محتويات
الصلوات الخمس
إن للصَّلاة في الدّين الإسلامي مكانةً عظيمةً، فهي أفضل الأعمال بعد الشهادتين، وبها ينتهي المسلم عن الفحشاء والمنكر، إذ يقول تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْـمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45]، وبها تُكفّر السيئات، وتُغفر الذنوب، وهي النور للعبد يوم القيامة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أنَّهُ: ذَكَرَ الصَّلاةَ يومًا فقالَ: من حافظَ علَيها كانت لَهُ نورًا وبرهانًا ونَجاةً يومَ القيامةِ، ومن لم يحافِظ عليها لم يَكُن لَهُ نورٌ، ولا برهانٌ، ولا نجاةٌ، وَكانَ يومَ القيامةِ معَ قارونَ، وفرعونَ، وَهامانَ، وأبيِّ بنِ خلفٍ) [مسند أحمد| خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح]، وهي بمثابة تطهير يومي للمسلم مما يعلق به من ذنوب، وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام: (مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ، غَمْرٍ علَى بَابِ أَحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، فضلًا عن أن من أدى الصلوات الخمس فإن له عند الله عهدًا أن يُدخله الجنة، كما وردت الكثير من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تُخبر عن الصلاة وفضلها، بما في ذلك صلاة الفجر والصبح، وفي هذا المقال سنتحدث عن بعض الجوانب الهامة لصلاة الفجر والصبح بما في ذلك الفرق بينهما[١][٢].
ما الفرق بين صلاة الصبح وصلاة الفجر؟
وردت صلاة الفجر وصلاة الصبح في العديد من الآيات والأحاديث النبوية الشريفة، ولا فرق بينهما؛ فصلاة الصبح هي صلاة الفجر، فلا توجد صلاتان منفصلتان، بل هي صلاةٌ واحدةٌ، وهي ركعتان فريضةً يبدأ وقتها من طلوع الفجر إلى ما قبل طلوع الشمس، كما أن الواجب تأديتها للرجل في جماعة ما لم يملك العذر الشرعي لصلاتها في بيته، ولها سنَة راتبة حافظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أدائها؛ إذ تروي أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى شيءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أشَدَّ منه تَعَاهُدًا علَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، لذلك فالواجب على المسلم المحافظة عليها لما لها من الفضل العظيم[٣].
فضل صلاة الفجر
توجد الكثير من الفضائل لصلاة الفجر، التي أشارت إليها الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، وفيما يأتي بعض فضائلها[٤]:
- تحقق صلاة الفجر الأمن لصاحبها، فيأمن أنه في ذمة الله تعالى؛ إذ يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن صلى الصبحَ فهو في ذِمَّةِ اللهِ، فلا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ من ذِمَّتِهِ بشيءٍ، فإنَّ من يَطْلُبْه من ذِمَّتِهِ بشيءٍ يُدْرِكْه، ثم يَكُبَّه على وجهِه في نارِ جهنمَ) [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- تُنجّي صلاة الفجر صاحبها من النار يوم القيامة، وذلك لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، يَعْنِي الفَجْرَ وَالْعَصْرَ، فَقالَ له رَجُلٌ مِن أَهْلِ البَصْرَةِ: آنْتَ سَمِعْتَ هذا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ الرَّجُلُ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُهُ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- تُدخل صلاة الفجر من حافظ عليها الجنة، وفي ذلك يرويه أبو موسى الأشعري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: مَن صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- تشهد الملائكة صلاة الفجر وذلك لقول الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا} [الإسراء: 78]، كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ باللَّيْلِ ومَلَائِكَةٌ بالنَّهَارِ، ويَجْتَمِعُونَ في صَلَاةِ الفَجْرِ وصَلَاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وهو أعْلَمُ بهِمْ: كيفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فيَقولونَ: تَرَكْنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتَيْنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ) [صحيح البخاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- يُكتب لمن صلّى الفجر في جماعة قيام ليلة كاملة، إذ ورد في السنّة النبوية الشريفة: (دَخَلَ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ المَسْجِدَ بَعْدَ صَلَاةِ المَغْرِبِ، فَقَعَدَ وَحْدَهُ، فَقَعَدْتُ إلَيْهِ فَقالَ، يا ابْنَ أَخِي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- تحفظ صلاة الفجر المسلم من النفاق، إذ قال عليه الصلاة والسلام: (إنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ علَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ، وَصَلَاةُ الفَجْرِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لأَتَوْهُما ولو حَبْوًا، وَلقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فيُصَلِّيَ بالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي برِجَالٍ معهُمْ حُزَمٌ مِن حَطَبٍ إلى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ بالنَّارِ) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- تزيد ركعتا الفجر بفضلهما على الحياة الدنيا بما فيها من ملذات ومتاع، إذ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَما فِيهَا) [صحيح مسلم| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
- تحقق أفضل النعم وهي رؤية وجه رب العالمين؛ إذ يروي جرير بن عبد الله ويقول: (كنَّا جلوسًا عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فنظَر إلى القمرِ ليلةَ البدرِ ليلةَ أربعَ عشْرةَ فقال: إنَّكم سترَوْنَ ربَّكم كما ترَوْنَ هذا لا تُضامُونَ في رؤيتِه فإنِ استطَعْتُم ألَّا تُغلَبوا عن صلاةِ قبْلَ طلوعِ الشَّمسِ وصلاةٍ قبْلَ غروبِها فافعَلوا) ثمَّ قرَأ هذه الآيةَ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130]) [صحيح ابن حبان| خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه].
- تُحقق صلاة الفجر لمن حافظ عليها هناء العيش وطيّبه، إذ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك: (يَعْقِدُ الشيطانُ على قافِيَةِ رأسِ أحدِكم إذا هو نام ثلاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ مكانَ كلِّ عُقْدَةٍ: عليكَ ليلٌ طويلٌ فارْقُدْ، فإنِ استيقظ فذكر اللهَ انحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإن توضأ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإن صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كلُّها، فأصبح نشيطًا طَيِّبَ النفسِ، وإلا أصبح خبيثَ النفسِ كسلانَ) [صحيح الجامع| خلاصة حكم المحدث: صحيح].
يتضح لنا مما سبق من أحاديث نبوية شريفة أن لصلاة الفجر مكانةً عظيمةً في الدين الإسلامي الحنيف، الأمر الذي يوجب على المسلم أن يحافظ عليها في وقتها، وألا يتهاون بها؛ لما في ذلك من الضرر الجسيم على حياة المسلم، كما أن من الواجب أن يُصليها الرجل في المسجد ويحافظ عليها في الجماعات، وألا يتخلف عنها دون عذرٍ شرعي.
الفرق بين صلاة الفجر وباقي الصلوات
كل الصلوات مهمة لأنها تؤدّى لله عز وجل، ولأن الإسلام يرتكز على عمود الصلاة، لكن قد يشعر المؤمن بخصوصية لصلاة الفجر ربما تبرز لعدة أسباب أهمها ما يأتي:
- المسلم عند صلاة الفجر يهجر نومه والدفء في سريره ويسارع إلى الوضوء والصلاة، وهذا أمر شاق عليه، فهو يترك ما كان فيه من راحة من أجل أن يُرضي الله عز وجل.
- المسلم عند صلاة الفجر في الغالب لا يراه أحد، لأن الناس جميعهم نائمون في بيوتهم حتى أهل بيته، وبالتالي فإن الصلاة شبه خالية من النفاق والرياء للناس فهو يصليها خالصةً لوجه الله عز وجل.
- المسلم عند أدائه لصلاة الفجر فإن الخير والبركة تلازمه طوال يومه، وهو بذلك بدأ يومه بعبادة وتقرب إلى الله عز وجل، فيبقى محميًّا تحفه الملائكة من كل حدب وصوب.
- الراحة النفسية والقلبية التي يشعر بها المسلم لأداء الصلاة، فالإنسان دائمًا يبحث عن السكينة والهدوء في قلبه، والصلاة هي أقصر طريق ليشعر بهذا، وفي حال بدأ يومه بها حتمًا سينشرح صدره باقي اليوم.
على المؤمن أن يتذكر دائمًا أن الصلاة وُجدت لصالحه ومن أجله هو، فالله غني عن كل العبادات، ولا يزيد في ملكه شيء إن عبده أم لم يعبده، لكن الله جل جلاله وضع الصلوات من أجل أن يختبر صدق عباده، ومن أجل أن يفتح الباب أمامهم ليناجوه ويدعوه بما شاؤوا فالله عز وجل يحب أن يسمع صوت عبده يطرق بابه، وقد وعده ألا يرده إلا بما فيه خير له ولدينه في الدنيا والآخرة، فإما أن يستجيب لدعائه وإما يؤجله إلى الوقت المناسب وإما أن يرفع به بلاءً أو يستبدله بأجر وثواب عظيمين يوم القيامة[٥].
المراجع
- ↑ "فضل الصلاة في الإسلام"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 1-1-2020. بتصرّف.
- ↑ "فضل من حافظ على الصلوات الخمس، وأداهنّ كما أُمر ."، islamqa، اطّلع عليه بتاريخ 1-1-2020. بتصرّف.
- ↑ "الفرق بين صلاة الفجر وصلاة الصبح"، binbaz، اطّلع عليه بتاريخ 1-1-2020. بتصرّف.
- ↑ "فضل صلاة الفجر"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 1-1-2020. بتصرّف.
- ↑ "وقت سنة الفجر وصلاة الصبح "، islamweb ، اطّلع عليه بتاريخ 08-05-2019. بتصرف.