سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

نسب الصحابي عمر بن الخطاب

هو عمر بن الخطاب بن نفيل عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب، ويكنى بأبو حفص، ويُنسب إلى عدي فيلقب بالعدوي، ووالدته خثمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب، وكان جده نفيل من الشرفاء والنبلاء الذي تتحاكم له قريش.


عشيرة بني عدي من أكثر عشائر قريش قوَّةً وجاهًا، إلا أنها لم تصل إلى مكانة بنو هاشم، وبنو مخزوم، وبنو أمية في مكَّة قبل الإسلام؛ إذ لم تكن ثرية مثلهم، ولكنها نافست بني عبد شمس على الشرف، وقد تصل إلى مكانتهم، كما كانت على جانبٍ كبيرٍ من المنعة والعزَّة، وقد أخذ أفرادها منصب الحكم والسفارة في المنافرات، فهم المتحدِّثين عن قريش إلى القبائل بالخلافات التي يجب حسمها بالمفاوضات، واضطر بنو عدي بسبب التنافس العشائري في حياة والد عمر بن الخطاب إلى مغادرة منازلهم المقامة عند الصفا، وذهبوا إلى عشيرة بني سهم، وأقاموا بجانبها[١].


نشأته ومعاداته للرسول قبل إسلامه

وُلد عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل 40 عام من الهجرة، وقبل أربع سنين من حرب الفجار، ونشأ في مكَّة في بيئةٍ وثنيَّةٍ تحت رعاية والده الخطاب، وكان شديدًا عليه يُوكل له الأعمال الشاقَّة، كما كان يضربه إذا قصَّر في العمل، وطبعًا تأثَّر بالطريقة التي عاش فيها كغيره من شباب مكَّة، وتعلَّم الفارسيَّة والقتال إلى أن أصبح من أبطال قريشٍ في الجاهلية، ذو شخصيَّة مهابة، كما أنه كان يُدافع عن عبادة الأصنام، أجاد الخطابة والكتابة والمفاخرة، وأحب الشعر ورواه، وأخذ منزلةً رفيعةً بين أهل قريش في الجاهلية، فقد كان مكلَّفًا رضي الله عنه بالسفارة لهم.


عندما بُعث الرسول صلى الله عليه وسلم، واتبعه عدد من أهل قريش، وسكان مكَّة، كان رضي الله عنه شديد الأذى بهم، ورأيه بذلك أنَّهم خرجوا عن دين قومهم، وتجب محاربتهم، فكان من أشدِّ أهل مكَّة عِداءً للإسلام؛ لأن تعاليمه تناقض النظام المكيَّ وتثير الفساد في فيها، كما أنّ الإسلام قد فرَّق كلمة قريش، ولا بُدَّ من حدٍّ ذلك بالتخلُّص من صاحبها.


كان النبيُّ يعلم تمامًا هذه الخصال في شخصية عمر بن الخطاب ويطمع في إسلامه، إلا أنّ بعض الذين أسلموا مبكِّرًا ظنوا استحالة إسلامه، وكان النبيَّ صلى الله عليه وسلم يدعو ويلحُّ بالدعاء: (اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجُلين إليك بأبي جهلٍ أو بعمرَ بنِ الخطابِ فكان أحبُّهما إلى اللهِ عمرَ بنَ الخطابِ)[١][٢].


قصة إسلامه رضي الله عنه

عندما علم عمر بن الخطاب بإسلام أخته وزوجها ذهب لهما حتى أتاهما، وكان عندهما رجلٌ من المهاجرين يسمى: خباب وهو ابن الأرت، وعندا أحس خبابُ بوجود عمرَ، إختبئ في البيت، فدخل عليهما وقال: ما هذه الهَيْنَمَةُ (أي الصوت الخفي) التي سمعتها عندكم؟ وكانوا يقرأون (طه) فقالا: ما عدا حديثًا تحدثناه بيننا، قال: فلعلكما قد أسلمتما؟ فقال له زوج أخته: يا عمر، إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عمر على زوج أخته فوطئه وطًأ شديدًا: ودافعت أخته عن زوجها، فربضها بيده فدمى وجهها فقال عمر: أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه، فقالت أخته: إنك نجس وإنه {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}[٣] فقام فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ {طه إلى قوله تعالى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه : 14]، فقال عمر: أخبروني بمكان محمد ، فلما سمع خباب قول عمر، خرج من البيت وقال: أبشر يا عمر، فإني أتمنى أن تكون دعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم لك قد أصابتك، وأخبره بمكان الرسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب عمر له، وأعلن إسلامه[٤].


فضائل عمر بن الخطاب ومناقبه

كان لعمر مواقفٌ شديدةٌ ضدَّ أعداء الإسلام، وقد قال نبي الله صلى الله عليه وسلم عنه: (إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ)[٥]، نذكر منها[١]:

  • اقتراحه قتل أسرى معركة بدر لكي لا يرجعوا لمناوأة المسلمين، بالرغم من اتفاق جماعة من المسلمين قبول الفداء، ثم نزل الوحي مؤيدًا رأي الفاروق في أمر الأسرى، فقرب ذلك عمر رضي الله عنه من النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وزاد مكانته عنده.
  • رفض عمر بن الخطاب صلح الحديبية مع قريش، لأنّه ظنّ أنّ بعض بنوده مهينة للمسلمين، فذهب يُناقش النبيَّ في ذلك.
  • موقفه رضي الله عنه من عبد الله بن أُبَيِّ زعيم المنافقين، ومن نساء الرسول، ومن حكم الخمر، وهي تكشف عن شخصيَّته التي كانت تزداد قوةً ووضوحًا على مرِّ الزمن.
  • بروزه رضي الله عنه في السياسة، لذلك كان الرسول يدعوه وزيره، وعندما يُشاور الصحابه يميز رأي عمر رضي الله عنه عن الرأي الذي يُبديه أبو بكرٍ رضي الله عنه، كما أنّ مخالفة الرسول لرأيه في بعض الأمور لم تُقلل يومًا من مكانة عمر رضي الله عنه، أو من احترامه؛ لأنه كان صادقًا ومخلصًا في كلِّ ما يراه، ويُشير به.


خلافته للمسلمين وأبرز أعماله

استلم عمر بن الخطاب خلافة المسلمين في اليوم التالي لوفاة أبو بكر الصديق في 22 من جمادى الآخرة 13 هـ: 23 من أغسطس 632م، وأنجز الفاروق العديد من الأعمال خلال فترة خلافته، ومنها أنه أول من دوّن الدواوين، ثم عمل على توسيع المسجد النبوي، وأنشئ السجون الخاصة، ووضع نظام البريد، وسهّل أمر الجزية المفروضة على فقراء أهل الكتاب بتخفيضها لهم، ووضع نظام الاختبار لتعيين الولاة والعمال، وتحديد فترة معينة لتعيينهم في مناصبهم لكي لا يطول بهم العهد فيكونوا علاقات الأصحاب، كما كان -رضي الله عنه- أول من فكر بتمصير الأمصار؛ أي تعمير المدن الجديدة في البلاد، حيث أسس الفسطاط في مصر والبصرة في العراق، كما سُجل له -رضي الله عنه- بناء ممر مائي لعبور السفن بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، لُقبت بقناة أمير المؤمنين.


كما توسعت الفتوحات الإسلامية في عهده، ففتحت بلاد فارس، والشام وفلسطين، كما توجهت جيوش المسلمين إلى إفريقيا، وتم فتح بلاد مصر على يد عمرو بن العاص[٦].


متى توفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟

دعاء عمر في آخر حجة له سنة 23هـ بأن ينال الشهادة، وروى ابن عباس في مقتله: إن عمر رضي الله عنه طُعن في السحر، وقام بهذا الفعل أبو لؤلؤة المجوسي غلام المغيرة بن شعبة، وروى أبو رافع رضي الله عنه: كان أبو لؤلؤة عبد المغيرة بن شعبة وكان يصنع الأرحاء (وهي التي يطحن بها)، وكان المغيرة يعطيه كل يوم أربعة دراهم، فلقي أبو لؤلؤة الخليفة، واشتكى له بأن المغيرة يستغله، فقال عمر: اتق الله، وأحسن إلى سيدك وكان عمر أينوي ن يلقى المغيرة فيكلمه ليخفف عنه، فغضب أبو لؤلؤة، وقال: وسع عدله الكل غيري؟‍‍ فنوى قتله، وصنع خنجرًا له رأسان، وسمّه، ثم أتى به الهُرْمُزان، فقال: ما رأيك بهذا؟ قال: أرى أنك إذا ضربت به أحد قتل، فجاء أبو لؤلؤة عمر في صلاة الغداة وقام وراء عمر، وكان رضي الله عنه إذا أقيمت الصلاة يقول: أقيموا صفوفكم، فقال كما كان يقول: فلما كبَّر، ضربه أبو لؤلؤة في كتفه، وفي خاصرته، فسقط عمر، قال عمرو بن ميمون رحمه الله: سمعته لما طعن يقول: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا}[٧][٨].


المراجع

  1. ^ أ ب ت أ.د محمد سهيل طقوش (28/8/2017)، "من هو عمر بن الخطاب؟"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 17/3/2021. بتصرّف.
  2. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8/60، إسناده صحيح.
  3. سورة الواقعة ، آية:79
  4. "مروياتُ قِصةِ سببِ إِسلامِ عمرَ بنِ الخطابِ"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 17/3/2021. بتصرّف.
  5. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:6889 ، أخرجه في صحيحه.
  6. سمير حلبي، "عهد الفاروق.. دولة العدل والفتوحات (في ذكرى توليه الخلافة: 22 من جمادى الآخرة 13 هـ)"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 17/3/2021. بتصرّف.
  7. "استشهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه "، قصة الإسلام ، 21/3/2016، اطّلع عليه بتاريخ 17/3/2021. بتصرّف.
  8. سورة الأحزاب، آية:38

فيديو ذو صلة :

588 مشاهدة