لماذا يضرب ابنك الأطفال الآخرين؟

لماذا يضرب ابنك الأطفال الآخرين؟

مشكلة ضرب طفلكِ للآخرين

يولد الأطفال بغريزة الهجوم والدفاع، لذا يعدّ الضرب والركل والعض من السلوكيات الطبيعية للأطفال في الفئة العمرية من سنة إلى سنتين، ولكن خلال الطفولة نتعلم عدم استخدام العدوان الجسديّ، وللوصول إلى هذه المرحلة يحتاج الآباء ومقدمو الرعاية إلى تعليم الأطفال تثبيط هذا الدافع الطبيعي للضرب عندما يكونون مستائين، فإن ضربكِ طفلكِ أنتِ أو أي طفلٍ آخر، فاحرصي على الهدوء واعرفي أن هذا هو السلوك المعتاد، وإن أصيب الطفل الآخر بأذى فتأكدي أولًا من أنه بخير، ثم وجهي انتباهكِ إلى طفلكِ وأبعديه عن أي شخص قد يتأذى، ولكن ليس بطريقة عقابية أو معزولة، ولا يمكنكِ التصرف من خلال الصراخ عليه أو ضربه، لأنكِ حينئذٍ لا تساعديه على تعلم كيفية التعامل مع مشاعره، بل تحاكين سلوكه السيئ في التعامل مع المشاعر والمواقف، لذا من الضروري محاكاة السلوك الذي تريدين رؤيته من أطفالكِ مثل الاعتذار، وبالنسبة للأطفال الصغار الأكبر سنًّا، فأنتِ تريدين أيضًا تعليمهم كيفية تصنيف عواطفهم، فعندما نتمكن من وضع اسم لشيء ما، يمكننا أن نفهمه فهمًا أفضل، وبالتالي نتعامل معه بطريقة أفضل، لذا استمري في تعليمه فهم مشاعره والتعبير عنها شفهيًّا لتعزيز قدرته على التحكم بعواطفه وحل المشكلات دون اللجوء للعنف[١].


7 أسباب لضرب طفلكِ للآخرين

قد لا يدرك طفلكِ الصغير أن الضرب يمكن أن يؤذي، لأن الإحساس بالتعاطف عنده لا يكتمل تمامًا حتى سن الثالثة تقريبًا، وحتى إن استوعب طفلكِ الفكرة، فقد لا يكون قادرًا على كبح اندفاعه خلال السنوات الأولى من عمره، ولكن عادةً ما تكون أسباب ضربه للآخرين بريئة بما فيه الكفاية، وتندرج في الغالب ضمن إحدى هذه الفئات التالية[٢]:

  • محاولة التواصل: يشعر الأطفال الصغار مثل الآخرين بالملل والجوع والتعب والإرهاق، ولكن الفرق هو أنهم يفتقرون إلى المهارات اللفظية لتوصيل هذه العواطف، مما قد يجعلهم أكثر إحباطًا، ونظرًا إلى أن مفردات طفلكِ لم تتطور بالكامل بعد، فمن المرجح أن يستخدم جسده لإظهار مشاعره أو الرد على الخلاف.
  • الدفاع عن ممتلكاته: ستلاحظين أن طفلكِ يضرب في كثير من الأحيان في الملعب أو في موعد اللعب كونه محاطًا بمجموعةٍ من الأطفال الذين يمسكون ألعابه أو يدفعونه للأسفل أو ببساطة يحتلّون مساحته، وببساطة قد لا يستمعون له عندما ينهاهم عن ذلك، وهنا سيتطلب عدم التصرف بغضب تحكمًا في الاندفاع، والذي لا يتقنه الأطفال تمامًا حتى يكبروا.
  • التوتر: حتى الأطفال الذين لا يضربون أو يعضون غالبًا ما يفقدون السيطرة عندما يشعرون بالتوتر أو في نهاية يوم طويل ومتعب، خاصةً عندما يتعرض طفلكِ للانتقاد بسبب عدم امتلاكه العديد من مهارات التأقلم والتواصل.
  • تقليد شخص آخر: تعرّض طفلكِ للضرب من شقيقه الأكبر سنًّا يجعله يحاول تقليده بأقرب فرصة، فبالنسبة لبعض الأطفال فهم يتأثرون بعامل التجربة والخطأ، فتقول مستشارة الآباء وطبيبة الأطفال جنيفر شو أنه عندما يرى الطفل شخصًا يضرب آخر، سيفكر بتجربة الفعل ذاته لتجربة الشعور.
  • المزاجية: يعود الكثير من عنف الأطفال إلى المزاج، ففي حين أن بعض الأطفال قد يتجاهلون ما يزعجهم، إلا أنَّ الكثيرين منهم سيتجهون إلى العدوان الجسدي لإرضاء عواطفهم.
  • تجربة أشياء جديدة: يحب الأطفال الصغار اختبار قاعدة السبب والنتيجة، ويقول دكتور التنمية البشرية وعلوم الأسرة في جامعة تكساس ثيودور ديكس، سيستخدم طفلكِ في هذه الحالة الأدوات الوحيدة التي يمتلكها، وبسبب أنه لا يمتلك المهارات اللازمة للحصول على ما يريد بطريقة معقولة، قد يتصرف سريعًا باندفاعٍ وتحدٍّ كبير.
  • الحاجة إلى مساحته: ليس لدى الأطفال الصغار فهم جيد للعلاقات المكانية، لذلك غالبًا ما سيجد طفلكِ نفسه محاصرًا في منطقة صغيرة وقريبة جدًّا من الأطفال الآخرين، وكرد فعل لذلك، سيحاول ضرب الآخرين أو عضهم في محاولة منه لإيجاد طريقة للخروج.


كيف تمنعين طفلكِ من ضرب الآخرين؟

معاقبة طفل يضرب لا يوقف الضرب، بل يزيد فقط من خوف الطفل، مما يجعل الضرب في المستقبل أكثر احتمالًا، ولكن لإيقاف الضرب مرة واحدة وإلى الأبد، يجب عليكِ معالجة المشاعر التي تدفع طفلكِ للضرب، إليك الطريقة[٣]:

  • امنعي الضرب إن أمكن، فإن كان طفلكِ غالبًا ما يضرب في المواقف الاجتماعية، فيمكنكِ التنبؤ بأن الضرب من المحتمل أن يكون في أي موقف اجتماعي، لذا عليكِ التدخل لتوفير الوقاية العادية التي يستحقها جميع الأطفال مثل الإجراءات الروتينية لمساعدة طفلكِ على الشعور بالأمان والتعاطف كرد فعل على كل ما يعبّر عنه طفلكِ، في وسيلة لتجنب الانهيارات والاندفاع، بهذه الطريقة تحافظين على طفلكِ في حالة جيدة عاطفيًّا، لذلك من غير المرجح أن يضرب أو ينتهي به الأمر في حالة من الانهيار، وعند اختلاطه مع الأطفال الآخرين ابقي قريبةً جدًّا، حتى يشعر طفلكِ بالاتصال بكِ أكثر ليشعر أنه قادر على التعامل مع المواقف مهما كانت، كما أنَّ وجودكِ بجانبه يشعره بأنه أقل عرضة للهجوم، وأيضًا ستملكين فرصة أفضل لمراقبة مزاجه، فإن لاحظتِ أنه بدأ يتوتر، اقتربي جسديًّا منه لتحجبي الطفل الآخر عنه، فوجودكِ قد يهدئه، أما إن ازداد استياؤه فيمكنكِ إبعاده قليلًا عن الأطفال الآخرين لمساعدته في السيطرة على مشاعره التي كانت ستدفعه إلى الضرب.
  • إذا ضرب طفلكِ ذكري نفسكِ بأنه يضرب لأنه خائف، وسيحتاج إلى تعاطفكِ الآن، لذا أبعديه عن الطفل الآخر لمنع المزيد من العنف، وتوجهي نحو نمذجة التنظيم الذاتي عن طريق خفض صوتكِ بوعي، والتنفس بعمق، والسيطرة على الموقف.
  • في حال عدم وجود شخص بالغ آخر لرعاية الطفل الذي أُصيب، فستحتاجين إلى حمل ذلك الطفل وتهدئته، سيمنحكِ هذا أيضًا دقيقة لتهدئة نفسكِ قبل التفاعل مع طفلكِ، حتى لا تصبي غضبكِ عليه، وعندما يهدأ الطفل المصاب، ضعي ذراعكِ حول طفلكِ وواجهي الطفل الآخر معه، واعتذري من الطفل الآخر لأن طفلكِ ضربه.
  • يمكنكِ مساعدة طفلكِ على تطوير التعاطف من خلال الإشارة إلى تأثير ضربه على الطفل الآخر، لكن جعل طفلكِ يشعر وكأنه شخص سيئ سيأتي بنتائج عكسية، فتوجيه اللوم سيؤدي إلى شعوره بالخوف الذي سيزيد من اندفاعه.
  • بدلًا من توبيخ طفلكِ وإلقاء اللوم عليه، أخرجيه من الموقف وأخبريه أن الضرب يؤلم، وأنه يحتاج لبعض الوقت كي يهدأ، وأنَّ عليه أن يكون لطيفًا ومتفهمًا، فبهذه الطريقة تتخذين إجراءات وقائية حتى تساعدي طفلكِ في مشاعره، لكنه سيواصل ضرباته بالتأكيد، لذا أبعديه عن الموقف لمنحه فرصة للبكاء أو للضحك إذ سيساعدانه على الهدوء رغم الخوف، وبمجرد مساعدته على الشعور بالأمان الكافي لتحمّل تلك الدموع والمخاوف والشعور بها، سيزول الخوف ويتوقف الضرب.
  • بعد أن تتعاملي مع مشاعر طفلكِ وتساعديه على معالجتها وتشعريه بالأمان، عليكِ إخباره عن الخطأ الذي ارتكبه حتى يتمكن من التصرف بالطريقة الصحيحة في المواقف التالية، وأخبريه أنكِ ستكونين دائمًا بجانبه لمساعدته.
  • إن كان قد انهار لأنكِ أخرجته من حالة اللعب، ذكّري نفسكِ بأنه يُظهِر لكِ كل الضغط الذي قاده إلى الضرب، ويعدّ هذا أمرًا جيدًا فكلما زادت الدموع زاد عدد المشاعر التي يفرغها وسيصبح شعوره أفضل بعد ذلك، لذا قدمي له الدفء والتعاطف أكثر من الكلمات، تحدثي فقط بما يكفي للبقاء على اتصال ومساعدته على الشعور بالأمان، لكن لا تبدئي بتحليل مشاعره.
  • حتى لو لم يبكِ طفلكِ، فإن إعادته إلى موقف اللعب أمر محفوفٌ بالمخاطر، لأنه ما زال من المرجح أن يضرب من جديد، وهنا يمكنكِ الانتقال إلى تعليمه مدى جدية الأمر، ولكن كوني على دراية بأنكِ ستحتاجين إلى إضحاكه قبل أن يعود مع الأطفال الآخرين، وإلا سيكون من المحتمل أن تكون هناك ضربات أكبر.
  • بمجرد أن تهدئي أنتِ وطفلكِ، اطلبي من طفلكِ التفكير في طرق أفضل للتعامل مع هذه المشاعر، ليتذكر ذلك في المرة القادمة التي يغضب فيها أثناء تواجده مع الأطفال، وقد تحتاجين حتى إلى الانتظار بضع ساعات لإجراء هذه المحادثة حتى تتمكني من فعل ذلك بهدوء، استمعي إليه ثم ساعديه على استكشاف البدائل، وإن كان بحاجة إلى مساعدة في التفكير في البدائل، فقدمي له بعضًا منها، ثم اجعليه يمارس هذه الاستجابات حتى تتكون لديه ذاكرة جيدة من البدائل التي يمكنه استخدامها.
  • لاحظي مشاعركِ الخاصة، إذ إن لديكِ بعض المشاعر الكبيرة حول هذا أيضًا، خاصةً إذا كان طفلكِ يضرب باستمرار، فقد يكون هناك خوف وراء غضبكِ، مثل خشيتكِ من أن يكون هناك شيء خاطئ مع طفلكِ، أو أنكِ أم سيئة، ولكن لا شيء من هذه الأمور صحيح، وعليكِ أن تدعي هذا الخوف يخرج لتكوني أكثر قدرة على مساعدة طفلكِ.


من حياتكِ لكِ

في حين أنَّ الضرب والعض نادرًا ما يكونان جديين عند الأطفال، إلا أنه يجب التخلص من هذا السلوك مبكرًا قبل أن يتحول إلى نمط ملازم له ويصبح من الصعب تصحيحه، فكل ما عليكِ فعله هو تدريب طفلكِ على سلوكٍ أفضل في المستقبل دون تقديم مكافأة قد تتسبب بالضرب والعض للاستمرار في الحصول على المكافآت، كما لا يجب عليكِ صفع طفلكِ بسبب الضرب، فإن ذلك يعزز فكرة أن الضرب جيد ويعلمه بالضبط السلوك الذي تحاولين إيقافه، بل يجب أن ينصبّ تركيزكِ على مساعدة طفلكِ على تعلم طرق إيجابية لإدارة مشاعره الكبيرة، وتجنب معاقبته أو إخباره بأنه طفل سيئ أو شقي، فهذا سيزيد من إحباطه ويزيد من احتمالية العدوان المستقبلي، بدلًا من ذلك استخدمي تقنيات إيجابية مناسبة، كما لا يجب أن تقلقي بشأن آراء الآخرين، وركزي على طفلكِ وليس على سمعتكِ أو اقتراحات الآخرين مع احترام من هم في الجوار، ولا تجبري طفلكِ على الاعتذار، بل اتركيه يهدأ ثم تحدثي عما يمكنه فعله لتصحيح الأمر أو لجعل الطرف المصاب يشعر بالتحسن، والأهم من ذلك أن لا تنزعجي وترفعي صوتكِ على طفلكِ الخائف، فالالتزام بالهدوء يعود عليكِ بنتائج أفضل[٤].


المراجع

  1. "How to stop your child from hitting"، todaysparent, Retrieved 2020-7-12. Edited.
  2. "How to Stop a Toddler from Hitting"، parents, Retrieved 2020-7-12. Edited.
  3. "10 Steps to Stop Your Child from Hitting Other Kids"، psychologytoday, Retrieved 2020-7-12. Edited.
  4. "Do’s and Don’ts to End Hitting and Biting for Good (part 1)"، positiveparentingsolutions, Retrieved 2020-7-13. Edited.

فيديو ذو صلة :