر شيوعًا للطلاق المشاكل الماليّة، والعنف الأسري، والخيانة، وتعاطي المخدّرات وإدمان الكحول، والاختلافات الدينيّة، واختلاف العادات والاهتمامات، والزواج المبكّر، وعدم الالتزام وأداء الواجبات^[٤]، وفيما يلي هي بعض أنواع الجدالات والصراعات التي تؤدّي إلى غياب الرّاحة النفسيّة، وقد تكون إحداها سببًا كافيًا لطلب الطلاق^[٥]:

• النقاشات التي تعكس عدم احترام كل منكما للآخر.
• تمسّك كلّ طرفٍ برأيه وعدم التنازل للآخر.
• عدم رغبة أحدكما بإنجاب الأطفال.
• تكرار الخلافات بينكما على نفس الأسباب، وعدم الوصول لأي حلّ وسط في كل مرّة.
• الخلاف على الأمور العاطفيّة وممارسة العلاقة الحميميّة.
• الخلافات على أمور بسيطة وتافهة فيما يتعلّق بشؤون الحياة اليوميّة.
• النقاشات الحادّة والمستمرة بسبب العائلة.
• الخلط بين النقد والانتقاد، واللّجوء إلى أسلوب التجريح والندم على علاقتكما.
• الجدال حول ثقة كل منكما بالآخر.
• التوقّف عن النقاش والجدال؛ كعلامةٍ على الاستسلام واليأس من علاقتكما وبرود المشاعر.

إنّ معظم النقاشات الحادّة تدور حول قضايا أقل أهميّة من غيرها فمثلًا؛ قد يثير كسر أحد أطباق الطعام جدالًا حادًّا بينكِ وبين زوجكِ رغم أنّه في واقع الأمر ليس بهذه الأهميّة، إلّا أنّ حدوث مثل هذه المواقف يدل على وجود خللٍ ما في علاقتكما، وأنّه يتوجّب عليكما التحدّث في وقتٍ لاحق بعد أن يزول انفعالكما بصراحةٍ وهدوء حول الأسباب الحقيقيّة وراء هذه الانفعالات الحادّة، وما تعتقدانه على حدٍّ سواء الطريقة الأكثر إنتاجيّة وحبًّا للتعبير عن خلافاتكما دون التسبب في مزيد من الضيق، وقاتلي من أجل خياراتكِ السابقة ومن أجل من تحبين ولا تستلمي لخيار الطلاق بسهولة.

أسئلة اسأليها لنفسكِ قبل طلب الطلاق

قرار الطلاق من أكثر القرارات أهميّة وخطورة في حياتك، فهو يؤثّر بشكل مباشر عليكِ وعلى زوجكِ وعلى أطفالكِ، وكذلك على المقرّبين منكِ، فعليكِ أخذ هذا القرار بتأنٍّ وحذر وبعد تفكير جدّي وواعٍ لأسبابه ونتائجه وتأثيراته السلبيّة والإيجابيّة، واستنفاذ جميع الوسائل للحفاظ على زواجكِ واستقرار عائلتكِ، فمن الطبيعي أن تمر العلاقة الزوجيّة بمشاكلٍ وصراعاتٍ وفتراتِ فتورٍ عاطفيّ، إلّا أنّ استمرار هذه المشاكل والمشاعر السلبيّة لفتراتٍ طويلةٍ قد تدفعكِ للتساؤل عن مدى رضاكِ عن علاقتكِ الزوجيّة وهل من الصواب الاستمرار أم أنّ طلب الطلاق هو القرار الصحيح، وإليكِ بعض الأسئلة التي يمكن أن تسأليها لنفسكِ قبل طلب الطلاق لتساعدكِ على اتخاذ القرار الصحيح^[٦][٧]:

• ما الذي أوصلكِ إلى النقطة التي يكون فيها الطلاق هو الخيار؟
• هل كنتِ صريحةً مع زوجكِ بشأن الأسباب التي دفعتكِ للتفكير في الطلاق؟
• هل أُسيئت معاملتكِ عاطفيًا أو جسديًّا بطريقة تجاوزت الحد الطبيعي في الخلافات الزوجيّة؟
• هل تشعرين بفتور العاطفة أو الرغبة الجنسيّة بينكما؟
• هل لديكِ شعور بعدم التوافق بينكِ وبين زوجكِ في الاهتمامات ونظرتكما للأمور، وأنّكما لا تسيران في نفس المركب؟
• هل أنتِ وزوجكِ على استعداد للجلوس معًا وإقامة حوار هادئ، والقيام بكل ما يساعد في فهم احتياجاتكما وحل المشاكل بينكما وتحسين علاقتكما؟
• ماذا فعلتِ أنتِ وزوجكِ لمحاولة حل المشاكل وإنقاذ زواجكما؟ وهل استنفذتما جميع الطرق للوصول إلى نقطة تلاقٍ بينكما كأخذ استشارات من قِبَل مختصّين في أمور الزواج والعلاقة بين الزوجين؟
• ما هي إيجابيّات زوجكِ والأمور التي جذبتكِ إليه في البداية؟ ما هي أفضل الأوقات في علاقتكما؟ متى شعرتِ بأكبر قدر من الارتباط بزوجكِ؟ ما هي الأحداث التي منحتكِ الفرح والسعادة؟ قرّري؛ هل لديكِ الرغبة والقدرة على العودة بعلاقاتكما إلى تلكَ الأيّام؟
• كيف سيؤثر البقاء في إطار الزواج أو فصله على أطفالكِ؟

لا تَبقي في دوّامة التردّد لفترة طويلة، فلديكِ ثلاثة خيارات عليكِ تبّني أحدهم والمضي قدمًا؛ وأن تستمري كما أنتِ، أو أن تعطي علاقتكما فرصة إضافيّة وتبذلي جهدًا شاملًا وتحاربي من أجل إنعاش هذه العلاقة وتطلبي المساعدة من الآخرين للتوفيق بينكما، أو أن تقرّري طلب الطلاق.

المراجع

1. ↑ Linda and Charlie Bloom (14-02-2018), "Marriage and Happiness"، psychologytoday, Retrieved 10-07-2020. Edited.
2. ↑ Holly Robinson, "Happy Parents, Happy Kids"، parents, Retrieved 10-07-2020. Edited.
3. ↑ Nan Silver (last reviewed 09-06-2016), "What Makes Marriage Work?"، psychologytoday, Retrieved 10-07-2020. Edited.
4. ↑ Shelby B. Scott, Galena K. Rhoades, and Howard J. Markman (06-2013), "Reasons for Divorce and Recollections of Premarital Intervention: Implications for Improving Relationship Education"، ncbi, Retrieved 10-07-2020. Edited.
5. ↑ Stacey Feintuch (24-06-2020), "15 Types of Arguments That May Mean the End of Your Relationship"، thehealthy, Retrieved 10-07-2020. Edited.
6. ↑ Marni Feuerman (Updated on 21-02-2020), "Questions to Ask Yourself Before You Divorce"، verywellmind, Retrieved 10-07-2020. Edited.
7. ↑ Julia Naftulin (19-10-2019), "4 questions you need to ask yourself before going through with a divorce"، insider, Retrieved 10-07-2020. Edited.